أكد أحمد عزيز الباحث بآداب عين شمس أنه لا أحد يستطيع الدفاع عن صلاح الدين، هذا الاسم الذي غزا العالم الإسلامي كلَّه والعلم الغربي كالنسر العظيم، ما كُتِب عنه قديمًا وحديثًا يكاد لا يضاهيه فيه أحد، فإلى جانب ما أفرد لاسمه من الكتب، فلا يكاد كاتب يتناول الصليبي أو الفاطمي أو القرن الثاني عشر في المشرق، حتى يكون صلاح الدين هو الذي يفرض نفسه على الكاتب والقلم ويكون محورا للحديث، فمثل صلاح الدين لا يحتاج من يدافع عنه أو يضيف مجدا إلى أمجاده، لكن من المؤسف أن نجد أن شرزمة قليلة تسعى للشهرة على حسابه، والنيل من أطراف هذه الشخصية التي أضحت الرمز البطولي لأكثر من مليار مسلم اليوم، ومعروف على مر العصور أن الشجرة المثمرة هي وحدها التي تُضرب بالحجارة؟ وقصر القامة هو الذي يغري بالتطاول على العمالقة.
وأشار " عزيز " أن صلاح الدين ليس شخصية في مسرحية موجودة اليوم بيننا نحاكمها، ولكنه شخصية تاريخية مرَّت في الزمن الماضي، ومن المستحيل جرها لتعيش هذا العصر لمحاكمتها على ضوء مفاهيم هذا العصر، صلاح الدين ابن عصره في الفكر السياسي والديني وفي مطامحه وأيديولوجياته كما في نقائصه، ولا تجوز محاكمته بعد 900 سنة على ضوء المفاهيم التي نتتطارحها اليوم، ما وقع في التاريخ قد وقع، وقد تعرض صلاح الدين بقدر اجتهاده وبقدر مفهومه للسياسة، والدين في عصره، ومن العبث المضحك أن ننقل اليوم عن حاقدي الأمس البعيد ما أملاه عليهم حقدهم، ونجعل لكل عمل منه هدفًا أنانيًا وغرضًا شخصيًا، ونحكم أنه أخطأ في هذا وأصاب في ذاك.
وتسأءل عزيز الآن ما معنى أن نهجم على رمز بطولي سابق لنا فنهدمه أو نحاول هدمه بتقويم أعشى متأخر لا يأخذ في الحسبان لا العصر ولا الظروف التي انقضت، ولا واقع الصراع الحالي ، كأنما انتهينا من تقويم كل شيء، ولم يبقَ إلا هذا النصب التذكاري لتحطيمه.
وأكد الباحث أن صلاح الدين بتقاه، وبساطه فكره، وبكرمه، وبوفائه بالعهود حتى للأعداء، بمثاليته؛ نموذجًا خاصًا من رجال الحرب والسياسة، صلاح الدين في التاريخ الإسلامي أحدُ الرموز البارزة ومهما حاول " المغرضون " تحطيم الفُتات من تمثاله في النفوس، وهو نسر ضخم لا يضيره أببدًا أن تُنسل بضعُ ريشات من جناحه الممدود.