بين التأييد والرفض .."سر المعمودية"يشعل الخلاف بين الأقباط

البابا تواضروس
كتب : أحمد سعد

"إذابة الجليد" و"عودة الالحتام".. هكذا تناقلت وسائل الإعلام المختلفة، ما تم من توقيع أول وثيقة بين البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني والتي ضمت 12 بندًا، كان أبرز ما فيها هو عدم إعادة سر المعمودية الذي تم منحه ‏في كل من الكنيستين لأي شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى.

ويقضى الاتفاق باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى، حيث كانت الكنيسة المصرية لا تعترف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتلزم المسيحي الذي يتحول إليها من أي كنيسة أخرى بإعادة التعميد وفقا لطقوسها.

إلا أن الاتفاق كان بمثابة عاصفة لم يكن يتوقعها البابا تواضروس، حيث تباينت الآراء حول الاتفاق الذي تم توقيعه، فضلا عن مهاجمة بعض الأقباط للبابا، الأمر الذي دعى البعض للتنبؤ بإمكانية انقلاب الأقباط عليه في وقت لاحق.

المعمودية هي أحد الأسرار الـ7 للكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، وتمثل طقس دخول الإنسان للمسيحية. وتعد اقتداء بمعمودية المسيح في نهر الأردن، ويتمثل طقسها في أن الآباء الكهنة يغطسون الأطفال 3 مرات داخل إناء ممتلئ بالماء مرددين باسم "الأب والابن والروح القدس"، يأتي ذلك بعد تلاوة الصلوات الخاصة بالمعمودية وهي "تقديس الماء، صلاة الشكر، قانون الإيمان، صلاة تطهير الأم"، ثم "الرشم بزيت الميرون المقدس".

ورأى الجانب المؤيد للاتفاق، أنه نجح في إذابة الجليد بين الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية، بعد انشقاق دام لنحو 16 قرنا بسبب الخلافات العقائدية بين الكنيستين، إلا أن المعارضين رأوا أن يتم عقد حوار مسكوني بين الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية لاحتواء الخلافات الإيمانية بينهما والفريق الآخر يؤيدها لتشجيع فكرة توحيد الكنائس.

من جانبه يقول أحد رجال الدين الأقباط، أن الاتفاق من الصعب تحقيقه، إلا أنه يأمل في عدم إثارة الفتنة بسببه بين الأقباط، مشيرا إلى أن هناك اختلاف بين المعمودية في الأرثوذكس، إلى جانب أن مفهوم العقيدة يختلف عن بعضه مما يصعب توحيد العقائد أيضا.

وتابع في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الاتفاق يعد خطوة نحو إذابة الخلافات بين الطوائف، وهذه خطه تسير عليها الكنيسة منذ عشرات السنين خصوصا أن هذا يعتبر أمل مسيحي منذ زمن بعيد وتم اتخاذ عدد من الخطوات فيه، موضحًا أن أهم خطوة تم اتخاذها للتقارب بين الكنيستين كان توحيد قانون الإيمان المسيحي.

ويقول المستشار منصف سليمان، المستشار القانوني للكنيسة الأرثوذكسية، "علي الرغم من عدم إطلاعي علي الوثيقه إلا إنني أثق دائمًا في البابا تواضروس الثاني والأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ ودمياط والبرارى، وهذه الثقة تجعلني علي يقين بأنهم لن يفعلوا أي شيء يتنافي مع العقيدة الأرثوذكسية".

وتابع سليمان، أن هذه الوثيقة تهدف إلي تحقيق التقارب بين الطائفتين من خلال اعتراف كل كنيسة بمعمودية الأخرى.

وفي سياق متصل، أصدر قداسة البابا وسكرتارية المجمع المقدرس، بيانا توضيحيا للخلاف القائم، وتضمن، " نستنكر الأقوال الكاذبة، والإشاعات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعى، والتى صارت بلا قراءة لأي نص يخص البيان الذي سيتم توقيعه في زيارة بابا روما بخصوص المعمودية".

وتلعيقا على البيان، قال أحد الأقباط الأرثوذكس، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن البيان يدعم تنفيذ هذا الاتفاق للزواج من الكاثوليك ولتسهيل حياة المقيمين في الغرب.

وأوضح مينا أسعد أستاذ اللاهوت الدفاعي بالكنيسة الأرثوذكسية، أن توقيع البابا لأي اتفاقية على المستوى الديني هو حدث يكتب في التاريخ، لذا كان ينبغي الإعداد جيدًا لاتفاقية "سر المعمودية" بين الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية حتي لا تثير هذا الجدل واللغط بين الأقباط.

وأضاف: كنا نتمنى أن يتم التوقيع بعد جلسات حوار لاهوتي بين الكنيستين بقيادة اللجان المختصة بالمجمع المقدس كما هي العادة المؤصلة في قوانين الكنيسة.

وأوضح أسعد أنه علي الرغم من أهمية الوثيقة فإن عدم تمريرها بالخطوات التقليدية أورد فيها أخطاء كارثية– علي حد وصفه.

وقال: ذكرت الوثيقة في أحد بنودها تعبير "جسد المسيح السري" وهو تعبير مرفوض لدي الأرثوذكسية وسبق أن تناوله بالتفصيل البابا شنودة الراحل في كتابه "بدع حديثة"،هذا بالإضافة لحالة الغموض حول صيغة البيان الذي صدر عن الكنيسة الأرثوذكسية عقب الإعلان عن توقيع الوثيقة وتضارب التصريحات بشأنها.

وأكد أن طرح الكنيسة لمسألة "سر المعمودية" للحوار اللاهوتي سوف يحل مشكلة الخلافات الإيمانية في الأمور العقائدية والأحوال الشخصية وبالتالي يخدم فكرة توحيد الكنائس وتوافقها علي نحو سليم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً