حكايات الحركات الإسلامية.. رحلة "حماس" من المقاومة لـ"القبول بالهدنة"

بعدما استطاع حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، من نشر أفكاره في ربوع جميع محافظات مصر، بدأت الجماعة في الاستقواء بأفرع لها خارج مصر، من خلال تأسيس عدد من الحركات، على رأسهم حركة المقاومة الإسلامية المعروفة اختصارا باسم "حماس" والتي أسسها الشيخ أحمد ياسين مع بعض عناصر الإخوان من العاملين في الساحة الفلسطينية مثل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهار وغيرهما.

وكان الإعلان الأول لحركة حماس عام 1987، لكن وجودها تحت مسميات أخرى في فلسطين يرجع إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر نفسها امتدادا لجماعة الإخوان التي تأسست في مصر عام 1928، وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي".

- أفكار الحركة:

لا تؤمن حماس بأي حق لليهود في فلسطين، وتعمل على طردهم منها، ولا تمانع في القبول مؤقتا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967 ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية. وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود". وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي. وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.

وتعتقد حماس بخطأ المسيرة السلمية التي سار فيها العرب بعد مؤتمر مدريد عام 1991، وتعتبر اتفاق أوسلو (عام 1993) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطا واعترافا لإسرائيل بحقها في الوجود داخل فلسطين لذا وجبت مقاومته.

- العمل المسلح:

يمثل العمل العسكري لدى حركة حماس توجها إستراتيجيا كما تقول لمواجهة "المشروع الصهيوني في ظل غياب المشروع التحرري العربي والإسلامي الشامل"، وتؤمن بأن هذا العمل وسيلة للإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة حتى تحقق أغراضها وللحيلولة دون التمدد "الصهيوني التوسعي في العالمين العربي والإسلامي". وتعتبر حماس أنها ليست على خلاف مع اليهود لأنهم مخالفون لها في العقيدة ولكنها على خلاف معهم لأنهم يحتلون فلسطين.

وقامت حماس بالعديد من العمليات العسكرية عن طريق جناحها العسكري المسمى "كتائب عز الدين القسَّام" وأثارت عملياتها الفدائية جدلًا دوليًا انعكس على الداخل الفلسطيني. وتقوم حماس بدور أساسي في انتفاضة الأقصى التي بدأت في سبتمبر 2000 ولا تزال مستمرة حتى الآن، كما كانت المحرك الرئيسي للانتفاضة الأولى في عام 1987.

- الموقف من سلطة الحكم الذاتي:

ترى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن إسرائيل وافقت على "سلطة الحكم الذاتي" والمجيء بها إلى فلسطين وتدعيمها بأكثر من 40 ألفا من رجال الشرطة والأمن لتفرض على السلطة مجموعة من الالتزامات، أهمها ضرب المقاومة "والاختباء خلف ستار الحكم الذاتي". وعلى الرغم من أن العلاقة بين الطرفين غالبًا ما تنتكس وتقوم السلطة الفلسطينية أحيانًا بحملات اعتقال لأفراد حماس وغيرهم، فإن الحوار بينهما قلما ينقطع.

- على القائمة الأميركية للإرهاب:

وضعت الولايات المتحدة الأميركية حماس على قائمتها للإرهاب معتبرة ما تقوم بها داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي عملا إرهابيًا. ومن ثم أعطت بهذه القائمة الضوء الأخضر للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتخلص منها بوسائلها الخاصة التي منها الاغتيال والتصفية الجسدية المباشرة لقادتها وكوادرها.

كما أنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف الشهر الحالي، أعلنها وبكل قوة خلال كلمته بالقمة العربية الاسلامية الأمريكية بالسعوية بأن حماس منظمة ارهابية.

- الوثيقة الجديدة:

وفي بداية مايو الجاري، أعلن رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل وثيقة سياسية جديدة للحركة، التي بموجبها ستؤيد إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. وأبرز ما جاء فيها:

- أرضُ فلسطين:

ترى حماس أن فلسطين بحدودها من نهر الأردن شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، ومن رأس الناقورة شمالًا إلى أمّ الرشراش جنوبًا وحدة إقليمية لا تتجزّأ، وهي أرضُ الشعب الفلسطيني ووطنُه. وإنَّ طردَ الشعب الفلسطيني وتشريدَه من أرضه، وإقامة كيانٍ صهيونيّ عليها، لا يلغي حقَّ الشعب الفلسطيني في كامل أرضه، ولا ينشىءُ أي حق للكيان الصهيوني الغاصب فيها.

- القدس:

القدس عاصمة فلسطين، ولها مكانتها الدينية والتاريخية والحضارية، عربيًا وإسلاميًا وإنسانيًا؛ وجميع مقدساتها الإسلامية والمسيحية، هي حقّ ثابت للشعب الفلسطيني والأمَّة العربية والإسلامية، ولا تنازل عنها ولا تفريط بأيّ جزء منها؛ وإنَّ كلّ إجراءات الاحتلال في القدس من تهويدٍ واستيطانٍ وتزوير للحقائقِ وطمس للمعالمِ منعدمة، والمسجد الأقصى المبارك حق خالص لشعبنا وأمتنا، وليس للاحتلال أي حق فيه، وإن مخططاته وإجراءاته ومحاولاته لتهويد الأقصى وتقسيمه باطلة ولا شرعية لها.

- الموقف من الاحتلال والتسوية السياسية:

يُعدُّ منعدمًا كلٌّ من تصريح "بلفور"، وصكّ الانتداب البريطاني على فلسطين، وقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وكلّ ما ترتّب عليها أو ماثلها من قرارات وإجراءات؛ وإنَّ قيام "إسرائيل" باطلٌ من أساسه، وهو مناقضٌ لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولإرادته وإرادة الأمة، ولحقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية، وفي مقدّمتها حقّ تقرير المصير.

- المقاومة والتحرير:

تعتبر حماس أنَّ تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وواجب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة، وهو أيضًا مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل. وإنَّ دوائر العمل لفلسطين سواء كانت وطنية أم عربية أم إسلامية أم إنسانية هي دوائر متكاملة متناغمة، لا تعارض بينها.

- القائد الحالي

وفي منتصف فبراير الماضي، أجرت الحركة انتخابات داخلية، وأسفرت المعتقل السابق في السجون الإسرائيلية، يحيى السنوار، قائدا عاما لها في قطاع غزة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً