يوافق اليوم الجمعة، الـ19 من مايو، الذكري الـ52 لإعدام إيلي كوهين، الجاسوس الإسرائيلي، على يد قوات الأمن السورية عام 1965، وتعددت السيناريوهات التي رصدت قصة اكتشاف تجسس كوهين على سوريا، وتحولت قصة حياته وعمله جاسوسًا لصالح إسرائيل إلى سيناريو للفيلم الأمريكي، الجاسوس المستحيل.
ويعتبر إيلي كوهين، يهودي الأصل، ولد في الـ26 من ديسمبر عام 1924، في مدينة الإسكندرية بعد أن هاجر إليها أحد أجداده في نفس العام، وانضم إلى منظمة "الشباب اليهودي الصهيوني" في الإسكندرية، واتبع السياسة الصهيونية ضد البلاد العربية.
- حركاته للدعوة في مصر
وبعد الانتهاء من حرب 1948، اشترك كوهين مع عدد من أعضاء منظمة الشباب اليهودي الصهيوني، في دعوة اليهود المصريين إلى فلسطين، وفي عام 1949 عمل تحت قيادة "إبراهام دار"، أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود على الهجرة وتجنيد العملاء، واتخذ الجاسوس اسم "جون دارلينج" وشكل شبكة للمخابرات الإسرائيلية بمصر، نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشأت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي عام 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، وتمكن كوهين من اقناع المحققين ببراءة صفحته إلى أن خرج من مصر عام 1955، حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز الموساد ثم أعيد إلى مصر، ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التي اعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956.
- تجنيده في إسرائيل:
بعد الإفراج عنه في مصر، هاجر إلى إسرائيل عام 1957 حيث استقر به المقام محاسبًا في بعض الشركات وانقطعت صلته مع الموساد لفترة من الوقت، وعمل لفترة كمترجم في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وعقب ذلك استقال وتزوج من يهودية من أصل عراقي عام 1959، وقد رأت المخابرات الإسرائيلية في كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده في البداية لكي يعمل في مصر، ولكن المساد رأى أن أنسب مجال لنشاطه التجسسي هو دمشق، وبدأ الإعداد الدقيق لكي يقوم بدوره الجديد، ولم تكن هناك صعوبة في تدريبه علي التكلم باللهجة السورية، لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته في الإسكندرية، حيث كان طالبًا في جامعة الملك فاروق.
ومن ثم عملت المخابرات الإسرائيلية، على نشر قصة وهمية، يبدو بها كوهين سوريًا مسلمًا يحمل اسم "كامل أمين ثابت"، كما خضع للتدريب على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري، ودرس في الوقت ذاته كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة.
وفي فبراير1961، غادر كوهين إسرائيل إلى زيوريخ، ومنها حجز تذكرة سفر إلى العاصمة التشيلية سانتياغو باسم كامل أمين ثابت، ولكنه تخلف في بوينس ايرس حيث كانت هناك تسهيلات معدة، لكي يدخل الأرجنتين بدون تدقيق في شخصيته الجديدة.
ومن خلال بعض المساعدات، تم تعيين كوهين في شركة للنقل، ظل بها عام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية، كرجل أعمال سوري ناجح، واكتسب وضعا متميزًا لدي الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره رجلًا وطنيًا شديد الحماس لبلده.
- خططه التجسسية:
أعلن كوهين عام 1962، أنه قرر تصفية كل أعماله العالقة في الأرجنتين ليظل في دمشق مدعيًا حب الوطن، وبعد أقل من شهرين من استقراره في دمشق، تلقت أجهزة الاستقبال في الموساد أولى رسائله التجسسية التي لم تنقطع علي مدى ما يقرب من ثلاث سنوات، بمعدل رسالتين علي الأقل كل أسبوع، كما تمكن كوهين من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين.
- القبض على كوهين:
في عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل في دمشق، تم الكشف عن كوهين عندما كانت تمر أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السوري، حيث تم ضبط رسالة مورس وجهت من المبنى الذي يسكن، وتم اعتقاله بعد مراقبة البث الصادر من شقته.
- روايات حول اعتقال كوهين:
تعددت سيناريوهات القبض على كوهين، حيث قالت الرواية الأولى أنه كان يسكن قرب مقر السفارة الهندية بدمشق وأن العاملين بالاتصالات الهندية رصدوا إشارات لإسلكية تشوش على إشارات السفارة، وتم إبلاغ الجهات المختصة بسوريا التي تأكدت من وجود رسائل تصدر من مبنى قرب السفارة وتم رصد المصدر وبالمراقبة تم تحديد وقت الإرسال الأسبوعي للمداهمة وتم القبض عليه متلبسًا، وأعدم في ساحة المرجة وسط دمشق في 18 مايو 1965.
أما عن الرواية المصرية، فقد أكدت تقارير المخابرات المصرية أن اكتشاف الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين في سوريا عام 1965، كان بواسطة التعاون مع المخابرات السورية وفي نفس الوقت عن طريق الصدفة البحتة حيث أنه في أثناء زيارته مع قادة عسكريين في هضبة الجولان تم التقاط صور له وللقادة العسكريين معه، وعندما عرضت تلك الصور على ضباط المخابرات المصرية، تعرفوا عليه على الفور حيث أنه كان معروفًا لديهم لأنه كان متهمًا بعمليات اغتيال وتخريب عندما كان عضوًا في العصابات الصهيونية في مصر.
- كوهين في السينما:
أنتج الفيلم الأمريكي الشهير جاسوس المستحيل، سنة 1987، ببطولة جون شيا، الذي مثل دور كوهين الجاسوس الإسرائيلي، بالإضافة إلى مسلسل باب الحارة وبالتحديد في الجزء الرابع والخامس، حيث تم إضافة شخصية جديدة في المسلسل تؤدي دور جاسوس فرنسي كان يعمل في الأرجنتين وعاد للوطن ثريًا.