"الدربوكة"!!

الطبلة "الدربوكة" وهي آلة إيقاع موسيقية مصنوعة من جسم فخار ومسدودة بالجلد، كانت وماتزال رمزا لإحياء الأفراح التي تمتد لأشهر في قريتنا الصغيرة "مش على الخريطة" على الأطراف المترامية من محافظة سوهاج بصعيد مصر.

دأبت كثيرا على إجادة فن التطبيل، رغم محاولاتي المتكررة إلا أن جميعا باء بالفشل، لعدم امتلاك الموهبة من جانب، ومطاردات أهلي من جانب آخر، وعدم اقتناعه بحاملي هذه الموهبة، وترديد عبارة : "الراجل راجل .. إنما الطبل شغل حريم".

اتخذت من نصيحة الأهل منطلقا لترسيخ قاعدة أعمل بها ما حييت، تنقلت بين المراحل التعليمية المختلفة مرورا بالمرحلة الإبتدائية حتى التخرج من الجامعة، ولم أستطع أمارس فن التطبيل، رغم شدة احتياجي إليه في كل المراحل الحياتية، وما يثير حفظتي وامتعاضي للمطلبين، الذي يحظون بشهرة واسعة ونيل أمانيهم.

فقري بالموهبة وبعدي عنها، جعلني اعتمد كثيرا على ذاتي، في مواجهة متاعب المهن الشاقة التي مارستها خلال الأجازات الصيفية، فالجهد الذهني والقوة البدينة القوام الأساسي لشغلانتي "المقاولات"، والتي تكبدني المشقة والتعب، فبقدر اعتمادها على الجهد العضلي، فمن الصعب الاستغناء عن تشغيل "مخك" في أغلب الأحيان، رافضا سلك طريقا مغايرا يريحني ذهنيا وبدنيا.

التحقت بالعمل الإعلامي، وجدت أن موهبة التطبيل سمة أساسية وشرط أساسي، لتصبح إعلاميا بارز وصحفي شاطر، وأيقنت أيضا أن المطبلاتي لا يقتصر إجادة التطبيل فقط، إنما التطبيل علم له مدارس مختلفة، ويجب أن تدرس بالمدارس، وهي فرصة يمكن استغلالها خلال عزم وزير التربية والتعليم على تغيير المناهج وتطوير العملية، وأطالب بإضافة مادة "فن التطبيل" إلى المقررات الدراسية.

رغم إدراكي التام، أن إجادة فن التطبيل هي أقصر الطرق للوصل إلى أعلى المناصب، فهي المعيار الأول والأخير في مهنتا واعتقد بقية المهن الآخرى، لا تزال المعاناة تلاحقني، ونصيحة الأهل تلازمني بعدم الإقتراب لهذه الفن، فضلا عن عدم امتلاكي المقومات الأساسية لحمل الطبلة، فعزفي عليها سيكون قاسيا، فيداي ثقيلتان، بمجرد النقر عليها يتم خرقها.

تعرضت في حياتي لكثير من المطبلاتية، وعرفت الكثير من الأشخاص ذوي موهبة نادرة في فن التطبيل، ومع تعاقب الأيام والليالي والأشهر والسنون، حققوا مبتغاهم، ودللوا على على قاعدة "التطبيل طريقك إلى المجد".

وتبلور في ذهني أبرز الصفات التي يمتلكها المطبلاتيه، فإذا أردت أن تتوخى الحذر وفضح أمرهم منذ البداية، فعليك إتباع الخطوات التالية :

1_ في البداية يكون مخادعا وملاوعا، تبدو للناس كأنك ملاكا يسير على الأرض، ولا تظهر سوى الجانب البشوش من شخصك "القذر"، حتى تحظى بثقة من حولك، وتتقرب منهما كثيرا، ومن ثم تحصل عل معلومات تدينهم لاحقا.

2_ دائما ما تجده كثير الكلام عن العفة والشرف وهما صفتان لا تنطبقان معه شخصه، كاستحالة دمج الزيت والماء أو كصعوبة القوة المغناطسة عند التقاء المتشابهان يتنافران، وفي الآخر يطلع حرامي.

3_ نذل والندالة تجري في عروقه مجرى الدم "مالوش عزيز"، يبيع ابوه في لحظه، لواختلف مع أعز أصدقائه، لو اعتبرنا وجود أصقاء في حياته، يجيب القديم والجديد "يفرش الملايه"، ويفضح أسراره .. هكذا يحدث، وعلى يدي بصوت "فؤاد المهندس"

4_ ينافق وينافق ثم ينافق رئيسه في العمل سواء المباشر أو غير المباشر، يحب ما يحب رئيس ويكره ما يكرهه رئيسه، لديه القدرة على الثناء والذم على شئ واحدا، تحسبا لتغير المزاج العام لرئيسه.

كل ما أريد أن أوجهه للمطبلاتي، " أنت متخيل شكلك أيه قدام الناس ؟ .. هل تعيش هنيئا في حياتك؟، هل متقبل لذاتك بهذه الصورة ؟، هل تذهب إلى فراشك وتنام بضمير مرتاح؟

أسوأ ما في شخص المطبلاتي، إنه يعتقد أن ما حققه من وصول لمناصب أو حصول على أموال، استحقها عن جدارة واستحقاق بفضل مجهود شخصي، والأسوأ أن إيمانه بهذا المبدئ والطريقة والأسلوب لكي يحافظ على منظومة أو كيان أو يبتغي بها وجه الله تعالى وفي سبيل حب الوطن وترابه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة الزمالك والمصري البورسعيدي (0-1) في الدوري المصري اليوم | المصري يتقدم