حضر الدكتور أحمد عماد الدين راضى وزير الصحة والسكان، المنتدى الوزاري العربي حول أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، والمنعقد بمقر الأمانة العامة العامة لجامعة الدول العربية.
وأعرب وزير الصحة والسكان خلال كلمته عن سعادته لحضور هذا المنتدى الهام، والذي يأتي ضمن الجهود الرامية لتوطيد أواصر الصداقة بين الشعوب العربية، لافتا إلى ثقته بما سيحظى هذا المنتدى من مناقشات وتفاهمات ستعمل على إثراء العلاقات الصحية بين الدول العربية، ومما سيصب بلا شك في مصلحة شعوبنا.
وأوضح وزير الصحة والسكان، أن المواطن يمثل رأس المال البشري للدولة وبالتالي يعتبر النهوض بصحة المواطنين ركن أساسي للتنمية المستدامة، ولذا كانت الصحة دائمًا محور اهتمام المسؤولين عن الحوكمة العالمية عند صياغة الخطط التنموية والأهداف التابعة لها، وعلى هذا الأساس كانت الأهداف المتعلقة بصحة الإنسان جزء مهم من أهداف التنمية المستدامة وإستراتيجياتها المعلنة في مؤتمر ريو+ 20 لعام 2012 والتي إنبثقت منها الأهداف الإنمائية المستدامة (SDGs) لأجندة التنمية ما بعد 2015 حيث يتضمن تعريف الهدف الثالث السعي لضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهة لجميع المواطنين.
وأضاف وزير الصحة أننا نستطيع إبراز العلاقة التي تربط مفهوم الصحة بالتنمية المستدامة، حيث يتطلب الأمر أولًا توضيح المقصود بكلا المفهومين، مشيرا الى أن ما يميز مفهوم التنمية المستدامة مبادئ حاكمة متفق عليها هي: (1) السعي لتحسين ظروف الحياة للأكثر فقرًا مع حفظ حقوق الأجيال القادمة، (2) التكامل والتناغم بين البيئة والاقتصاد والمجتمع، (3) وجود منظور طويل الأجل.
وأشار إلى أن تعريف الصحة طبقأً لمنظمة الصحة العالمية هو "الصحة هي حالة من اكتمال السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية وليس مجرد انعدام المرض أو العجز". ويحتوي مضمون هذا التعريف كما ذكر من قيبل جميع العوامل التي تؤثر في صحة المواطنين ويشمل ذلك؛ كافة المجهودات الرامية إلى توفير العلاج والدواء،و تحسين المحددات الاجتماعية، ونمط الحياة الصحية والسلوكيات، وأخيرًا وليس آخرًا النهوض بالثقافة والوعي المجتمعي بالإضافة إلى الوقاية من الأمراض.
وأكد وزير الصحة على أنه مما سبق يتضح أن القاسم المشترك بين المفهومين هو المجتمع. ويمثل الإنسان وحدة الأساس في بناء المجتمع وبينهما علاقة طردية إذا تقدم إلى الأمام تقدم المجتمع وإذا تردت حالته تردت حالة المجتمع، كما يؤكد أيضًا مفهوم الصحة على العلاقة التي تجمع بين البيئة والمجتمع والاقتصاد، حيث يدخل تحت نطاق تحسين المحددات الاجتماعية – وهي إحدى مقومات الصحة العامة- البعد البيئي الذي يتضمن من بين عوامل كثيرة مثل جودة وسلامة الموارد الطبيعية مثل المياه والهواء والتربة. أما بالنسبة للإقتصاد فالهدف الأسمى لتحسين المستدام لصحة المواطنين هو بناء مجتمع صحي قادر على إقامة علاقات اجتماعية وعلى العمل والإنتاج وبالتالي النهوض بالدولة وإقتصادها وضمان إستدامة تقدمها. وعلى هذا الأساس يتبين أن تحقيق التنمية المستدامة لا يمكنه أن يحدث بدون النهوض بصحة المواطنين أولًا.
وتابع وزير الصحة أنه من أجل هذا فقد استلهمت الخطة الاستراتيجية للصحة في جمهورية مصر العربية روحها من الدستور المصري المصدق عليه عام 2014 والذي يضع الصحة على قمة جدول الأعمال الوطني، فتبرز المادة 18 من الدستور أهمية الحق في الصحة والحصول على الخدمات الصحية عالية الجودة، وتضع المادة هدفا لقياس الاستثمار في قطاع الصحة عن طريق زيادة الانفاق الحكومي في مجال الصحة بنسبة 3% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي.
وتعتبر هذة الخطة الطموحة عنصًرا أساسيًا من عناصر استراتيجيه التنمية المستدامه 2030 والتي تشكل الإطار التنظيمي الموجه لعمل المؤسسات الحكومية وتضمن التوزيع الامثل للموارد المحدودة بكفاءة وفعالية والتي تحظى بدعم سياسي على أعلى مستوى يتمثل في السيد الرئيس شخصيًا والذي قام بإطلاق استراتيجة التنمية المستدامة مصر 2030 وأصدر أوامره للجهات التنفيذية المختلفة بأن تقوم بتطبيقها ومتابعة تنفيذ محاورها وأهدافها بشكل دوري.
ونوه وزير الصحة أنه من اجل تحقيق الأهداف الصحية الواردة بمحور الصحة ضمن استراتيجية التنمية المستدامة 2030، قامت الوزارة بإعداد خطط تنفيذية لضمان التنفيذ الفعلي للأهداف الموضوعة وحسب الاولويات الصحية، من اجل تحقيق الرؤية الصحية العامة وهي الحق في الصحه كما نص دستورنا الجديد.
ووجه الشكر لكل من ساهم في إعداد الخطة الاستراتيجية الوطنية للصحة، مشيرا الى إن إعداد هذه الأستراتيجيه هو تعزيز وترسيخ للجهود والإنجازات السابقة التي حققها القطاع الصحي، واستكمالا للجهود المبذولة من اجل التكامل بين القطاع الصحي بوزارة الصحة والقطاعات المعنية بالصحة والوزارات الأخرى لوضع أهداف محددة وواضحة حسب الامكانيات المتاحة مما يجعلها خطة واقعية وطموحة وتلبي الاحتياجات الصحية للأعوام المقبلة، وتضمن التوزيع الامثل للموارد بكفاءه وعداله وفاعليه.
وقال وزير الصحة أنه هناك محاور أومحددات للصحة وهي العوامل التي تؤثر في صحة المواطنين بالإيجاب أو بالسلب، وتتضمن هذة المحددات (1) المناخ العام الذي يؤثر على حياة الإنسان والذي يتكون من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، (2) ظروف المعيشة والعمل المرتبطة بمستوى السياسات والإستراتيجيات القومية والتي تحتوي على جوانب مثل إمكانية الحصول على خدمات صحية بجودة عالية أو مياه الشرب النقية والصرف الصحي الأمن، (3) الروابط الاجتماعية التي تدعم الصحة، (4) أنماط الحياة الفردية والتي تأخذ في الإعتبار جوانب مثل النظافة الشخصية.
وشدد وزير الصحة على أننا بحاجة للمزيد من المبادرات البناءة لجمع شمل جهود الدول الإقليمية والعالمية تحت مظلة الأمم المتحدة، مؤكدا على أن العمل الجماعي دائمًا ما يحقق نتائج أفضل خاصةً فيما يتعلق باستدامة تلك الجهود وضمان استمراريتها، قائلا "إن مصر دائمًا ترحب بتبادل الخبرات والدعم الفني والتقني في هذا الشأن من أجل تحقيق رخاء ورضا مواطنينا في مجالات الصحة المختلفة".