حالة من الارتباك تشهدها وزارة القوى العاملة خلال الفترة الأخيرة، بسبب تأخر إصدار قانون التنظيمات النقابية الذي أحالت الحكومة مشروعه إلى البرلمان يناير الماضي، في وقت كانت منظمة العمل الدولية أمهلت الحكومة المصرية سنة بدأت في يونيو الماضي لإصدار القانون وإلا جرى وضعها على قائمة الدول الأكثر انتهاكًا للعمل والمعروفة إعلاميًا بـ"القائمة السوداء".
ما زاد الأمر ارتباكًا؛ ما لاقاه مشروع قانون الحكومة من اعتراضات من قِبل النقابات المستقلة وشكواها إلى منظمة العمل الدولية، بالإضافة إلى 9 ملاحظات أرسلتها المنظمة إلى وزارة القوى العاملة لتضمينها وعلاجها في القانون ليخرج متوافق مع اتفاقيات العمل التي وقعت عليها مصر.
مؤخرًا، زار وفد من منظمة العمل الدولية؛ القاهرة في زيارة سريعة والتقت محمد سعفان وزير القوى العاملة، وأكدت كارين كورتيس مدير إدارة معايير العمل ضرورة التزام مشروع القانون بالحريات النقابية ويسمح بتشكيل أكثر من نقابة ويحقق التوازن بينها ومصالح العمال وأصحاب الأعمال.
وقال مصدر نقابي مطلع، إن اللقاء الذي حضره مدير مكتب المنظمة بالقاهرة بيتر فان غوي، استعرض شكاوى النقابات العمالية المستقلة من عدم تمثيلها في مؤتمر العمل الدولي الذي يعقد في مدينة المؤتمرات السويسرية جنيف في شهر يونيو من كل عام، وشددت "كورتيس" على ضرورة أن يكون هناك مذكرة تفاهم بين الحكومة ومنظمات العمال وأصحاب الأعمال لتظهر مصر أن أطراف عملها الثلاثة في قارب واحد، مؤكدة ضرورة تقديم أي معلومات أو تقارير جديدة قبل الثاني من يونيو 2017.
من جانبه، قال باسم حلقة الأمين العام للاتحاد المصري للنقابات المستقلة، إن الوضع في غاية الخطورة إذا لم تصدر مذكرة تفاهم من الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة، يتوافق حولها أطراف العمل الثلاثة وتتماشى مع اتفاقيات العمل التي وقعت عليها مصر وتتضمن الملاحظات التي أقرتها منظمة العمل الدولية حول مشروع القانون، فإن احتمالية وضع مصر على القائمة السوداء كبيرة جدًا.
وأضاف حلقة، لـ"أهل مصر"، أن إعداد مذكرة التفاهم وإحالتها لمجلس النواب لتضمينها في مشروع القانون المنظور حاليًا أمامه، هو المخرج الوحيد من الأزمة الحالية، متابعًا:" متمش دعوتنا للحوار بالوزارة منذ تولي محمد سعفان، ولو كانوا دعونا كانت تلاشت كل هذه المشاكل".
وحول توصيات المنظمة لوزارة القوى العاملة وتأكيدها على ضرورة صياغة مذكرة التفاهم، علّق حلقة، قائلًا: المنظمة رمت الكورة في ملعب الحكومة وعليها الآن أن تصلح ما أفسدته والمتمثلة في الكتاب الدوري لمجلس الوزراء وقرار وزارة الداخلية بحظر التعامل مع النقابات المستقلة أو اعتماد خطاباتها، مؤكدًا أن المستقلين لم يتم دعوتهم أو إطلاعهم على أي شئ يتعلق بالوثيقة حتى الآن.
ما يؤكد أن الاتجاه العام لترضية النقابات المستقلة، هو حديث محمد وهب الله الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر ووكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، خلال المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية، الذي تعهد خلاله بإجراء حوار اجتماعي شامل بالبرلمان تحضره النقابات المستقلة، وأن القانون لن يخرج إلا بتوافق أطراف الإنتاج الثلاثة عليه.
هذا إلى جانب، لقاء خاص جمع وزيرالقوى العاملة بسعد شعبان رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي، والذي يعتبر أكثر المستقلين معارضة للوزير وصاحب أكبر عدد من الشكاوى المقدمة إلى منظمة العمل الدولية من وضع الحريات النقابية في مصر، والذي أكد مراقبون أنه كان لقاءً لاستيعاب الأزمة والخروج بأقل الخسائر.
وتحفظت المنظمة، على عدد من مواد مشروع قانون التنظيمات النقابية وأكدت أن الحد الأدنى الذي حدده مشروع القانون بـ100 عامل فى المنشأة لتكوين لجنة نقابية؛ قد يقضى عمليا إلى وضع احتكارى للتمثيل النقابى بشكل يخالف الاتفاقية الدولية رقم 87، كما أن اشتراط 30 ألف عامل لإنشاء نقابة عامة، و300 ألف لتأسيس اتحاد عمالى، يترتب عليه نفس الأمر.
وانتقدت المنظمة قصر عضوية المنظمات النقابية على حاملى الجنسية المصرية الأمر الذى يتناقض مع الاتفاقية 87، مشيرة إلى ضرورة أن يكون للمنظمات النقابية الحق فى التعبير عن آرائها فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة أن القرارات الصادرة بشان اللوائح النموذجية يجب أن تشير للطبيعة الاسترشادية لها.
وشددت المنظمة على أن تحديد الدورة النقابية التى يتم حلها يتعين أن يتم وفقا للقواعد الواردة بأنظمتها الداخلية وليس من خلال نص قانونى يلزم بأن تؤول هذه الأصول إلى المستويات النقابية الأعلى، إلى جانب أنه لا تجرى الانتخابات النقابية تحت إشراف قضائى بشكل تلقائى وإنما يمكن أن يحدث ذلك الإشراف إذا طلبت المنظمات ذاتها أو إذا جرى الاعتراض على نتائج الانتخابات.
وتحفظت المنظمة على المادة الخاصة بحظر تلقى تمويلات من أى منظمة دولية، مشيرة إلى أن ذلك يتعارض مع حق المنظمات النقابية فى الاستفادة من انتماءاتها الدولية للمنظمات العمالية العالمية، وأكدت حق النقابات فى تلقى تمويل موارد أخرى شريطة أن يتسق ذلك مع أهداف المنظمة.