منذ عدة ساعات قضت محكمة جنايات شمال القاهرة بالعباسية، بإجماع الآراء وبعد استطلاع رأي فضيلة المفتي، بمعاقبة "منجد" بالإعدام شنقا، لإدانته بقتل سيدتين مسنتين عمدًا وسرقة متعلقاتهن واغتصابهن بعد قتلهن في الساحل، بعدما أحالت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات شمال القاهرة بالعباسية في مطلع الشهر الماضي أوراق القضية والمتهم فيها "المنجد" لفضيلة المفتى، وحددت جلسة اليوم 7 يونيو للنطق بالحكم، بعدما تبين تورط المتهم في قتل سيدتين مسنتين واغتصابهن وسرقة متعلقاتهن.
كانت إحالته للمفتي هي الفصل الأخير في قصة حياته الإجرامية، عمره 27 عامًا، لكن حياته القصيرة كانت مليئة بالتفاصيل الكثيرة المخجلة، هوايته كانت غريبة جدا وهي السرقة المقترنة بالاغتصاب، ولا تكمن الغرابة في كونه لصا، أو ذئب بشري، وإنما في كونه لا يغتصب سوى السيدات المسنات، ربما كان يعاني من عقدة وهو في سن صغيرة، وربما كان انحرافه نابع من إحساسه بضعف الضحية، لكن في نهاية الأمر نحن أمام جريمة معدومة الإنسانية والرحمة، ارتكبها شخص يقال عليه مجازًا أنه إنسان.
حياته كانت بائسة، وربما البؤوس والشقاء الذي لاقاه في حياته ألقى بظلاله على مستقبله، ولد في كنف أسرة رقيقة الحال، مكونة من والديه وشقيقته الوحيدة، والده كان يعمل منجدًا، أما والدته فهي ربة منزل، منذ صغره وهو لا يغوى التعليم، لذا لم يستكمل دراسته، واكتفى بالحصول على الشهادة الابتدائية، ثم تفرغ للعمل مع والده، صارت الحياة بشكل طبيعي بالأسرة الصغيرة، إلى أن توفى والده وهو لم يكمل السادسة عشر من عمره، فجأة وجد نفسه هو العائل الوحيد، لوالدته وشقيقته الصغرى، حاول العمل بكل طاقته حتى يوفر قوت يومه لأسرته، مرت السنوات تلو الأخرى حتى تزوجت شقيقته وانتقلت للعيش بمنزل زوجها، بعدها بعدة سنوات، توفيت والدته وأصبح وحيدًا في الدنيا.
أول صور للعامل المتهم بقتل أبنائه بـ"سم فئران" في السحور بمنطقة الهرم
لم يجد ما يشغله بعد وفاة والدته سوى، أصدقاء السوء، أدمن سهرات الكيف والفرفشة، وأصبح شغله الشاغل هو مزاجه ونزواته، حتى أهمل عمله تمامًا، أصبح بلا مورد حقيقي بعدما أهمل تجارته وورشته ملئها التراب، نظرا لعدم التزامه بمواعيد الشغل المتفق عليه، حتى هجر الزبائن ورشته فيما يشبه رحلات الهجرة الجماعية، إهماله في العمل وإصراره على الاستمرار في سهرات الكيف جعل الجميع يبتعد عنه، وشيئًا فشيئًا لم يعد أمامه أي مفر سوى القيام ببعض عمليات السرقة حتى يتمكن من الإنفاق على نفسه، وجدها أسهل كثيرا من التعب طوال النهار والتحصل على جنيهات قليلة في آخر اليوم.
انحرف تماما عن الطريق المستقيم، حتى أنه أدمن التحرش بالنساء وسرقة ذهبهن اعتمادًا على عنصر المفاجأة، حقق بعض النجاحات في مجال السرقة، ولكنه قرر تطوير أداءه والتحول من سرقة المارة إلى سرقة المنازل، كان اتجاه لسرقة المنازل يمثل تحولا كبيرا في حياته، كان "سيد" من النوع الحريص الذي يرصد ويخطط بمنتهى الدقة لافتراس ضحيته في الوقت المناسب، ففي أول جريمة سرقة، نجح في الاستيلاء على مصوغات ومشغولات ذهبية لإحدى السيدات المسنات وخرج سالما بعد تنفيذ جريمته، كان هدفه هو السرقة أما اختياره للضحية فكان يقتصر على النساء المسنات، ووفقا للخطة المرسومة فالضحية يجب أن تكون سيدة مسنة حتى لا تقاوم ولا يتم القبض عليه، استمر المتهم في مخططه حتى أصبحت السرقة بالنسبة له أسلوب حياة إلى أن وقع ما لم يكن في الحسبان.
أول جريمة اغتصاب
في إحدى العمليات التي خطط لها المتهم لسرقة سيدة مسنة، تناول المخدرات وأنهى سهرته، ثم دلف لشقة ضحيته بهدوء، طامعا في سرقة مشغولاتها الذهبية، لكن الذي حدث فاق كل تصور، لعبت المخدرات برأسه، وصور له الشيطان السيدة المسنة وكأنها جميلة الجميلات في العشرينات من عمرها، لم يفكر كثيرا كتم أنفاسها، حاول اغتصابها ولكن مقاومة السيدة المسنة له أربكته، مما دفعه لقتلها ثم اغتصابها وسرقتها ثم فر هاربًا وكأن شيئًا لم يكن.
الهاتف المحمول كشف القاتل بالصدفة
كانت هذه الجريمة هي البداية فقط بعدها توالت جرائم المنجد المنحرف، اعتاد اغتصاب النساء المسنات وقتلهن وسرقتهن، أصبحت جرائمه تمثل لغزا لرجال المباحث إلى أن أوقعته الصدفة في قبضة رجال الأمن، عندما أقدم على قتل السيدة أملاك عثمان، 62 سنة بعد سرقة مصوغاتها وهاتفها المحمول وبعض الأموال، وربما كان سرقة الهاتف المحمول هي الخيط الذي من خلاله توصل رجال المباحث للمتهم، في البداية كان واضحا لرجال الشرطة أن الجريمة تمت بدافع السرقة، لكن الأمر الغريب كان اكتشاف الطب الشرعي أن المجني عليها تعرضت لعملية اغتصاب بشعة سبقت قتلها، تحريات مكثفة بذلها رجال الأمن للوصول للمتهم حيث تم تتبع الهاتف المحمول الخاص بالقتيلة وتحديد مكانه، حيث تم إعداد مأمورية أمنية ومداهمة مكان اختباءه والقبض عليه وبحوزته بعض المسروقات.
كان سقوطه يحمل العديد من المفاجآت، حيث تخصص المتهم سيد.ن، في سرقة السيدات المسنات للاستيلاء على منقولاتهن ومصوغاتهن ثم التخلص منهن بالذبح وممارسة الرذيلة معهن بعد مفارقة الحياة، كما كشفت التحقيقات أن المتهم متورط على ذمة القضية 638 لعام 2015، كلى شمال القاهرة، حيث تخلص من المجني عليها صديقة منصور التي تتجاوز 60 من عمرها داخل منزلها بمنطقة الساحل،حيث كان يعلم أنها تعيش بمفردها وليلة الحادث، توجه إليها بهدف سرقة مصوغاتها، إلا أنها استيقظت بعد أن سمعت أصواتًا غريبة بشقتها وعندما رأت المتهم حاولت الصياح، إلا أنه عاجلها بطعنات متفرقة بالجسد أودت بحياتها.
ضبط القائمين على صفحة «شاومينج» بيغشش ثانوية عامة
اعترافات المتهم حملت العديد من المفاجآت بعدما تبين، نجاحه في الفرار والاختباء بعيدًا عن أعين رجال الشرطة طوال عامين كاملين، حتى تم إلقاء القبض عليه، تم تحرير محضر بالواقعة ضمت سطوره تفاصيل جرائم المتهم، وإحالته للنيابة العامة التي أمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية معه، مع تحديد جلسة عاجلة لمحاكمته، وخلال جلسات المحاكمة التي استمرت لمده عامين حاول دفاع المتهم إثبات أن موكله يعاني من بعض الاضطراب النفسي إلا أن التقارير الطبية التي طلبتها المحكمة أثبتت زيف هذه الادعاءات مما دفع المحكمة لإصدار حكمها المتقدم.