بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبابا فرنسيس اليوم الأربعاء أول لقاء ثنائي بينهما منذ تولي ترامب مهامه الرئاسية، وهذه الزيارة هي موضع ترقب شديد نظرا لأنهما على طرفي نقيض في عدة مواضيع.
تشكل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الفاتيكان المحطة الثالثة في رحلته الأولى إلى الخارج التي قادته إلى السعودية وإسرائيل والأراضي الفلسطينية وسيتابعها إلى بروكسل لعقد قمة مع قادة حلف الأطلسي وإلى صقلية حيث يحضر قمة مجموعة السبع،وبعد مصافحة ودية والتقاط الصور بدأ اللقاء بينهما ويرتقب أن يستمر 20 دقيقة بحضور مترجم.
ولم يحضر الكثير من الأشخاص لانتظار مرور الموكب الرئاسي على الجادة الكبرى المؤدية إلى الفاتيكان والتي عبرها الموكب بصمت كبير.
وحضر الرئيس الأمريكي برفقة زوجته ميلانيا وابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنر. وبموجب البروتوكول المعتمد في الفاتيكان ارتدت السيدة الأمريكية الأولى وابنة الرئيس ملابس سوداء ووضعتا وشاحا أسود على الرأس.
أول لقاء بين الملياردير وبابا الفقراء
ويكتشف دونالد ترامب، زعيم أكبر قوة دولية، أصغر دولة في العالم وعلى رأسها البابا فرنسيس الذي يعتنق أفكارا على طرفي نقيض في أغلب الأحيان مع طروحات الرئيس الأمريكي.
وتبدو المواضيع الخلافية كثيرة بين "الملياردير" و"بابا الفقراء"، من إقامة الحواجز في وجه الهجرة إلى الليبرالية الاقتصادية، لكن الرجلين قد يختاران التركيز على النقاط المشتركة بينهما، مثل التشدد في مكافحة الإجهاض.
كما أن ترامب أجاز للشركات أن ترفض تمويل نفقات منع الحمل لموظفيها، وجمد تمويل منظمات غير حكومية دولية تؤيد الإجهاض، وعين قاضيا محافظا متشددا معروفاً بمواقفه المعارضة للإجهاض في المحكمة العليا.
وهذا ما يحظى بتأييد الكاثوليك المحافظين الذين يشكلون قسما كبيرا من الناخبين الأمريكيين، إضافة إلى تأييد البابا فرنسيس.
فبالرغم من وصفه بأنه "ثوري"، يبقى البابا الأرجنتيني حارسًا للتقاليد في المسائل الأخلاقية، وقد عارض مؤخرا الأبحاث العلمية حول الأجنة البشرية.
وقال مستشار البيت الأبيض للأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر "هذه الزيارة تاريخية فعلا، لم يسبق لأي رئيس أن زار مراكز الديانات اليهودية والمسيحية والمسلمة ومواقعها المقدسة في رحلة واحدة.،ما يحاول الرئيس ترامب القيام به هو توحيد الشعوب من جميع الديانات حول رؤية مشتركة تقوم على السلام والتقدم والازدهار".
وبعد اللقاء، ينصرف البابا فرنسيس لعقد جلسته الأسبوعية الاعتيادية كما في كل يوم أربعاء أمام آلاف المؤمنين في ساحة القديس بطرس، فيما يقوم ترامب بزيارة خاصة إلى كنيسة سيستينا المزخرفة بجداريات من روائع مايكل أنجيلو، وكاتدرائية القديس بطرس حيث المذبح البابوي تعلوه مظلة النحات برنيني.
وبعدها يلتقي ترامب رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني، فيما تقوم زوجته ميلانيا بزيارة أطفال مرضى في مستشفى "بامبينو جيزو"، وتتوجه ابنته ومستشارته إيفانكا إلى جمعية سانتيجيديو الكاثوليكية للتطرق إلى موضوع مكافحة الاتجار بالمهاجرين.
"البحث عن أبواب"
كما اتجه الرئيس الأمريكي إلى بروكسل حيث سيلتقي ترامب ملك بلجيكا ورئيس الوزراء.
وقال البابا فرنسيس قبل عشرة أيام بشأن زيارة ترامب "سأعبر عن أفكاري، وسيعبر هو عن أفكاره"، مؤكدا أنه "لا يحكم أبدا على شخص بدون الاستماع إليه".
وترددت تساؤلات عما إذا كان البابا المعارض بشدة لانتشار الأسلحة، سيتطرق إلى عقود الأسلحة بقيمة 110 مليارات دولار التي وقعت السبت مع السعودية في الرياض.
إلا أن البابا أعلن مسبقا عن موقفه حيال ترامب، مؤكدا أنه يعتزم "البحث عن الأبواب المفتوحة قليلا على الأقل" و"التطرق إلى المسائل المشتركة" من أجل المضي قدما.
وهذا الحرص الشديد الذي يبديه الفاتيكان في خطابه بعيد كل البعد عن النقد اللاذع الذي وجهه البابا إلى ترامب في شباط/فبراير 2016 في وقت كان لا يزال مرشحًا للانتخابات التمهيدية الجمهورية، حين قال ردا على سؤال ومن غير أن يذكر رجل الأعمال الثري أن "شخصا يريد بناء جدران وليس جسورا ليس مسيحيا".
واعتبر ترامب في حينه من "المعيب" أن يقوم رجل دين "بالتشكيك في إيمان شخص"، من غير أن يتخلى عن مشروعه لبناء جدار على طول الحدود مع المكسيك.
وعند أداء ترامب اليمين الدستورية في يناير، صلى البابا من أجل أن تكون قراراته نابعة من "حرص على الفقراء والمهمشين"، غير أن البيت الأبيض كشف الثلاثاء عن مشروع ميزانية للعام 2018 ينص على اقتطاعات من الضمان الصحي والبرامج الاجتماعية.
ولا يتوقع جوشوا ماكيلوي الخبير الأمريكي في شؤون الفاتيكان في صحيفة "ناشونال كاثوليك ريبورتر" سوى "القليل مكن المكاسب" جراء هذا اللقاء الذي تقرر في اللحظة الأخيرة بين رجلين على طرفي نقيض، وكأنه مجرد محطة لا بد منها في طريق الرئيس الأمريكي إلى قمة مجموعة السبع في صقلية.