لم تمر ساعات قلائل على تصريحات أمير قطر تميم بن حمد آل
ثاني، التي قامت ببثها وكالة الأبناء القطرية "قنا" والمتعلقة بخلافة مع
الدول العربية، وعلاقة بلاده بإيران، إلا وسرعان ما آتت نتائجها المتمثلة في حجب
القنوات والمواقع القطرية بالعديد من الدول العربية كالسعودية والإمارات.
ذكر موقع "العربية.نت"، أن الجهات
المختصة في السعودية، حجبت مواقع قنوات الجزيرة القطرية، ومواقع الصحف القطرية،
وذلك بسبب تصريحات أمير قطر، أمس الثلاثاء، التي نقلتها وكالة الأنباء القطرية
"قنا"، ومواقف الدوحة من دعم الجماعات المتطرفة، والتحريض على الأحداث
في البحرين.
إلا أن الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، مدير
مكتب الاتصال الحكومي في قطر، قال إن "موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا) قد
تم اختراقه، ونسب تصريحا مفبركا لأمير البلاد، مشيرًا إلى أن الجهات المختصة بدولة
قطر ستباشر التحقيق في هذا الأمر؛ لبيان ومحاسبة كل من قام بهذا الفعل الذي وصفه
بـ"المُشين".
الحجب بدابة الانعزال
لم تكن السعودية بمفردها التي اتخذت قرارًا بحجب المواقع
والصحف القطرية، وإنما لحقت بها الإمارات أيضًا، إذ قالت هيئة الاتصالات التابعة لها، في
التنويه الذي يظهر للمستخدمين، إن محتويات الموقع تم تصنيفها ضمن المحتويات
المحظورة التي لا تتطابق مع معايير الهيئة، وذلك بحسب "الجزيرة. نت".
من جانبه
قال
الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، إن
تصريحات "تميم" غير المسئولة جعلت بلاده منعزلة عن باقي الدول العربية،
مشيرًا إلى أن البداية كانت بحجب القنوات والمواقع التابعة له وهو ما يعكس أمير مدى
خطورة المأزق الذي تواجهه دولته مع الدول العربية والقوى الكبرى التي توترت معها
العلاقات على كافة الأصعدة.
لفت أبوطالب، لـ"أهل مصر"، إلى أن الأمر لم يعد متوقفًا
عند حد منع القنوات وحجب المواقع والصحف الإخبارية، وإنما امتد قيام وسائل إعلام
أمريكية بمطالبة ترامب بمعاقبة قطر؛ بسبب دورها الداعم للإرهاب وتمويله.
أوضح مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن قطر أصبحت تعيش في
مأزق كبير مع الدول الأخرى بما فيهم أمريكا ومن الواضح أنها بدأت تستشعر المسافة
البعيدة التي تفصلها عن أقرانها في مجلس التعاون الخليجي فالسعودية ليست متجاوبة
مع توجهاتها في العديد من المواقف والقضايا ومنها الموقف من جماعة "الإخوان
المسلمين" التي مازالت تحمي عناصر منها مطلوبة للأمن المصري.
قطر تناقض نفسها
جاءت تصريحات أمير قطر، بعد أربعة أيام فقط من شكوى بلاده علنًا من
أنها كانت هدفًا لسيل من الانتقادات المنسقة من جانب أطراف غير معروفة قبيل زيارة
ترامب، تزعم أن الدوحة تدعم جماعات إرهابية في الشرق الأوسط، مستندين في ذلك إلى
اللقاءات التليفزيونية التي أجرتها قناة "الجزيرة" مع قيادات الجماعات
المسلحة في سوريا.
في هذا السياق، قال النائب يحيي كدواني، وكيل
لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن حجب قنوات مثل "الجزيرة"، بات
أمرًا طبيعيًا في أي دولة في العالم؛ نظرًا لأنها تدعم الجماعات التي وصفها
بـ"الإرهابية"، مدللًا على ذلك اللقاءات التي أجرتها مع جماعات متشددة،
فضلًا عن تصوريها لبعض العمليات المسلحة في سوريا.
اعتبر كدواني، لـ"أهل مصر"، أن اعتراف
أمير دولة قطر بتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة "دليل
واضح" على ما اسماه بـ"الفضيحة" بدعم التنظيمات الإرهابية.
أوضح وكيل لجنة الدفاع والأمن والقومي، أن
رؤية قطر تختلف عن موافق الدول العربية تجاه الأزمات في المنطقة، مشيرًا إلى أنها
تدعم الصراع في سوريا وليبيا، وتستخدم الدبلوماسية الدولارية في الحصول على تأييد
جبهات للتأجيج الصراع.
تاريخ مشوه لـ"الجزيرة"
لم تكن
المرة الأولى التي حُجبت قنوات الجزيرة داخل دول عربية، فسبق لها أن أُغلق مكتبها
داخل العراق، بالتزامن مع الغزو الأميركي لها عام 2003، بالإضافة إلى مصر التي اتخذت
القرار ذاته في أعقاب سقوط نظام جماعة "الإخوان المسلمين"، في يونيه
2013.
على
الصعيد ذاته، قالت الدكتورة منى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية،
إن سياسة قناة "الجزيرة" لا تعبر سوى عن سياسة الأسرة الحاكمة في قطر،
والمتمثلة في محاولة خلق الفوضى في البلدان العربية؛ لتكون الفرصة سانحة لهم
لتوسيع نفوذهم في المنطقة.
أشارت
بكر، لـ"أهل مصر"، إلى قطر تتعمد إثارة الدول العربية من خلال هذه
القنوات التي لا تتوقف عن بث الفتن والكراهية على شاشتها ليل نهار، وذلك بالرغم من
الانتقادات والإدانات التي وُجهت له مرارًا وتكرارًا، مستبعدة أن تكون الوكالة
الرسمية لقطر تم اختراقها؛ كما تدعي الدوحة.
في سياق
متصل أشادت أستاذ العلوم السياسية، بقرار السعودية والإمارات المتعلق بحجب القنوات
والمواقع القطرية هناك، معتبرة ذلك بمثابة "بداية" لوأد الفتنة والقضاء
على الإرهاب في منطقة "الشرق الأوسط".