حياة مثالية، لا مشاكل ولا مسؤوليات أو صعوبات، اللعب والمذاكرة وشراء الحلويات هي أكبر همومهم، لكن الحياة المثالية التي يعيشها أغلب الأطفال، فجأة قد تتبدد بدون أسباب واضحة، ليجد الطفل نفسه أمام محاولة انتحار بعضها قد ينجح.
وبحسب تقرير للمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، حول حالات الانتحار من الأطفال فى مصر منذ بداية العام الحالي، فإن شهر يناير شهد 9 حالات انتحار، أكثر بـ 3 حالات عن شهر فبراير، فيما شهد شهر مارس انتحار 7 أطفال، و5 آخرين في أبريل، واحتل "مايو" صدارة أول 5 شهور في 2017، بـ 10 حالات انتحار بين الأطفال.
- أشكال الانتحار:
تتعدد أشكال الانتحار عند الأطفال منهم من قتل نفسه شنقا ومنهم من مات بسبب السم الذى يسير فى الدم ويؤدى الى الموت ومنهم من قطع شريانه الذى يغذى الجسم بالدم، أو أي طرق أخرى من الطرق المتعدده التى تقضى على الحياة.
في أول أبريل، أقدم طفل يدعى "محمد – 11 عاما" على الاتتحار شنقًا في منطقة الحوامدية بالجيزة، لأسباب غامضة، وبسؤال شقيقه، أكد أنه عثر عليه معلقا في حبل داخل مكان مخصص لتربية الطيور في منزلهم، ولم يتهم أحد بارتكاب الواقعة.
وفي مايو، انتحر طفل في الصف الأول الإعدادي، 12 عاما، بمنطقة حلوان.
وقالت إحدى الجيران، الشاهدة الوحيدة على الانتحار، إنها فوجئت بصوت استغاثة خارج من الشقة المقابلة لها، فتبين أنه "كيرلس أيمن"، الذي ظل يقول "إلحقيني يا طنط هبة.. أنا بموت"، وظل يرددها لثوان قبل أن يسكت صوته نهائيا، فحاولت فتح الباب ولم تستطع، فاتصلت بوالدته العاملة بأحد المصانع منطقة 15 مايو، وأخبرتها بما سمعته، فأخبرتني أن نجلها بمفرده بالشقة، وأن شقيقته "كارولين" التلميذة بالصف الرابع الابتدائي في طريقها من الكنيسة إلى المنزل، مضيفة: "بعد ما دخلنا الشقة لقيناه متعلق من رقبته وعريان".
وأوضحت والدته "سميرة": "ابني كان متفوقا في دراسته، وكل سنة بيطلع من الأوائل، وليلة الحادث كنت باذاكر له عشان كان عنده امتحان يوم السبت، وقالي إنه مش رايح الكنيسة عشان يذاكر، ويوم الجمعة الصبح، صحي بدري وجاب لنا عيش، وفطرنا مع بعض وبعد كده سيبته ونزلنا، ولقيت جارتي بتكلمني وتقولي إلحقي ابنك بيصرخ والباب مقفول، ولمّا روحت فوجئت بابني عريان ومتعلق في المروحة".
وتابعت "هو ليه يعمل كده إحنا كلنا بنحبه.. ليه يحسر قلبي عليه؟"، موضحة أن والده كان يمتلك محل عطارة، وبسبب تراكم الديون عليه، تم إغلاق المحل، وهو يعمل بأحد المصانع بحلوان، وقالت مستنكرة "لقيت المواقع كاتبة إن كيرلس انتحر عشان إحنا شدّينا عليه بسبب المذاكرة، والكلام ده غلط، "كوكي" كان شاطر ومتفوق ومش محتاجين إننا نشد عليه، وأنا وأبوه بنشتغل ليل نهار عشان نوفرله عيشة كريمة، وبنعلمه في مدارس لغات هو وأخته.. كان نفسه يبقى طيار.. ماعرفش ليه عمل كده؟".
- وسيلة للهرب
الدكتورة إيمان شريف قائد، أستاذ علم النفس الجنائى، ترى أن الأطفال عادة لا ينتحرون إلا فى ظروف نادرة، لا رغبة فى الموت، وإنما كوسيلة للهروب من تجربة مؤلمة أو عنف أسرى أو مدرسى يحاول فيها الطفل أن يخطط لها على أن تكون هناك مساعدة وحاولات إنقاذ، إلا أن فى هذه اللحظة لا يجد من يسعفه.
ولا تنكر الدكتورة إيمان أن انتحار هولاء الأطفال جريمة فى حقهم، لكنها تؤكد على أننا لايجب أن نلقى اللوم على الأسرة فقطن فهناك المدارس التى تربى فيها الأطفال وحالات القسوة والعنف التى يتعامل بها المدرسين مع الطلاب والتى تتسبب فى انتحار الطفل هربا منها، حيث أكد الدكتور هاشم بحرى أستاذ علم النفس، أنه قابل حوالى 8 حالات من أطفال الذين حاولوا الانتحار بسبب العنف فى المدارس من بينهم طفلة ألقت بنفسها من الشباك وحاولت إلقاء نفسها أمام سيارة، وتعانى من اكتئاب شديد، وغيرها من الأطفال الذين حاولوا شنق أنفسهم هربا من الحياة القاسية التى يعيشونها.
- كيف يمكن حماية الطفل من الانتحار:
تنصح دكتورة إيمان جابر، رئيس قطاع الطفولة والمراهقة للصحة النفسية بمستشفى العباسية، بضرورة الاهتمام بالحالة النفسية للطفل والمبادرة بالعلاج فى حالة ظهور أي بوادر للالكتئاب أو الانعزال أو ترددت على لسانه عبارات التهديد بالانتحار، مشيرة إلى خطورة التجاهل الذي يدفع الطفل لمحاولة الانتحار، كما لفتت إلى أن بعض حالات الانتحار يسبقها تهديد بالانتحار لا تأخذه الأسر على محمل الجد.