هل تستطيع أن تؤدي عملًا ما دون أن تكون تري ؟.. هل بوسعك أن تحلم دون أن ترى الواقع؟،و" أهل مصر" ترصد قصة سداسي كفيف بمحافظة قنا، تمردوا علي واقعهم وقرروا العمل من أجل إستكمال مسيرة حياتهم.
ثلاثي الفخار.. فأس بـ"6 عيون"
في القصة الأولي، عبد الله ومحمد وجابر، ثلاثي شقيق في مقتبل العمر، يقيمون في منطقة الحاجر بمركز الوقف شمال محافظة قنا، ولدوا مكفوفين، إلا أن الله رزقهم بنور القلب، حتي أصبحوا يعملون في زراعة الأراضي بـ"الإحساس" ونور قلوبهم، الذي يرزقهم به الله.
الثلاثي الكفيف يتحرك من المنزل وفي العمل، دون أن يسندهم أحد، ودون أن يسير معهم أي شخصًا، فهم عرفوا الطريق وحفظوها وذلك بسبب كونهم يسيرون عليها بشكل يومي، فضلًا عن كونهم يعرفون عترة تلك الطرق.في منزل صغير ايل للسقوط، مبني بالطوب اللبن بمركز الوقف، يجلس الأشقاء الثلاثة دون نعمة البصر، يحاولون التغلب علي الإعاقة التى ولدوا بها، لم يمكثوا داخل المنزل ويستسلموا لتلك الإعاقة التى جعلتهم لا يرون، فقط جعلوا من تلك الإعاقة إرادةً قوية، جعلتهم يبصرون دون أعينهم، ويعملون دون اعينهم، ويحلمون دون أعينهم.في الساعات الاولي من صباح كل يوم، وعلي مدار 10 سنوات مضت، يخرج الأشقاء الثلاثة من منزلهم، مستقلين "الحمار" ومتجهين إلى منطقة قريبة من منزلهما، ويبدأون في العمل داخل الأراضي الزراعية، وذلك مقابل أجر زهيد لا يتخطي الـ25 جنيهًا للفرد الواحد منهم، وعلي الرغم من كونهم مكفوفين، إلا انهم مبدعين في العمل، وذلك بحسب أهالي قريتهم، الذين يشيدون بهم دومًا.عبد الله عبده، البالغ من العمر 25 عامًا، الشقيق الأكبر، ولد مكفوفًا الى جانب اشقاؤه، لم يدخل المدرسة، ولم يخوض أي مرحلة دراسية طوال حياته، بدأ العمل في زراعة الأراضي الزراعية منذ قرابة 15 عامًا، وذلك عندما كان يبلغ 10 سنوات من العمر.أما محمد الشقيق الأوسط، البالغ من العمر 23 عامًا، الذي لم يخوض أي مرحلة دراسية طوال حياته ايضًا، والذي بدأ العمل في الزراعات مع شقيقه الأكبر، والذي أكد أنه لا يري بعينيه، لكنه يري عن طريق قلبه الذي يشعر بكل شئ، قائلًا "دي رؤوية قلبيه انا بشوف بقلبي وبحس بكل حاجة".أما جابر الشقيق الأصغر، البالغ من العمر 19 عامًا، والذي أصر علي خوض مراحله الدراسية والتعليمية، حتي وصل حاليًا الى طالبًا في الصف الأول الثانوي العام، ويحلم بأن يدخل الى الجامعة ويكون إعلاميًا وصحافيًا مشهورًا، مؤكدًا ان إعاقته وعدم رؤويته لشيئ بعينيه لن تعيقه.ثلاثي نقادة.. مكفوفين يعملون في صناعة الفخار
في حوش صغير بالإيجار بمركز نقادة جنوب محافظة قنا، يجلس الأشقاء الثلاثة دون نعمة البصر داخل غرفة صغيرة وأمامهم طاولة من "الطين" الذي يستخدم في صناعة الفخار يقوم بتجهيزها أحدهم متذكرًا ما كان يفعله منذ 11 عامًا قبل أن يفقد بصره، بينما يجدل الشقيقان نماذج مختلفة من الفخار في رفقة أطفالهما الذين يراقبون عن كثب حركات أيدي آبائهم وأصابعهم المتقنة، ويلبون طلباتهم في أثناء العمل. قبل نحو 35 عامًا بدأ الأشقاء كمال محمد البالغ من العمر 46 عامًا واشقاؤه حربي البالغ من العمر 39 عامًا وسعي البالغ من العمر 35 عامًا" تعلّم حرفة صناعة الفخار من والدهم، حتى قرر القدر منذ قرابة 11 عامًا أن أن يأخذ بصيرتهم، ليتغلبوا على المرض ويقرروا الاستمرار في حرفتهما بـ"الإحساس" تلك التي أتقنوها منذ الصغر على يد والدهم، أملًا في تحسين دخلهم وتغطية احتياجاتهم اليومية. الثلاثي الكفيف يعمل في تلك الصناعة منذ سنوات طويلة بمساعدة أبناؤهم وزوجاتهم، حتي اتقنوا تلك الصناعة واصبحت تمثل الصناعة لهم الرزق الاوحد وقوت يومهم الوحيد.