تركية الهوى والتمويل، هكذا عرفت حركة نور الدين الزنكي في أوساط مسلحي حلب وريفها، متقلبة في علاقاتها مع الجماعات الأخرى، دخلت بالعديد من التحالفات، وانسحبت منها، واستقرت مؤخراً على علاقة طيبة مع الذراع الرسمي لتنظيم القاعدة في الشام.
انضمت الحركة إلى لواء التوحيد في يوليو2012، وعادت وأنضمت إلى ما يسمى "تجمّع ألوية فاستقم كما أُمرت" ثم انسحبت منه في حزيران 2013، والهدف من الإنضمامين هو الحصول على دعم تركيا، كما انضمت الحركة إلى ما يسمى بـ "جيش المجاهدين" عام 2014، وانسحبت منه أيضاً في وقت لاحق.
تتلقى "الزنكي" دعما غير محدود من غرفة عمليات "موك" والتي تديرها تركيا، وتعتبر من الجماعات التي تثق بها الإدارة الأميركية، وتسعى إلى تسويقها كمعتدلة في المؤتمرات الدولية، بتزكية تركية واضحة.
ولدى الحركة مكتباً امنياً، مارس العديد من الأنتهاكات بحق السوريين المتواجدين تحت سيطرتها، من خلال مداهمات للشركات والمحال التجارية، ومصادرة محتوياتها، بحجة تعامل أصحابها مع "الاكراد" و "جيش الثوار"، كما يقوم مسلحو الحركة على الحواجز بإذلال السكان الحلبيين، وأخذ خوات تحت مسمى "الضرائب".
شهاب الدين
كان "شهاب الدين" يعمل قصاباً قبل اندلاع الأزمة السورية ومع بدء الحراك المسلّح في مدينة حلب منتصف العام 2011 قدّم شهاب الدين الدعم لفصائل "الجيش الحر" بقيادة العقيد المنشق "رياض الأسعد" الذي عهد إليه فيما بعد بقيادة "الجيش الحر" في منطقته، ليشكل بعدها مجموعة مسلحة، تمكنت في وقت قصير من السيطرة على منطقة "الشيخ سلمان" المجاورة لقبتان الجبل بريف حلب.
تحولت كتيبة نور الدين الزنكي بعد أشهر إلى عدة كتائب توزعت في مناطق عدّة بريف حلب الغربي، وشاركت في المعارك التي اندلعت في قُرى “قبتان الجبل، تقاد، عنجارة، بسرطون، حوّر، المنصورة، الأبزمو، كفرناها، الشيخ سليمان، عويجل، الأتارب، إضافة إلى سرمدا في إدلب.
تزايد عدد المنتسبين تدريجيّا إلى مجموعة شهاب الدين وانضمت إلى “لواء التوحيد” بُعيد تشكيله بتاريخ 18-7-2012 ثم انسحبت منه مع نهاية عام 2012 وانضمّت إلى "تجمّع ألوية فاستقم كما أُمرت" المقرّب من الإخوان المسلمين، لتضاف كلمة “الإسلامية” إلى تسمية الكتائب وتصبح كتائب نور الدين الزنكي الإسلامية.
كانت كتائب نور الدين الزنكي من أولى المجموعات التي شاركت في معارك حلب ضد الجيش السوري والتي كان بدايتها من “حي صلاح الدين” الذي شهد اشتباكات عنيفة ، كما شاركت في قطع طريق أثريا – خناصر الواصل لحلب إضافة لمعارك مطار منغ العسكري في الريف الغربي للمدينة.
عمليات خطف
بتاريخ 22-4-2013، أعلنت مجموعة مسلحة تابعة لكتائب “نور الدين الزنكي”، اختطاف المطران بولس يازجي مطران حلب للروم الأرثوذكس والمطران يوحنا إبراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس وقتلت سائق المطران إبراهيم واقتادتهما إلى جهة مجهولة.
في سجل الحركة العديد من الإنتهاكات، ليس آخرها ذبح طفل من مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين، يعاني من مرض "التلاسيميا"، جرى خطفه من احد مستوصفات المخيم، بحسب ما أشارت العديد من التقارير، بعد اتهامه بأنه مقاتل في "لواء القدس" الذي يدافع عن المخيم، بوجه التكفيريين، رغم أن عمره أقل من 12 عاماً.
بداية عام 2014، انضمت كتائب الزنكي إلى تشكيل “جيش المجاهدين” تحت قيادة مركزية وبغرفة عمليات مشتركة، استمرت كتائب “الزنكي” بالعمل تحت راية “جيش المجاهدين” حتى أيار 2014، عندما أعلنت انسحابها منه، ليتغير اسم الكتائب من “كتائب نور الدين الزنكي الإسلامية” إلى “حركة نور الدين الزنكي”، ما يدل على أنّ تغييراً جذرياً قد طرأ على السياسية العامة “للزنكيين”، تلاه توسعة في أعداد المقاتلين والكتائب التابعة للحركة، كانفصال “لواء أبناء الصحابة” عن “لواء التوحيد” وانضمامه للزنكي، حتى وصل عدد مقاتلي الحركة إلى ألفَي مُقاتل.
وتعود أسباب انفصال حركة الزنكي عن “جيش المجاهدين” إلى تلقي الأخير دعماً من “هيئة حماية المدنيين القطرية” والمحسوبة على الإخوان المسلمين، ما شكّل شُبهةً بالنسبة للداعم الأميركي الذي اعتادَ أن يثق بالزنكي ويرسل له الدعم عن طريق غرفة عمليات “الموم”، كما أن الحاضنة الشعبية وانضمام العديد من أبناء ريف حلب الغربي لحركة الزنكيين ساهم في تشكيل زعامة مستقلة للحركة وإعلان الانفصال عن “جيش المجاهدين”
بتاريخ 5 – 8- 2014 أعلن 18 فصيلاً مسلحاً في سوريا في بيان لها “عن تأسيس “مجلس قيادة الثورة” ضمّ فصائل تمت تسميتها على أنها فصائل “معتدلة” ليكون هذا المجلس (حسب البيان) الجسم الموحد لما سمي “الثورة السورية”
انتشارها
وتوزع المجلس الجديد للفصائل على كافة الجبهات؛ الشمالية والشرقية والجنوبية والغربية، كانت حركة نور الدين الزنكي مسؤولة عن الجبهة الشمالية في حلب وريفها، إضافة لفصائل أخرى أهمها “جيش الإسلام وألوية صقور الشام وجبهة ثوار سوريا وحركة حزم وجيش المجاهدين والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وفيلق الشام ولواء الحق وهيئة دروع الثورة “
بتاريخ 27-4-2015 أصدر ما يسمى “مجلس الشورى” في حركة نور الدين الزنكي بياناً يقضي بإعفاء القائد العام للحركة توفيق شهاب الدين” زاعمة أن هذا الإعفاء أتى نتيجة الأسباب الصحية، وعيّن “علي سعيدو” قائداً عاماً خلفاً له.
بتاريخ 19-10-2015 أعلنت حركة “نور الدين الزنكي” في بيان لها مقتل قائدها العسكري في حلب “إسماعيل ناصيف” في المعركة الكبرى التي بدأها الجيش السوري في الريف الجنوبي لمدينة حلب بدعم من سلاح الجو الروسي.
يتوزع مقاتلو حركة الزنكي على جبهات عدة في حلب أهمها (الملّاح، البريج، الصناعة، حندرات، الراموسة، صلاح الدين، العامرية، الصاخور، الشيخ سعيد، سيف الدولة، سليمان الحلبي) وتضم جنسيات أجنبية أغلبها شيشانية.
حصلت حركة الزنكي على دعم العديد من الشخصيات والحكومات، فعند تشكيل الكتائب حظيت بدعم مادي من شخصيات خليجية وسورية معارضة مقيمة في الخارج، وتطوّر التمويل، فحصلت الحركة على دعم قطري بسبب انضمامها إلى تجمّع “فاستقم كما أُمرت”، مّا أسس لعلاقات جيدة مع الإخوان المسلمين في سوريا، الذين كانوا ينسقون عمليات التمويل بين الحكومتين القطرية والتركية، حيث كانت تركيا العنصر الأول المساعد على دخول الأموال القطرية إلى الفصائل التي صبغت نفسها بالطابع “الإسلامي” في سوريا، إضافة لحصول “حركة الزنكي” على دعم مجلس الأمة الكويتي، والهيئة الشعبية الكويتية التي يترأّسُها السلفي “حجّاج العجمي”
أٌقدمت حركة نور الدين الزنكي مؤخراً على ذبح الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى البالغ من العمر 12 عاماً في جبهة ريف حلب الشمالي بعد أن زعمت أنه مقاتل إلى جانب الجيش السوري، فقامت بذبحه بالسكين بدم بارد، ما أثار غضباً وسخطاً كبيراً في الأوساط كافة.
يقول عارفون بتطورات الأحداث الميدانية في سوريا، إن حركة نور الدين الزنكي، تمتاز بتنظيمها الجيد في مدينة حلب، حيث تملك ما يزيد على 10 مكاتب متخصصة، أهمها المكتب العسكري، الذي تتبع له 33 كتيبة و خمس سرايا، والمكتب الأمني والشرطة، الذي يضم 10 مخافر شرطة و15 حاجزاً، تعمل على ضبط الأمن في المناطق التابعة الحركة، ومكافحة الجريمة واللصوص، إضافة إلى مكتب التسليح، يتولى ضبط السلاح وتسجيله في القيود وتوزيع الذخيرة.
"نور الدين الزنكي"
أما نور الدين محمود زنكي الذي سميت الحركة تيمناً به فهو أبو القاسم محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر. يلقب بالملك العادل، ومن ألقابه الأخرى ناصر أمير المؤمنين، تقي الملوك، ليث الإسلام، كما لقب بنور الدين الشهيد رغم وفاته بسبب المرض. وهو الابن الثاني لعماد الدين زنكي. حكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين.