بينما استعد نحو (300ألف) عامل مصري ممن يقيمون
في قطر للذهاب إلى أعمالهم صباح أمس الإثنين، كانت الخارجية المصرية في طريقها
للإعلان عن قطع علاقاتها مع الدولة مصدر الرزق بالنسبة لهم، حيث باتت أوضاعهم في
مهب الريح، وذلك بالتزامن مع التصعيد الذي تشهده المنطقة في الوقت الراهن تجاه
الدوحة، التي لم تتخذ أيّ إجراء سلبي حيال هؤلاء العمال حتى الآن، فيما تتصاعد
المخاوف والأسئلة حول المصير المجهول للعمالة المصرية هناك، وماذا ستفعل حكومة
المهندس شريف إسماعيل لهم حال عودتهم إلى القاهرة مجددًا.
قررت السعودية والإمارات ومصر والبحرين في بيانات متزامنة، قطع
العلاقات مع قطر وإغلاق المنافذ الحدودية معها، بناءً على تُهم وُجهت للدوحة بدعم
الإرهاب. ويأتي ذلك بعد أسبوع من احتدام التوتر بين قطر ودول الخليج على خلفية
تصريحات منسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حول العلاقات الخليجية
والعربية، بُثت عبر وكالة الأنباء القطرية الرسمية، وهي تصريحات نفت الدوحة بشدة
صحتها، معلنة تعرض وكالتها الرسمية للاختراق.
"أهل
مصر" ترصد خلال هذا التقرير مصير العمالة المصرية حال عودتهم إلى القاهرة.
استعدادات مجهولة الجدوى
بالرغم
من أن وزيرة الهجرة، الدكتورة نبيلة مكرم، أكدت أن قطر لم تتخذ أي إجراء إزاء
العمالة المصرية هناك حتى الآن، فضلًا عن عدم تأثر هذه العمالة سواء المتواجدة في
القطاع العام أو الخاص، إلاّ أن وزارة القوى العاملة متمثلة في وزيرها محمد سعفان،
رفع درجة الاستعداد لاستقبال العمالة المصرية العائدة إلى القاهرة من الدوحة.
وزير
القوى العاملة وجه رئيس الإدارة المركزية للتشغيل بالوزارة، بتكثيف الجهود وجمع بيانات
يومية وتنشيط مكاتب التشغيل على مستوى الجمهورية وعمل حصر للوظائف المتاحة بمختلف
المهن والتخصصات بالشركات والمصانع، لمواجهة احتمالية عودة أي عمالة مصرية من دولة
قطر.
حتى الآن
لم يتم الإعلان عن عدد الوظائف المتاحة في مصر من قِبل وزارة القوى العاملة، إلاّ
أن قطر
تحتل المركز الرابع من حيث عدد العمالة المصرية بها، بعد السعودية والكويت
والإمارات، وذلك بعدد بلغ
(300ألف) عامل.
العودة على مضض
لم
يستبعد المتابعون للشأن السياسي العربي أن تتخذ قطر إجراءات سلبية إزاء العمالة
المصرية الكائنة بها، لاسيما كُتاب ومشاهير قطريين ألمحوا بشكل غير مباشر،
من خلال تغريدات عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، إلى وضع العمالة المصرية
في قطر بعد قطع العلاقات، حيث قالت الإعلامية القطرية إلهام بدر؛ مخاطبة مصر
"غريبة مصر قطعت علاقاتها ولكن لم تطلب عودة مواطنيها".
فيما رجح الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح الدين فهمي، أن تقوم الحكومة
القطرية باتخاذ قرار إنهاء عقود العمالة المصرية على خمسة سنوات متتالية وليس في
يوم واحد، واستبدالهم بعمالة أجنبية، ومن ثم سيتم إيقاف التحويلات البنكية التي
كانت تدخل البنوك المصرية من العاملين بقطر.
أوضح فهمي، لـ"أهل مصر"، أنه :"بشكل عام أوضاع
العمالة في الخليج، تواجه عدة مصاعب منذ هبوط أسعار النفط، لكن نعتقد أن الأزمة
الآن بين قطر ودول عربية، ستؤثر على العمالة المصرية تحديداً".
أشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه هناك خسائر اقتصادية سوف تقع على
الجانب المصري جراء قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، مستدركًا:" حينما تأخذ
القيادة السياسية هذا القرار، يدل على أن الخسائر التي تسببها دولة على الاقتصاد
المصري، أكبر من الفوائد الاقتصادية التي تأتي من التعاون معها".
العمالة المصرية بقطر ترفض العودة
الاتحاد العام لعمال مصر، متمثلًا في أمينه النائب محمد وهب الله، وكيل
لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، قال إن قطر ليس بمقدورها أن تستغني عن العمالة
المصرية هناك؛ نظرًا لكثرة عددهم، إلاّ أنه في الوقت نفسه أرسال رسائل طمأنينة
لهؤلاء العمال حال عودتهم إلى مصر بأن الحكومة كانت تضعهم في الحسبان قبل اتخاذ
هذا القرار.
إلاّ أنه بتواصلنا مع أحمد مهندسي التخطيط العمراني المقيم في قطر ويُدعى
"أحمد رمزي"، أبدى
تخاوفه من العودة إلى القاهرة حاليًا وذلك إذا تصاعدت الأزمة بشكل أكبر، مشيرًا
إلى أنه حتى الآن أوضاعه مستقرة في عمله، حيث لم يتحدث معه أي من المسئولين بشأن
أي قرارات محتملة متعلقة بترحيل العمالة المصرية إلى بلادهم.
أضاف
المهندس المصري، لـ"أهل مصر"، أنه حال عودته إلى مصر على ضوء الأزمة
الراهنة، لن يجد عملًا فيها من الأساس، وإن وجد لن يكفي الراتب الذي سيتقاضيه أبسط
متطلبات حياته، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدنية التي تعاني منها البلاد
حاليًا، فضلًا عن زيادة معدلات البطالة بها.
وفقًا
لأحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدلات البطالة بمصر وصلت مؤخرا إلى
12.7%.
مخاوف من التنكيل بالعمالة المصرية
المخاوف التي تنتاب بعض مسئولي الدولة إزاء أوضاع العمال المصريين في
الدوحة لم تزداد بزيادة الأحداث حادة
وتفاقمًا بين الدول التي أعلنت قطع علاقاتها مع قطر.
على الصعيد ذاته، أبدى النائب عبدالرازق الزنط، أمين سر لجنة القوى
العاملة بالبرلمان، تخوفه من سوء المعاملة من جانب النظام في قطر على المصريين
العاملين هناك، والتضييق عليهم وضياع حقوقهم المادية.
أشار أمين سر لجنة العاملة بالبرلمان
لـ"أهل مصر"، إلى أن اللجنة سوف تبحث خلال هذا الأسبوع شئون العمالة
المصرية في قطر، وما الذي يجب أن يتم في هذا الشأن من الناحية القانونية حال تعرضهم لأي أذى.
وفقًا لقانونين، فإنه من حق مصر أن تطالب منظمة "العمل الدولية"
بتفعيل المادة (22) من الاتفاقية رقم 158 الخاصة بحماية جميع العمال المهاجرين
وأفراد أسرهم؛ لحماية حقوق العمالة المصرية في قطر، وهى الاتفاقية التي تضع قواعد
لحماية العمال و أسرهم من التعرض لأى انتقام بسبب قطع العلاقات وحفظ حقوقهم.