افتتح رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فايق فعاليات ورشة العمل الوطنية التي انطلقت، صباح اليوم، تحت عنوان "نحو تطوير التشريعات العقابية في ضوء الاستحقاقات الدستورية" والتي ينظمها المجلس بالشراكة مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
وقال فايق في كلمته خلال الورشة، إنها تتفاعل مع هدف كان المجلس القومي لحقوق الإنسان يسعى إلى تفعيله منذ تأسيسه، وتتزامن أيضا مع جهد تقوم به الدولة في سياق التطوير التشريعي عبر لجنة الإصلاح التشريعي التي قطعت شوطًا في عملها في سياق استحقاقات دستورية شارك المجتمع بكافة فئاته في بلورة مبادئها، وأنتجت، بإرداة حرة مجلسًا نيابيًا وضع على عاتقه إنجاز الاستحقاقات الدستورية.
وأضاف أن هناك بعض التحديات التي استخلصتها من جهد المجلس القومي لحقوق الإنسان لإنجاح هدف التطوير التشريعي، معتبرا أن بطء إجراءات التقاضي تعد على رأس التحديات التي تُعرقل العدالة الناجزة، مشيرا إلى أن عدد القضاة لا يتناسب مع كم القضايا المنظور أمامهم، إذ زادت إلى الحد الذي أثقل كاهل القضاة، وأثر على مستوى الأداء القضائي.
وأضاف أن المجلس أقر عدة توصيات لمعالجة هذه الظاهرة أبرزها: زيادة عدد القضاة، ودعم جهود تأهيلهم فنيًا، وإصلاح الأجهزة المعاونة للقضاء من خبراء وأمناء السر والمُحضرين، ورفع مستوى أدائهم وإحكام الرقابة على أعمالهم، والنظر في إنشاء شرطة قضائية تتخصص في تنفيذ الأحكام واستيفاء ما تتطلبه النيابة العامة من المحاضر التي تعرض عليها والإشراف على أماكن تنفيذ قرارات الحبس الاحتياطي.
وفي شأن المعالجة التشريعية لهذه الظاهرة، أوصى المجلس بتيسير إجراءات الإعلان بالأوراق القضائية، والحد من أسباب انقطاع سير الخصومة، واستئناف سيرها بإجراءات ميسرة، وزيادة حالات الأحكام النهائية التي لا يجوز استئنافها إما لضآلة قيمتها أو طبيعة النزاع، وتبني نظام جديد لإعداد القضية وترتيب مستندات الخصومة، وأيضا دفاعهم قبل عرضها على المحكمة، حتى لا يتكرر تأجيل نظر القضايا أمام المحكمة لمجرد إعدادها للفصل فيها، وقد يتطلب ذلك العودة إلى نظام "قاضي التحضير"، مع معالجة أسباب عدم فاعليته في الماضي.
ودعا لإيجاد وسائل بديلة لفض المنازعات قبل التوسع في نظام الأوامر الجنائية -في القضايا الجنائية- وتبني نظام الوساطة، وتفعيل نظام التحكيم في شأن المنازعات المدنية، ومعالجة إشكالات التنفيذ المتبعة بحيث ينص صراحة على عدم جواز الإشكال في تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء الاداري أمام المحاكم العادية، وكذلك يجب أن تنظر محكمة واحدة جميع إشكالات التنفيذ سواء كانت موضوعية أو شكلية حتى لا تتشتت منازعات التنفيذ في الحكم الواحد أمام عدة محاكم كما هو الحال في القانون القائم.
واعتبر رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في كلمته أن المسار التشريعي في مصر يعد من أهم التحديات، مؤكدا أن الهيئة العليا للإصلاح التشريعي تشير إلى أن مصر لديها 50 ألف تشريع تقريبًا منها 15836 تشريعا ذا أهمية، وتعاني من ترهل تشريعي، يتمثل في تزاحم التشريعات المنظمة لذات الموضوع، وذلك لقيام "مشرع" في كل عصر بإصدار تشريعات تقتضيها حاجة أملتها ظروف معينة وقتها، وعادة ما يكون ذلك على عَجل، وبمعزل عن القوانين السابق إصدارها عليه، مما يؤدي إلى تضارب النصوص المضافة مع أخرى واردة في تشريع سابق، أو تناول التنظيم على نحو مختلف دون أن تلغي كلية ما سبقها من نصوص، ووصفت المذكرة عدد التشريعات في مصر بأنه قد لا يضاهي دول فيدرالية مترامية الأطراف، ولا ربما القارة الأوروبية مجتمعة.
وقال فايق إن مصر بها عدد من القوانين التي تتحدى كل المعايير التي نص عليها الدستور أو الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر، أو المبادئ القضائية التي رسخها القضاء المصري في أحكامه، معتبرا أن هناك العديد من القوانين التي تضمن ثغرات قد تتيح بانتهاك القانون الوطني والدولي.
وأكد فايق أن تحدي الإرهاب له أثر على التوجهات التشريعية في الجوانب العقابية، حيث اضطرت الدولة إلى فرض حالة الطوارئ لمواجهة الجماعات الارهابية بعد فترة وجيزة من إنهاء حالة الطوارئ التي خضعت لها البلاد لثلاثة عقود متتالية دون انقطاع، كما جرت تعديلات قانونية تتيح محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وذلك فضلا عن استهداف القضاة ورجال النيابة العامة، جنبًا إلى جنب مع عناصر القوات المسلحة والشرطة، لإرهاب القضاة وغَل أيديهم تجاه القضايا المتعلقة بهم.