نشرت اليوم المفوضية المصرية للحقوق و الحريات ورقة موقف بخصوص قضية العشوائيات في مصر حيث طرحت رؤيتها الحقوقية و العمرانية لتلك القضية و أرسلتها الي عدة مختصين من بينهم رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب ورئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني بجمعية المهندسين المصرية.
وتعد قضية الإسكان العشوائي (غير المخطط) في بعض بلدان العالم تجسيدا حيا لتشوهات خطيرة في السياسات الاقتصادية والتخطيطية والعمرانية للدولة. تتفاقم الأزمة مع اهمال الحكومات وفشلها في وضع استراتيجيات سريعة لحل تلك القضية وتعديل سياساتها العامة.
وفي مصر خلقت العشوائيات فجوة عمرانية كبيرة بين المناطق المستوطنة بها (الغير مخططة) وباقي المناطق المجاورة لها (المخططة)، ناهيك عن الصراع الاجتماعي والثقافي القائم بين بعض سكان المناطق العشوائية وباقي سكان المدن، مما جعل الشارع المصري غير مستقر في نسيجه العمراني وتعاملاته اليومية.
حيث تنمو تلك المناطق العشوائية على حدود العديد من المدن، ويفتقر ساكنوها إلى أبسط حقوقهم في المستوى المعيشي الكاف وبالأخص الحق في السكن الملائم، فتكون تلك المناطق محرومة أولا من أمن الحيازة وعدم قدرة بعض سكانها على تملك الأراضي المبنى عليها سكنهم، بالإضافة إلى غياب الحماية القانونية لهم مما يعرض ساكنيها لخطر الإخلاء القسري.
كما ناقشت الورقة الخطر الناتج عن تلك المناطق من بطالة وادمان وتسول كما لفتت النظر الي محاولة بعض الأهالي مواكبة التقدم الاجتماعي والتعليمي دون التطور العمراني بالطبع، فيكون الاهتمام بتعليم أبنائهم وخلق مناخ اجتماعي مناسب لهم قدر الإمكان، ومنهم من فرض عليه الحال الاقتصادي السكن بتلك المناطق لانخفاض قيمتها العقارية عن المناطق الرسمية، فبالتالي بدأت بعض المناطق العشوائية في التحول من مناطق غير آمنة اجتماعيا إلى مناطق شبه آمنة إلا أنها متخلفة عمرانيا وبيئيا وبعضها مفتقد لأمن الحيازة.
اشارت المفوضية الي مدي تفاقم قضية العشوائيات بمصر والآليات التي اتخذتها الحكومة لحل تلك القضية، ودور صندوق تطوير المناطق العشوائية.
ثم أجرت المفوضية التحليل الرباعي لقضية العشوائيات والاستراتيجيات القومية للتعامل مع المناطق العشوائية.
حيث قامت الورقة بمناقشة عدة تجارب عالمية وكيفية التعامل مع تلك القضية بالبلدان التي تتشارك مع مصر في بعض ظروفها، ومنها “سنغافورة” و “تركيا”. انتهت الورقة الى وضع بديلين للحل مرجحة أحدهما للتعامل مع أزمة العشوائيات بمصر. سرد البديل الأول امكانية توفير الموارد لتطوير العشوائيات باستخدام آليات السوق و الاستثمار و هو البديل الأقرب للواقع بالنظر إلى امكانيات وموارد الدولة المصرية، حيث يمتلك عدة ركائز تساعد على اتيان ثمار في المدى القصير. أما البديل الثاني المرجح أن يأتي بثماره على المدى البعيد فيتركز الى التعديل في التشريعات و السياسات الاقتصادية. ولا يوجد تعارض جوهري بين البديلين سوى في فترة التنفيذ والامكانيات والموارد المتاحة.
وفي نهاية الورقة طرحت المفوضية المصرية للحقوق والحريات ثمانية عشر توصية، على مستوى السياسات الاقتصادية والتنموية للدولة، وعلى مستوى مؤسسات الدولة، ثم على مستوى التشريعات تهدف جميعها الى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية و عدالة التنمية في مصر بحيث يستفيد منها الطبقات الاكثر فقرا لتنال الحق في السكن الملائم.