بين ليلة وضحاها، وجد سكان منطقة الأزاريطة بوسط الإسكندرية، أنفسهم يتخذون من الشارع مأوي لهم بعد حياة الرفاهية التي كانوا يعيشونها في أرقي مناطق عروس البحر، ذلك بعد رفضهم مساكن الإيواء التي خصصتها لهم المحافظة، والذين وصفوها بغير الآدمية ولا تصلح للعيش فيها.
فبعد ميل عقار شارع على الخشخانى المتفرع من شارع شامبليون بمنطقة الأزاريطة، أصدرت غرفة عمليات المحافظة والحى، قرارا بضرورة إخلاء العقارات المجاورة، خوفا من تصدعها، ونقلهم إلى أماكن إيواء تم تخصيصها لهم للإقامة فيها بشكل مؤقت، مؤكدين أنه تم تجهيزها لهم بمستوي لائق، إلا أن الأهالي رفضوا السكن فيها ووصفوها بالغير آدمية ولا تتناسب مع حياتهم.
وأكد أشرف فؤاد محمد، أحد متضرري عقار الإسكندرية المائل، رفضه مساكن الإيواء التي تم تخصيصها للسكان المتضررين من العقار المائل، مضيفا أن منطقة الأزاريطة من أرقي وأغلي المساكن بالإسكندرية فكيف يتم نقله من منطقة أقل شقة بها لا يقل ثمنها عن مليون جنيه إلي منطقة في عبد القادر التي لا يتعدي ثمن الشقة بها عن 10 آلاف جنيه فضلا عن انتشار أعمال البلطجة بالمنطقة وتأوي عدد كبير من الخارجين علي القانون ولا يوجد خدمات بها.
وأوضح محمد، لـ"أهل مصر"، أنه يسكن بالدور السابع بالعقار المقابل للعقار المائل والذي سيتم إزالته، مضيفا: "أنا مش بيتي اللي هيتهد أنا عيالي كده اللي هما اللي هيتهدوا".
وأشار إلي أن المحافظ قال إنه قام بهدم وإزالة العقار المائل ولكن الحقيقة عكس ذلك والعقار كما هو، كما أنه قال أنه تم تسكين جميع المتضررين ولكن ذلك عكس الحقيقة حيث أن معظمهم في الشارع لا يجدون مأوي لهم.
واستكمل: "المحافظ بعت أتوبيس لأخذ عدد من المتضررين لتسكينهم في جمعية هي في الأصل دار مسنين، وكل 5 من السيدات في غرفة، و5 من الرجال في غرفة.. ده الإسبرين اللي المحافظ عمله، والناس رجعت تاني ورفضوا السكن في الجمعية".
وتابع: "مش لاقي حد من المسؤولين أكلمه، ومنطقة عبدالقادر مفيش فيها مستشفيات ولا مدارس ولا أي خدمات، وأنا دافع دم عمري في الشقة دي علشان اشتري عيالي وابقي جنب شغلي".
وطالب محمد، بسكن جيد بدلا من مساكن الإيواء التي تم تخصيصها، قائلا: "عايزين سكن آدمي ويعاملونا كبني آدمين ومن المفروض أنا ساكن في حي وسط يبقي يتم تسكيني في مكان بنطاق الحي مش يوديني حي العامرية وكله مؤقت وسبرين"، مؤكدا أنهم سيعتصم أسفل العقار الذي يقطن به ولن يذهب إلي مساكن الإيواء.
و بينما تستكمل الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة واللجنة المشكّلة من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، أعمال هدم العقار المائل بمنطقة الأزاريطة، وسط الإسكندرية، لليوم التالي علي التوالي، والأحداث تتوالي، لتنكشف خبايا تلك الكارثة التي تحولت إلي حديث الشارع السكندري، وباتت تشغل الرأي العام المصري كله.
وتتوالي الأحداث الواحدة تلو الأخري واستمرار تحقيقات وتحريات رجال المباحث بمديرية أمن الإسكندرية والنيابة، لكشف الأسباب الرئيسية التي أدت لتلك الأزمة وضبط المتورطين فيها.
وقام المستشار وليد الشربجي، رئيس نيابة قسم شرطة باب شرقى بالإسكندرية، وبرفقته أحمد الكيلانى، وكيل النيابة، بمعاينة العقار المائل بمنطقة الأزاريطة، والاستماع إلى أسر العقار، والاستعلام من الحى عن مالك العقار والمهندس المشرف على إنشائه، وكذلك مهندس المنطقة التابع للحى.
وأمرت نيابة باب شرقى الإسكندرية، بتكليف العقيد رمضان عبد الرحمن، مفتش مباحث وسط المدينة، بسرعة التحريات عن أصل العقار ومساحته وخريطة المنطقة، وتاريخ إنشاء العقار والتعاملات التي تمت بين مالك العقار والأسر الساكنة.
وقرر رئيس نيابة شرق الإسكندرية، صرف علي مرسي، رئيس حي وسط، ورئيس الإدارة الهندسية للحي، من سراي النيابة بضمان وظيفتهما لحين طلبهما لسؤالهما بشان التحقيقات التي تجري في عقار الأزاريطة المائل والعقارات الأخرى بشارع علي الخششاني.
وكانت النيابة العامة بالإسكندرية، استمعت إلى أقوال عدد من مسؤولي حي وسط الإسكندرية ورئيس الإدارة الهندسية به، حول العقار المائل الكائن بمنطقة الأزاريطة بنطاق حي وسط، والذي حدث ميل له، وأمرت بالتحفظ على ملف العقار الموجود بالحي وكافة المستندات وتراخيص البناء، وقرارات الإزالة والترميم له.
كما تمكن رجال المباحث بمديرية أمن الإسكندرية، برئاسة العميد شريف عبد الحميد، مدير المباحث الجنائية، من القبض على "الكحول"، صاحب العقار المائل بمنطقة الأزاريطة، والصادر باسمه رخصة البناء، وتبين أن "الكحول" المسؤول عن العقار المائل هو "سيدة"، تدعى "ميرفت نصر"، والرخصة صادرة بدور أرضى وطابقين فقط، وتم التحفظ على السيدة، وجار عرضها على النيابة العامة للتحقيقات، كما تبين أن صاحب العقار الأصلى يدعى "أحمد.ع.س" وهارب.
وكشف المقدم وائل محسب، رئيس مباحث قسم شرطة باب شرقى، أن صاحب العقار الأصلى هارب وجار ملاحقته، مبينا أن بالبحث والتحرى عن أصل العقار المائل، توصلوا إلى شخصية "الكحول" الصادر باسمه ترخيص العقار المائل، وكذلك المالك الأصلى للعقار المائل، مشيرا إلى أن المالك الأصلى أصدر توكيلا للكحول لكي يفلت من المحاضر والغرامات والقضايا التي تصدر بشأن العقار المائل بالأزاريطة.
وخلال التحقيق معها بمديرية أمن الإسكندرية، أكدت ميرفت نصر "الكاحول"، أنها ليست صاحب العقار الفعلي، وقاموا باستغلال اسمها من خلال توكيل لصاحب العقار، مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز ١٠ آلاف جنيه.
وأشارت إلى أن كافة القضايا كان يتولاها محامٍ صاحب العقار وتعتقد أنه خارج البلاد، وأن حملات الإزالة كان يتم التصدي لها عن طريق السكان ولا تعرف هي شيئًا عن محاضر المخالفات والقرارات، مضيفة أن الرخصة الصادرة من الحي دور أرضي و٢ علوي، ولكن صاحب العقار والمقاولات خالف الرخصة باتفاق مع موظفي الحي في ذلك الوقت.
من جانبها، باشرت نيابة شرق الإسكندرية، مساء اليوم الجمعة، التحقيق مع ميرفت نصر، الشهيرة بـ "الكحولة" صاحبة العقار المائل بمنطقة الأزاريطة.
من جانبه، كلف المستشار نبيل صادق، النائب العام، وهو يتابع سير التحقيقات بشأن العقار المائل بمنطقة الأزاريطة، وسط الإسكندرية، المستشار سعيد عبد المحسن، المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية، بمتابعة السير في التحقيقات قُدما.
وكانت نيابة شرق الإسكندرية الكلية برئاسة المستشار وليد البحيري، المحامي العام الأول، قد تلقي إخطارا يوم 1 يونيو الجاري، يفيد بانهيار العقار 17 شارع علي الخشخاني بمنطقة الأزاريطة باب شرقي، وتصدع العقار الملاصق له رقم 18 بسقوطه علي العقار المقابل له.
وقد قام فريق من النيابة العامة برئاسة وليد الشربجي، رئيس نيابة باب شرقي، بالانتقال لمكان الحادث وإجراء المعاينة للعقار محل البلاغ، وقد تم استدعاء كل من رئيس حي وسط ومدير إدارة التنظيم وسؤالهما عن معلوماتهما بشأن الواقعة، وجاري سؤال شاغلي العقار المائل محل الواقعة.
وقد أمر المستشار النائب العام بسرعة اتخاذ الإجراءات الآتية:
-تكليف الشرطة باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات للحفاظ علي سلامة الأرواح والممتلكات بمكان الحادث.
-تشكيل لجنة من مديرية الإسكان للمعاينة علي الطبيعة للوقوف علي طبيعة الحالة الإنشائية للعقارات محل البلاغ، وعما إذا كان قد رُوعي فيها الأصول الهندسية والفنية الواجبة عند إنشائها، وعما إذا كان مرخص بها من عدمه، ومدي مطابقة العقارات للترخيص إن وُجد، وبيان انهيارها علي ذلك النحون وعما إذا كان قد صدر ثم قرارات إزالة لتلك العقارات من عدمه، وفي الحالة الأولي تحديد المسؤول عن عدم تنفيذها وتحديد المهندسين المسؤولين بالحي عن عدم اتخاذ الإجراءات الواجبة تجاه تلك العقارات.
-طلب تحريات هيئة الرقابة الإدارية حول الواقعة وظروفها وملابساتها وبيان الملاك الحقيقيين للعقار محل الواقعة، وتحديد الأشخاص القائمين بالأعمال المخالفة والمسؤولين عنها، وضبط أصول العقارات المخالفة محل الواقعة وتكليف الشرطة بحصر بقية شاغلي العقارات وطلبهم وسماع أقوالهم، وضبط وإحضار ملاك العقارات الأصليين للواقعة.