المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق: "سوء الإدارة" يحكم قطاع الطاقة

أسامة كمال

ننتج 7200 ألف برميل بترول يوميًا.. ومنظومة الدعم "فاشلة"

المواطن مطالب بدفع ثمن استهلاكه.. و"مفيش حاجة اسمها الدولة تدفع"

الدعم وصل 80 مليار جنيه في 2010 وقفز لـ 130 ملياراً في عامين

7 ملايين تكييف و3 ملايين سيارة دخلت مصر مؤخراً.. وجنون الاستهلاك أصاب المصريين

* نبذة عن حياته 

أحد أهم رجال البترول في مصر، التحق بالعمل في المكتب الفني لوزير الصناعة الأسبق، مصطفى الرفاعي، عند بدء تأسيسه شركة "إنبي" سنة 1978، بهدف إيجاد كيان مصري ينافس الشركات الهندسية العالمية، في مجال التصميمات للمنشآت البترولية والغاز والبتروكيماويات، مثل "بكتل" الأمريكية و"إيجيب" الإيطالية، تقلد العديد من المناصب في قطاعات البترول المختلفة، بدءًا من مدير مشروعات بشركة "إنبي"، ثم مساعد لرئيس شركة "بتروجت"، ونائب لرئيس الشركة للتخطيط والمشروعات، وعضو مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، ثم رئيس لمجلس الإدارة، والعضو المنتدب لشركة "موبكو"، ليتولى بعدها منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، وأخيرًا توليه وزارة للبترول والثروة المعدنية في أحلك الظروف التي مرت عليها مصر عقب ثورة يناير.. هو المهندس أسامة كمال، الذي حاورناه عن مستقبل البترول والثروات المعدنية في مصر، وأشياء أخرى..

* أزمة الوقود التي تواجه البلاد ما أسبابها؟

- مفهوم أزمة الطاقة هو عدم وجود الطاقة الكافية لجميع

أنواع التنمية، بمعني إذا أردت أن أعمل في الصناعة ولم تتوافر لدي الكمية المناسبة

من البترول، فهذا يعني وجود أزمة طاقة، أو وجود مناطق لا تصل إليها الكهرباء أو

الوقود، فهذا أيضًا يعبر عن أزمة الطاقة، أما إذا توافرت المادة ولكن بسعر مرتفع

أو سعر جبري لتباع في السوق السوداء فهذا لا يعني أزمة طاقة، لكنه يعني أزمة إدارة.*هل توجد أزمات طاقة في العالم؟

- من الطبيعي ألا تكون هناك أزمات وقود في العالم،

والدليل على ذلك، هناك بلاد مثل كوريا واليابان والهند، حيث يتمثل فيها نموذجان،

فنجد أن كوريا واليابان ليست لديهما أي مصادر طاقة، بل تقومان باستيراد كل

احتياجاتهما من الطاقة، كما قامتا بطرق تنمية للمصادر المتوفرة لديهما، فمثلًا في

مجال الطاقة الكهربية تعتمدان على كل أنواع الوقود المتوافرة، سواء وقود نووي أو

فحم أو وقود بترولي، لتوليد الطاقة الكهربية، وإذا تحدثنا عن الطاقة البترولية

اللازمة لنواحي الحياة، فبدأتا بعمل تنمية لوسائل الطاقة اللازمة لذلك، فهناك

وسائل نقل تعمل على البنزين أو السولار، وأخري تعمل بالاثنين معًا، ومؤخرًا هناك

وسائل تعمل بالطاقة الكهربية، وهذا يعني أنه لا يتم الاعتماد على نوع وقود واحد.*ما علاقة الطاقة بالتنمية إذًا؟

 - ظهرت الآن وسيلة طاقة أخري في اليابان تعمل بغاز

الهيدروجين عن طريق استخلاص الكمية المطلوبة من غاز الهيدروجين في الهواء اللازمة

لإنتاج الطاقة، وكل صورة من صور هذه الطاقات لديها طرق تكنولوجية معينة للتعامل

معها، والحرص على معرفتها بطريقة صحيحة، أما الهند فتعداد سكانها 1300 مليون نسمة،

وتنتج 50 ألف برميل بترول في اليوم فقط، ومع ذلك تستورد الوقود من جميع أنحاء

العالم، وبالرغم من ذلك قفزت اقتصاديًا من المركز السابع عالميًا عام 2015 إلى

المركز الخامس عام 2016 بحوالي ناتج قومي يصل إلى 8 تريليونات دولار سنويًا.

*وماذا

عن الأمر في مصر؟

- إذا نظرنا إلى مصر فهي بلد عدد سكانه يشابه عدد سكان

كوريا واليابان، حيث بلغ 90 مليون نسمة، وإنتاجها من البترول 7200 ألف برميل بترول يوميًا، لكن لديها كل المتناقضات، منها النقص في إمدادات

الوقود المستهلك في الكهرباء، في حين أن الكهرباء تعتمد على الوقود البترولي بنسبة

93%، مع عدم وجود مزيج من الطاقة، مثلما في الهند وكوريا واليابان، وظهور مشاكل

موسمية تظهر في السولار والبوتاجاز، فنجد أنه في الأشهر الشتوية تحدث أزمة بوتاجاز

نتيجة مزارع الدجاج وقمائن الطوب، ومع بداية الربيع تظهر أزمة السولار مع موسم

حصاد محصول القمح، وبالرغم من وجود تلك الأزمات لا تختفي السلع من الأسواق تمامًا،

لكنها تتوافر بسعر مختلف، فنري ارتفاعًا ملحوظًا في ثمنها، حيث تصل أنبوبة

البوتاجاز إلى 70 أو 80 جنيهًا في محافظات الصعيد، وبعض المناطق في الوجه البحري،

ونفس المنظومة في سعر السولار.

* ما

احتياجات مصر للعبور من تلك الأزمة؟

- نحن نحتاج إلى سياسة للطاقة في مصر، تنظر إلى كيفية

إدارة موارد الطاقة، ووضع أولويات لاستخدامها، فمثلًا الأب لديه أولاد تعشق

الشوكولاتة، فهل يجوز أن يشتري لهم بكل راتبه شوكولاتة ويهمل باقي احتياجات

المعيشة؟، هذا ما يحدث في استخدام الدولة لموارد الطاقة، حيث قامت بتركيز كل

اهتماماتها في الوقود، وإعطائه النصيب الأكبر من الدعم، في حين أن هناك أولويات

أخري يحتاجها المواطن في حياته.* هل يجوز توفير الدعم لجميع الشعب بتلك الصورة؟

- نعم يجوز، ولكن توصلنا إلى إحصائيات تفيد بأن هناك دعم

السلع غيرالمرشّد، 80 % منه يذهب لـ 20% فقط من الناس، وباقي قيمة الدعم توزع على

أغلبية الـ 80% من الناس، وهذا لا يمثل عدالة اجتماعية، حيث إن هناك من يمتلك عدة

ممتلكات تستهلك كمية عالية من الكهرباء، فمثلًا تستهلك حوالي 5000 كيلو وات كهرباء

شهريًا، تكلفة الكيلو واحد من الكهرباء يحتاج حوالي 120 جنيهًا، والذي يصل سعره

النهائي بعد التعديلات الصناعية له إلى حوالي 225، وأعلي فئة في الدعم يصل إلى

جنيه، فعند حساب استهلاك الـ 5000 وات قبل الدعم بحوالي 13000 جنيه، وبعد تطبيق

الدعم يتم دفع 5000 أي تم توفير حوالي 7000 جنيه، في حين أن هناك أشخاصًا في

المحافظات لا يتعدي استهلاكهم 120 وات، ويتم دعم الدولة لهم بحوالي 120 جنيهًا،

فهذا لا يعتبر عدلًا في توزيع قيمة الدعم، لأن ذلك يعني دعم سلع وليس دعم الأشخاص

المستحقين للدعم. ونقيس علي ذلك كل صور دعم الطاقة، من بترول وباقي صور الطاقة.* هل ذلك النظام متبع في كل

دول العالم أم في مصر فقط؟

- نحن نتحدث الآن عن مصر،

يجب أن نمرّ بسلسلة من الإجراءات، ننشئ فيها قواعد للبيانات، من خلالها نحدد جميع

المستهلكين للتعرف علي من يستحق الدعم، وستكون هناك فئات من خلال قاعدة بيانات

نعرف من خلالها المستهلكين، ومن الذي يستحق الدعم.

* لكن لماذا يطبق هذا الآن

ولم يطبق في السابق؟

- لأن الاستهلاك زاد بشكل

جنوني ولم نضطر أن نستورد بأسعار الدولارالحالية.. 2005 كان الإنتاج من الوقود

يكفي لاستهلاكنا المحلي ونقوم بتصديره، في 2010 كنا ندعم البترول بحوالي 80

مليارًا، وفي 2012 الدعم وصل 130 مليارًا.

* أين الـ50 مليارًا الفارق..

أنا كمواطن استهلاكي لم يزد؟

بل زاد، لدينا زيادة

استهلاك كهرباء في الشتاء 23 جيجا وات وفي الصيف 30 جيجا وات، وهناك 7 ملايين

تكييف دخلت مصر في الفترة الماضية، وهناك 2 أو 3 ملايين سيارة دخلت مصر قريبًا ،

فضلًا عن الرفاهيات مثل " البيتش باجي" والملاهي التي تعمل 24 ساعة، كما

أن هناك بدعة جديدة في رمضان، وهى عمل التكييفات طوال اليوم تقريبا بحجة العبادة،

ولا يقتصر التشغيل على أوقات الصلاة، بل أيضًا يظل الأفراد داخل المساجد طوال

اليوم، كما أن لدينا 5 ملايين توك توك.

* لايوجد مواطن يستطيع التخلي

عن التزاماته، أليس من واجب الحكومة خلق فرص وموارد جديدة؟

- لابد أن يدفع المواطن ثمن

استهلاكه، لا يوجد شىء اسمه "الدولة هتدفع"، لماذا اعتاد المواطن على

سياسة شركات الاتصال في المكالمات، ولا يريد أن يعوّد نفسه علي الدعم الجديد، ودفع

استهلاكه من الكهرباء؟!

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً