وصفت صحيفة الواشنطن بوست الجنرال الإيراني الغامض قاسم سليماني بأنه الرجل الأقوى في الشرق الأوسط، ويصل نفوذه إلى عدة دول في المنطقة منها العراق وسوريا وفلسطين، ويحاول دائمًا تجنب الأضواء ولا يفضل الجلوس إلا في الزاوية ويستمع للكلام أكثر مما يتحدث.
وقالت الصحيفة أنه من أهم صناع القرار في إيران ،ومنذ 15 عامًا حين تم تعيينه قائدًا لفيلق القدس في إيران و عمل الجنرال سليماني على توجيه الاوضاع في الشرق الاوسط باتجاه مصالح ايران.
-حياته العسكريةولد قاسم سليماني في الـ11 من مارس 1957 في قرية رابور، التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، من أسرة فقيرة فلاحة وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط، ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى انتصار الثورة عام 1979 حيث انضم إلى الحرس الثوري الذي تأسس لمنع الجيش من القيام بانقلاب ضد الخميني.
◄ اقرأ ايضًا: السعودية تفرد عقوبات على المتعاطفين مع قطر وكانت أول مهمة له في صفوف الحرس إرساله إلى غرب إيران، حيث انتفض الأكراد للمطالبة بحقوقهم القومية بالتزامن مع انتفاضات الشعوب غير الفارسية الأخرى كالتركمان والعرب الأهوازيين ضد نظام الخميني الذي قمع مطالبهم وحقوقهم الأساسية التي حرمها الشاه منهم وتوقعوا أن النظام الإسلامي الجديد سيلبيها لهم بدل الاستمرار في تهميشهم.
◄ اقرأ ايضًا: جزر القمر تنضم لمقاطعة قطر وبدأ قاسم سليماني حياته العسكرية بالمشاركة في قمع انتفاضة الأكراد على جبهة مهاباد، عام 1979، ثم انضم إلى الحرس الثوري في العام التالي عندما تطوع للمشاركة في الحرب الإيرانية - العراقية (1980-1988 ) حيث أصبح قائدا لفيلق "41 ثأر الله" بالحرس الثوري وهو في العشرينيات من عمره، ثم رقي ليصبح واحدا من قادة الفيالق على الجبهات.-مصنف كإرهابي دولي
لا يقتصر دور سليماني على السياسة الداخلية،
بل برز اسمه كعقل مدبر للعمليات الإرهابية الخارجية التي ينفذها فيلق القدس الذراع
العسكرية والأمنية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة والعالم بقيادته، منذ أن صنفه
كل من واشنطن في العام 2007 والاتحاد الأوروبي عام 2011، في قائمة الإرهاب الدولية.
ووضعته وزارة الخزانة الأميركية وقياديا
آخر بالحرس الثوري وهو حيدر تشيذري، على لائحة العقوبات، بسبب مشاركتهما النظام السوري
في قمع الاحتجاجات الشعبية عام 2011.◄ اقرأ ايضًا: صحيفة أمريكية: فرنسا تلجأ للقوات العراقية لتصفية
الإرهابيين الفرنسيين
وفي يوليو 2015 أوضحت ويندي شرمان، مساعدة
الشؤون السياسية لوزارة الخارجية الأميركية، أن واشنطن ستبقي قائد فيلق القدس التابع
للحرس الثوري الايراني، اللواء قاسم سليماني على لائحة الارهاب الأميركية.
لكنها أكدت على أن "اسم قائد فيلق
القدس سيرفع في المرحلة الثانية من العقوبات بعد سنوات، وذلك إذا ما أوفى بتعهداته
المتفق عليها خلال خطة العمل المشتركة لتنفيذ الاتفاق بين إيران والقوى العالمية الست".-ما بعد الحرب العراقية
انتهت الحرب العراقية أخيراً في أغسطس عام
1988، وأصبح جميع قادة الحرس ضباطًا في الجيش الإيراني، وترقى معظم كبار القادة إلي
رتبة عميد، مثل سليماني، أو إلي رتبة لواء.
ووفقاً للصحيفة فقد عاد الفرقة "ثأر
الله 41" بعد نهاية الحرب إلي كرمان، وأصبحت أحد المسؤوليات الرئيسية لفيلق القدس
في السنوات التالية حرب مهربي المخدرات الذين يستخدمون إيران كمعبر لتهريب المخدرات
من أفغانستان إلى بقية العالم.
◄ اقرأ ايضًا: رئيسة وزراء بريطانيا "سأمزق كل قوانين حقوق الانسان"
واشارت الصحيفة إلي أن بعد هزيمة الاتحاد
السوفيتي وانسحابه من أفغانستان عام 1989، صمد النظام الأفغاني اليساري لفترة، إلا
أن حكومة محمد نجيب الله سقطت عندما انهار الاتحاد السوفيتي في نهاية عام 1991، وتصارعت
كل من إيران، وباكستان، والسعودية على النفوذ داخل أفغانستان.
فدعمت إيران في البداية حزب الوحدة التابع
لشيعة الهزارة بقيادة عبد العلي مزاري، وهزمت قوات أحمد شاه مسعود جميع الميليشيات
الأخرى عندما اندلع الاقتتال الداخلي، فيما عدا طالبان التي تكره إيران والشيعة، ومن
حينها دعم فيلق القدس شاه مسعود.
اتُهم فيلق القدس في التسعينات بالتورط
في عمليات هامة خارج الحدود الإيرانية حيث أشارت أصابع الاتهام إلي تفجيره أبراج الخبر
بالسعودية في 25 يونيو 1996، والتي قتل فيها 19 جندي أمريكي وسعودي واحد، وأدّت لإصابة
372 شخص.-قيادة فيلق القدس وقمع انتفاضة الطلبة
وتولّى سليماني قيادة "فيلق القدس"
عام 1998، حيث اشترك بعد عام مع قوات الحرس الثوري وجماعات الضغط المتطرفة المقربة
من المرشد خامنئي والأنصار المتشددين لنظام إيران الديكتاتوري في قمع انتفاضة الطلاب
في يوليو 1999.◄ اقرأ ايضًا: البرلمان التركى يمرر تشريع لإرسال قوات عسكرية
لقطر
ووفقا لتحقيق نشرته صحيفة "نيويوركر"
الأميركية، أجراه الصحافي ديكستر فيلكين، فإن سليماني سعى منذ تسلمه قيادة فيلق القدس
خلال "إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي
وقوة عسكرية: يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء".-تطبيق رؤية خامنئي
وبحسب التحقيق، فإن سليماني منح حرية مطلقة
في تطبيق رؤية خامنئي حول أهداف إيران في المنطقة، من خلال فيلق القدس والإمكانيات
الهائلة التي وضعت تحت تصرفه.
ويضيف التقرير: "أدواته التي يستخدمها
تتضمن دفع مكافآت إلى السياسيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتخويفهم عند الحاجة،
والقتل كآخر الوسائل".-عمليات إرهابية
ومع مرور السنوات، بنى "فيلق القدس"
شبكة أصول دولية، بعضها مستند إلى الإيرانيين في الشتات الذين يمكن استدعاؤهم لدعم
المهمات وآخرين من حزب الله والميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري، تتمثل في تصفية
المعارضين الإيرانيين في الخارج ومهاجمة أهداف في دول عربية وغربية.
واستناداً لمسؤولين غربيين، أطلق
"حزب الله" و"فيلق القدس" في العام 2010 حملة جديدة ضد أهداف أميركية
وإسرائيلية - في رد انتقامي على ما يبدو ضد الحملة على البرنامج النووي الإيراني التي
تضمنت هجمات قرصنة عبر الإنترنت وعمليات اغتيال لعلماء نوويين إيرانيين.
ومنذ ذلك الحين، نظّم سليماني هجمات في
أماكن بعيدة مثل تايلاند، نيودلهي، لاغوس ونيروبي - على الأقل 30 محاولة خلال عامي
2012 و2013 وحدهما.
ويشير التحقيق إلى أن أكثر محاولات فيلق
القدس شهرة، كان مؤامرة في العام 20111 لاستئجار خدمات شبكة تهريب مخدرات مكسيكية لاغتيال
السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الحالي، عادل الجبير، وهو
يتناول الطعام في أحد المطاعم على بعد كيلومترات قليلة من البيت الأبيض.
وتبين أن عميل شبكة تهريب المخدرات الذي
تودد إليه عميل سليماني، ليس سوى مخبر لدى وكالة مكافحة المخدرات الأميركية.
-دوره في تقوية حزب الله
عزز قاسم سليماني علاقته مع قيادات حزب
الله اللبناني، منهم عماد مغنية ومصطفى بدرالدين وزعيم الحزب حسن نصر الله، منذ عام
2000 ومن ثم حرب يوليو عام2006 مع إسرائيل. وكان له الدور الأساسي في تجهيز حزب الله
بالصواريخ ومن ثم تعززت العلاقة العضوية بين فيقل القدس وحزب الله، خلال التدخل العسكري
لإنقاذ حليفهما نظام بشار الأسد في سوريا منذ عام 2011.-دور سليماني في سوريا
وضعت وزارة الخزانة الأميركية سليماني على
لائحتها السوداء بسبب دوره في دعم نظام الأسد لتحريضه الإرهاب. ومع ذلك، بقي معظم الأوقات
مخفياً بالنسبة للعالم الخارجي، على الرغم من أنه كان يقود العملاء ويدير العمليات.
شارك منذ عام 2012 في إدارة تدخل الحرس
الثوري وحزب الله اللبناني وميليشيات عراقية في معارك سوريا خاصة معركة القصير في محافظة
حمص بسوريا، وأشرف عليها بنفسه وتمكن من استردادها من المعارضة في مايو 2013.
كما شارك بنفسه في عدة معارك، منها في ريفي
اللاذقية وحلب وأشرف على عدة عمليا كانت آخرها معركة خان طومان في بداية مايو المنصرم
والتي مني بها بهزيمة كبرى حيث خسر أكثر من 83 عنصرا من قوات الحرس والجيش الإيرانيين
والميليشيات اللبنانية والأفغانية.
-دوره في العراق
وفي العراق، يتولى سليماني قيادة ميليشيات
الحشد الشعبي مع مستشارين آخرين من الحرس الثوري في معارك الفلوجة ضد تنظيم "داعش".
وبرز دوره في العراق منذ ظهوره على جبهات
ضد تنظيم "داعش" في منتصف عام 2014 وشارك في معركة استعادة مدينة آمرلي في
محافظة صلاح الدين وكذلك مشاركته في معركة استعادة تكريت.
وبالرغم من أن قيادات سياسية عراقية نددت
بدوره في تحويل تلك المعارك وخاصة معركة تحرير الفلوجة حاليا، إلى حرب طائفية في العراق،
إلا أن الميليشيات الشيعية التابعة له على رأسها الجماعات المتشددة الأكثر ولاء لنظام
ولاية الفقيه في إيران ككتائب حزب الله أو ما يعرفون بالنجباء وكذلك سرايا الخراساني
وجماعات أخرى كمنظمة بدر، وعصائب أهل الحق وغيرهم هم من يشيدون بدوره حيث يعتقدون بأن
ايران تقود من خلال سليماني مشروعا عالميا بقيادة الشيعة.
-تعاون فيلق القدس والقاعدة
كشفت وثائق محكمة نيويورك، بخصوص تغريم
ايران لتورطها في التعاون مع القاعدة بهجمات 11 سبتمبر 2001 حيث حكم القاضي جورج دانيلز
بتغريم طهران بـ10.7 مليار دولار، إضافة إلى الفائدة على التعويض عن فترة ما قبل صدور
الحكم٬ والتي تقدر بـ9 بالمئة سنوي،٬ ليتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.
كما أيدت المحكمة العليا الأميركية قرار
إلزام إيران بدفع 2.65 مليار دولار لإدانتها برعاية وتمويل عمليات إرهابية يعود تاريخها
إلى عام 1983 تتمثل في تفجير منشأة بحرية عسكرية أميركية في العاصمة اللبنانية بيروت
وضحايا هجمات أبراج الخبر في السعودية عام 1996 وضحايا حادث إرهابي وقع في القدس عام
2001، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
-الإرهاب الإيراني في الخليج
ولم يختصر الإرهاب الإيراني في الخليج من
خلال فيلق القدس الذي يترأسه قاسم سليماني على الأعمال التخريبية والتفجيرات ودعم الخلايا
الإرهابية في السعودية، بل امتد الى الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة من
خلال زرع خلايا مسلحة وشبكات تجسس لزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الدول.
-عاصفة الحزم أفشلت دورة باليمن
لعل من أبرز المهمات الفاشلة لسليماني هي
محاولته لعب دور في دعم الحوثيين في اليمن، المهمة التي أفشلتها عملية عاصفة الحزم،
بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية في اليمن.
وتقول مصادر إيرانية إن سليماني أخطأ في
حساباته عندما أكد للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أن السعودية لن تهاجم، فكانت
المفاجئة التي جعلت إيران في موقف اضطرت فيه إلى التخلي عن حلفائها الحوثيين، وإن حاولت
الزج ببعض عناصرها من مستشارين وخبراء عسكريين ومدربين من ميليشيات حزب الله اللبناني
لدعم المتمردين.