كشفت مجلة النيويورك تايمز عن قصة الكارثة التي حلت بالعالم العربي ومزقته منذ غزو العراق قبل 13 عامًا، مما أدى إلى صعود تنظيم داعش الإرهابي، وأزمة اللاجئين العالمية، وقدمت المجلة القصة في خمسة أجزاء؛ "الجذور" و"حرب العراق" و"الربيع العربي" و"صعود داعش" و"الهجرة الجماعية".
وهذا الملف هو نتاج 18 شهرا من العمل الصحفي الميداني والاستقصائي في منطقة الشرق الاوسط خلال رحلات قام بها اندرسون ، بداية شهر أبريل 2015 ، بتكليف من ادارة نيويورك تايمز ، وقد رافق النص ، ( 10 ) تغطيات مصورة ، استمدها المصور "باولو بيلغرين" من جولاته بالمنطقة خلال 14 عاماً ماضية .
وقالت المجلة أن الغزو الأمريكي للعراق بداية حقيقية لتفكك العالم العربي ولكن ما يحدث في العالم العربي لا يمكن اختزاله في تبعات الغزو الأمريكي للعراق فقط، ولكن ما يحدث اليوم في العالم العربي نتيجة أسباب كثيرة بعضها يعود عمره إلى أكثر من 1400 سنة، من مرحلة الخلافة الراشدة ومرحلة الدولتين الأموية والعباسية، والطريقة التي قرأ بها العرب دينهم ونصوصه القرآنية والرسولية.والطريقة التي بنى بها العرب ثقافتهم نتيجة لذلك، بنوا بها حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم، الطريقة التي ربط بها العرب سياستهم بالدين، والأحلاف التي قامت بين رجال السلطة ورجال الدين وعلى إثرها كتبت الأحاديث وكتبت الأسانيد ووضع الكثير من الفقه.قبل الغزو، توقع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني٬ أن يتلقى الأميركان التحية كمحررين للعراق وتحققت توقعاته في شوارع الكوت في 4 أبريل.ومع إحكام قوات المارينز قبضتها على المدينة، كان الجنود يحاطون بأعداد كبيرة من الشباب والأطفال الذين قدموا لهم الحلوى والشاي الساخن.كان من ضمن الوافدين الجدد محامية تبلغ من العمر 33 عاما اسمها فرن هولاند من ولاية أوكلاهوما الأميركية٬ وكانت مستشارة في مجال حقوق الإنسان بوكالة "سي بي إيه".قدمت هولاند مشروعا في صيف عام 2003 لتنمية المرأة في مناطق الشيعة جنوب العراق، وفي سبتمبر ٬2003 سافرت فرن إلى مدينة الكوت،أحضرت مجموعة من الفتيات كي تتحدث عن العمل الذي قدمت إلى العراق من أجله. ما قالته هولاند للسيدات في الغرفة لم يكن أقل غرابة من هيئتها، فمع سقوط صدام حسين تأسس عراق جديد كان من المفترض أن ينعم بالديمقراطية والاحترام بحقوق الإنسان. في 8 مارس 2004 تم توقيع الدستور المؤقت الجديد للعراق، وكان البند الذي حدد هدفاً بأن تشغل النساء ما نسبته 25 % من المقاعد في البرلمان المقبل، يحسب بشكل كبير للضغط الذي مارسته فرن هولاند من وراء الكواليس.في المساء التالي كانت سيارة من طراز «دايو» تحمل ثلاثة من الموظفين المدنيين بسلطة الائتلاف المؤقتة تتحرك على طريق إقليمي سريع عندما تحركت سيارة «بيك أب» تابعة للشرطة العراقية بموازاته٬ ونتيجة لتعرضها لوابل من النيران من أسلحة رشاش، انعطفت السيارة لتتوقف على جانب الطريق ويترجل الرجال من شاحنة الشرطة ليقوموا بتصفية ضحاياهم ببنادق هجومية.
قتل الثلاثة جميعا بإطلاق النيران الكثيفليكونوا أول موظفين مدنيين بسلطة الائتلاف المؤقتة الذين يتعرضون للاغتيال في العراق. شمل هذا السائق والشخصية التي من المفترض أنها كانت المستهدفة بالهجوم فرن هولاند.في أعقاب اغتيال هولاند سرت حالة من الهلع بين آلاف الموظفين المدنيين بسلطة الائتلاف المؤقتة الموزعين في أنحاء العراق.وبالتزامن مع تنامي التمرد السني في وسط العراق٬ خلال الشهور الأولى من عام 2004 كان رجل دين شيعي في بغداد، هو مقتدى الصدر، يطالب بإنسحاب كل قوات التحالف من البلاد.وفي مطلع أبريل أطلق الصدر العنان للميلشيا التابعة له (جيش المهدي) في جهد لتحقيق هذا الانسحاب من خلال سلسلة من الهجمات المنسقة ضد الجيش ومنشآت سلطة الائتلاف المؤقتة.
جاء دور الكوت في 5 أبريل عندما بدأ نحو 200 من عناصر «جيش المهدي» هجوما على مجمع لسلطة الائتلاف المؤقتة.وزادت كل من الميليشيات السنية والشيعية هجماتها ضد قوات التحالف٬ لتكون البداية الحقيقية لحرب العراق.وفي مايو بدأ آخر المدنيين الأجانب المقيمين في الكوت الانسحاب٬ وخلال شهرين أصبحت البنية التحتية لفرع الـ«سي بي إيه» المحلي تحت سلطة الحكومة الجديدة في بغداد.لكن مع تعمق الطائفية وانتشارها في أنحاء العراق أصبحت الميليشيات السنية والشيعية على السواء تنظر إلى المسيحيين على نحو متزايد على أنهم كفار،ومن ثم قاموا بترويع المسيحيين الذين بدأوا في ترك البلاد بشكل جماعي، في خروج أدى في النهاية إلى تقلص عددهم في العراق بما يزيد على الثلثين.والأكثر من هذا أن مصدر التمويل الوحيد المتاح لمشروع مثل منظمة مثل "البتول" كان من المحتلين الأجانب، وهو ما مكن المتشددين من إدانتها كجبهة تعمل في خدمة العدو. وفي وقت قصير بدأت المظاهرات في مصر بداية من ليلي السويفي والدة علاء عبد الفتاح الذي كان قلقا دائما لنظام الرئيس السابق حسني مبارك و هو يسارية كانت تدعو دائماً لخروج لشارع علي الحاكم، في هذا التوقيت بدأ الاخوان المسلمين في مراقبة المشهد من بعيد و عندما قامت الثورة المصرية حاولوا استعطاف الشعب و نجحوا في ذلك فترة من الزمن.
بدايات داعش الحقيقية في مصرمن 2002 وحتى بداية 2005 كان عدد من أكبر المظاهرات المناهضة للحرب في العالم العربي تحدث في شوارع القاهرة وكانت ليلى سويف في الخطوط الأمامية في كل واحدة منها تقريبا.في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر من ذلك العام، فاز مبارك بفترة رئاسية خامسة مدتها 6 سنوات، بما يقرب من 89 %من الأصوات، وبعد ضغوط متزايدة في بلاده وفي الخارج، خفف مبارك تدخله في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2005و في هذه الفترة بدأ يتكون جيش داعش في العراق بصناعة أمريكية و بدأ المخطط الأخواني في مصر يغزل خيوطه لتحضير جماعته للرئاسة أو البرلمان و كانت الخطة بعيدة المدي ولها وجهين الوجه الأول تقلدهم حكم مصر و الاستمرار فيه و إنشاء جيش موازي يتمويل خيرت الشاطر، و الوجه الآخر تقلدهم الحكم ثم استبعادهم و في هذا الوجه وضعوا خططاً إرهابيه بدأت بتسهيل دخول داعش إلي مصر لتنفيذ عمليات إرهابية لزعزعة النظام، و تمويلات أخري سنتحدث عنها تفصيلياً في الأيام القادمة.عودة إلي العراقمع انغماس الناشطة العراقية خلود الزيدي إلى عالمها الجديد الذي فتحته لها فيرن هولاند، استمرت خلود غير مدركة أن بذور الخراب الذي جلبه الغزو الأميركي قد وضعت.ففي طائراتهم الحربية العراقية، رسم البنتاجون خططاً شاملة توضح المنشآت الاستراتيجية الحكومية والوزارات المفترض الاستيلاء عليها أو رقابتها، لكن الأميركيين لم ينتبهوا كثيرا لترسانة الأسلحة والذخائر التي نشرها صدام حسين في مختلف أرجاء البلاد.فقد جرى نهب تلك المخازن بلدة تلو الأخرى أحيانا تحت سمع وبصر جنود التحالف الذين لم يتدخلوا فيما جرى.وظهرت سلطات التحالف وكأنها قد وافقت على هذا الخطأ، ففي خطوة تبدو الآن فاجعة كان أول الإجراءات التي اتخذها بول برايمر أول حاكم مدني للعراق مدير هيئة "سلطة الائتلاف الوطني المؤقتة" تفكيك الجيش العراقي وعليه جرى تسريح مئات الآلاف من الرجال الذين تلقوا تدريبا عسكريا على استخدام السلاح، هم البعثيين الذين كونوا العدد الأكبر من داعش الآن.كان ذلك القرار بحل الجيش سببا فيما حل من خراب بعد ذلك، فبحسب القرار رقم 1 الصادر عن هيئة "سلطة الائتلاف الوطني المؤقتة" فقد جرى فصل أعضاء حزب البعث من مناصبهم الحكومية ووضعوا تحت حظر شعبي يمنعهم من تقلد أي منصب مدى الحياة.ليبيااختار الكاتب لرصد تداعيات التحول السياسي في ليبيا عبر حكاية مجدي منجوش المولود في مصراتة لعائلة كبيرة انقلبت حياتها رأساً على عقب بعد مشاركة والده في انقلاب عسكري فاشل ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وكيف أن الليبيين كانوا يتوقعون إطاحته بعد سقوط نظام صدام حسين، وتصالحه مع الأنظمة الغربية بعد حادثة انفجار طائرة بان أمريكان فوق لوكربي الاسكتلندية، ثم يعرج مجدي إلى لحظة اندلاع الثورة الليبية عندما كان طالباً في الكلية الجوية في السنة النهائية له، ثم انحيازه للثورة المسلحة، والأهوال التي عايشتها مدينته مصراتة قبيل إطاحة القذافي، ثم يرصد مجدي كيف أصيبوا بخيبة الأمل مع وصول السلطة الانتقالية إلى الحكم، التي بدت قليلة الخبرة، ثم تغير الحكومات في طرابلس بشكل متوال، إلى لحظة تحول ليبيا إلى حكم الكتائب المسلحة وغياب الدولة، وكيف انتهى به المطاف إلى شخص بائس ويائس من عودة ليبيا إلى حياتها الطبيعية، بعد أن ابتعد الذين صنعوا الثورة وحل محلهم الإسلاميون ومن ثم الإرهابيون، ثم يصب جام غضبه على الأوروبيين الذين خذلوا الثورة الليبية وأداروا لها ظهرهم بعد نجاحها وتركوها تتخبط في وحل الإرهاب والفساد من دون أن يمدوا لها يد العون.سوريا نحو المجهولاعتبر التقرير الثورة السورية، نقطة مفصلية ثانية في انهيار العالم العربي، بعد غزو العراق، الذي كان ناقوس خطر رن في أذني الرئيس السوري بشار الأسد.يرصد مجدي المنحدر من مدينة حمص التي شهدت اجتياح الرئيس حافظ الأسد لها في القرن الماضي، كيف أنه احتفظ بمسافة من الثورة السورية، التي اندلعت عام 2011؛ حيث فضل التركيز على دراسة الإدارة الفندقية مثل والده، لكن الجامعة أغلقت أبوابها ليعود إلى حمص، التي بدأت الدخول في أتون الحرب الأهلية، منذ عام 2012؛ حيث شهدت ظهور كتائب الجيش السوري الحر، ثم تنامي ظاهرة القتل على الهوية الدينية في المدينة التي كانت تضم أقليات مختلفة، ولحظة اعتقاله من قبل الثوار واتهامه بموالاة النظام، وهي اللحظة التي تأكد فيها من أن سوريا دخلت عهد الشك والانقسام، ومضت نحو المجهول، وهو ما أكده بالتحولات التي حدثت في حمص بعد ظهور تنظيم "القاعدة" و"داعش" والأجانب المتشددين الذين صاروا يتحكمون في حياة المدينة الليبرالية وتوجيهها نحو التطرف.يعتمد التقرير بشكل كبير على تصوير فظاعات "داعش" من خلال رصد مجدي الذي فضلت عائلته البقاء في حمص إلى عام 2015 عندما طلبه النظام السوري للتجنيد الإجباري، بعد أن أنهكت قوى الجيش السوري، وحينها قرر والده تهريبه إلى تركيا، التي يحكي من خلالها حياة البؤس التي عاناها السوريون قبل أن يقرر سلك طريق الهجرة غير الشرعية عبر البحر إلى اليونان، ومنها إلى ألمانيا، ثم يرصد مجدي أهوال الدنيا الجديدة المتمثلة في العنصرية التي وجدها من اليمينيين المتطرفين في معقلهم في مدينة دسلدروف؛ حيث يسكن، قبل أن يحصل على الإقامة الدائمة، لكنه يقول في الختام لكاتب التقرير لدينا مقولة في سوريا "الدم يجلب الدم". والآن الجميع يريد أن ينتقم لما تعرضوا له في هذه السنوات الماضية، ولن تنتهي هذه المأساة قريباً وستاخذ على الأقل 10 سنوات لينتهي حمام الدم هذا.ارقام صادمةقدم التقرير حصيلة الأرقام الموثقة للخسائر البشرية و المالية التي سببها الاحتلال الأمريكي للعراق بحجة كاذبة.-1.45 مليون عراقي لقوا حتفهم " مقتل 4801 جندي و ضابط أمريكي"،" مقتل 3487 من حلفاء الاحتلال الآخريين".- 1.7 تريليون دولار الكلفة المالية للحرب "الغالب و المغلوب"-830 مليار دولار خسائر الوطن العربي بعد الربيع العربي.-70% من ضحايا الإرهاب مسلمين.