رحلة 180 يوما في "برودواي مصر"

كأحد مواليد 1995، لم يكن لدي أي فكرة من قريب أو من بعيد عن تاريخ بعض الأماكن في مصر، ربما أستمع إلى أحاديث كبار السن عنها، أو يصادفنى الحظ وأقرأ في كتاب ما أو أطالع مجموعة من الصور عن تلك الأماكن، إلا أننى لم أفكر يوما في البحث وراء حقيقة ما أشاهد.

كثيرا ما تجولت وحيدا أو برفقتي أصدقائي في منطقة وسط البلد، تجذبنى تلك البنايات التي رسمت لوحة فريدة لمصر على مدار عصور طويلة، والمحلات التي أطلت على مجرى شوارعها، من خلال واجهات لعرض المنتجات ولافتات ضخمة مكتوبة بالفرنسية أو العربية بالإضافة للبنوك والسينمات والمقاهي والشوارع التى لمعت أسمائها في تاريخنا القديم، فضلا عن الحقب الزمنية المتفاوتة التي شهدتها كل معالم وسط البلد.

كان مساء الرابع من أكتوبر العام الماضي، حين تحدثت مع إحدى زميلاتي في الكلية، للتأكد من تكوين المجموعة المكلفة بتنفيذ مشروع التخرج، مرورا بالتحضير لأولى الاجتماعات لمناقشة الأفكار.

لم يخطر ببالي يوما، أن أكون مسؤولا ضمن تلك المجموعة عن تنفيذ فيلم وثائقي يعبر عن تلك المنطقة، ولكنه القدر الذي وضعنا في تحدي عصيب مدته 180 يوما لإخراج أفضل صورة ترضي رغباتنا، وتعطي هذا المكان مايستحق.

رحلة "برودواي مصر".. بدأت بأفكار مشتتة، خطوط وهمية غير محددة المعالم، وجهد متواصل، ومشاعر متباينة، الجميع يسعى لرسم صورة "لحم ودم" عن المشروع الذي ينهي سنواتنا الأربعة داخل كلية الإعلام بجامعة القاهرة.

لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق، 180 يوما بدأت بتحضير الأفكار والتركيز على اختيار أفضلها، مرورا بتحديات مرحلة البحث لتكوين أفضل المعلومات التي تساعدنا على تنفيذ الفكرة، فضلا عن مرحلة المعاينات، فكم من ساعة قضيناها في اختيار أفضل الأماكن المناسبة لفكرتنا، إلى جانب مرحلة التصوير، ورغم كل مافيها من إرهاق وضغوط و معاناة تحضير الضيوف، كانت من أكثر المراحل التي تجمعت فيها الرغبة والشغف والأمل في الوصول إلى النتيجة المطلوبة في تنفيذ الفكرة.

قبل مرحلة التصوير، كان فريق العمل ملزم بإطلاع مجموعة من لجنة التحكيم، بجانب المشرفين على المشاريع بالكلية، على ماقمنا به في المراحل السابقة، وفي هذا اليوم كانت أكثر كلمة عالقة في زهني وقتها ما قاله أغلب أعضاء فريق العمل، "مش مهم أي نتيجة نوصلها.. الأهم اننا تعبنا وعملنا إلى علينا".

"هاااااي فركش".. كان أقصى طموحنا في 180 يوم، حتى الانتهاء بشكل كامل من مرحلة التصوير، لتأتي مرحلة المونتاج والتحدي الأكبر في إنهاء الفيلم قبل موعد التسليم، والذي تمكنا من تنفيذه بالشكل الذي أردنا أن نصل إليه في يوما ما.

"برودواي مصر" لم يكن إلا حلما راود 15 فردا في العشرينات من عمرهم، لم يدخر أحد منهم جهدا في تنفيذ مهامه، ربما اختلفنا أحيانا، واتفقنا أحيانا أخرى، لكن الجميع كان حريصا على تكليل هذا الجهد الجماعي بنجاح يضاف لهذا المشروع أكثر مايضيف لنا.

تسليم المشروع، كان الخطوة قبل الأخيرة، مع انتظار يوم مهرجان مشروعات التخرج بمقر الكلية، وانتظار نتيجة التحكيم، لتنته معه رحلة تراكمت بها مشاعر 180 يوم.

"برودواي مصر" هو فيلم وثائقي يتناول الفن في شارع عماد الدين عبر الأجيال ويعرض دور المبادرات الفنية التي تحاول الحفاظ على الفن المصري عامة والفن في عماد الدين خصوصًا من خلال رؤية الشباب المُعاصرة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً