قضية شائكة ظهرت على السطح في أعقاب ثورة يناير، وتفاقمت خطورتها في الآونة الأخيرة لما لها من تأثير على استقرار الأمن الداخلي، وهي قضية هروب المساجين، من السجون.
الأمر لا يقف عند حدود محاولة فاشلة للهرب، ولكن الأمر يتجاوز محاولات لاقتحام، وهروب من أقسام الشرطة والسجون وبخاصة السياسيين والجنائيين.. وهنا لا ننسى أكبر عملية هروب جماعي للمساجين، من سجن وادي النطرون شديد الحراسة، وكان من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي وأكثر من 45 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وكانت في اليوم الثالث لثورة 25 يناير عام 2011، والمحاولة الشهيرة لهروب عادل حبارة، المتهم الرئيسي في مجزرة رفح، و9 متهمين آخرين، أثناء ترحيلهم من أكاديمية الشرطة إلى سجن طرة، بعد انتهاء جلسة محاكمتهم في قضية "قتل مجندي رفح" في عام 2014، ومحاولة هروب مساجين من سجن المستقبل بالإسماعيلية، وإحباط محاولة ياسر الحمبولي، خط الصعيد، وغيرها من المحاولات التي نتناولها في سياق التقرير التالي..
هروب مساجين من سجن الإسماعيلية
أحبطت الأجهزة الأمنية بالإسماعيلية في عام 2016 محاولة هروب مساجين من سجن المستقبل، وأصيب شرطي بطلق ناري.
وقررت النيابة العامة بالإسماعيلية إخلاء سبيل مساعد مدير أمن الإسماعيلية للوحدات، وحبس مأمور سجن المستقبل ورئيس مباحث السجن 4 أيام على ذمة التحقيق، وذلك عقب استلامها لتحريات الأمن الوطني والأمن العام.
وكشف المتهم عوض الله موسى على، الذي تم القبض عليه عقب هروبه من سجن المستقبل بالإسماعيلية، ضمن الـ 6 متهمين الهاربين، أمام النيابة العامة، تفاصيل عملية هروب المساجين الستة، وأكد أن وراء عملية الهروب مخبر سرى تابع لإدارة الترحيلات بسجن المستقبل، وأن المساجين الهاربين اتفقوا مع المخبر قبل أيام من واقعة الهروب على إدخال عدد 3 قطع سلاح، بنادق آلية وذخيرة، إلى العنبر المقيمين فيه.
وأشار المتهم إلى أن الشرطي نجح في إدخال السلاح المطلوب بعد أن حصل على الذخيرة عن طريق أقارب المتهمين خارج السجن، وأخفى المخبر السلاح داخل سيارة الترحيلات، مقابل حصوله على مبلغ مالي قدره 100 ألف جنيه.
وأضاف المتهم في أقواله أمام النيابة، أن المخبر سهل للمتهمين الخروج من السجن بعد أن أطلقوا وابلا من الرصاص على البوابات، وأفراد التأمين، حتى تمكنوا من الخروج من السجن، والتوجه إلى أحد المناطق النائية بجوار السجن.
وقال مصدر قضائى إن الضباط المتحفظ عليهم يواجهون تهم الإهمال الجسيم، والإهمال في تأدية وظائفهم، مما ترتب عليه دخول أسلحة نارية وذخيرة إلى السجناء ساعدتهم في عملية الهروب من سجن المستقبل.
وكان سجن المستقبل قد تعرض لمحاولة هروب جماعى والأجهزة الأمنية أحبطت المحاولة بينما هرب 6 من المساجين بينهم تكفيريون وجنائيون تم القبض على أحدهم عقب هروبه بمنطقة أبو صوير البلد.
وأصيب شرطى أثناء عملية الهروب، كما توفى مواطن من قرية الواصفية تصادف وجوده أثناء مطاردة الأجهزة الأمنية للهاربين، وأصيب الرائد محمد الحسينى رئيس مباحث مركز أبوصوير بطلق ناري في الرأس أثناء مطاردة سيارة ربع نقل كان بها مساجين هاربين، واستشهد الضابط متأثرا بإصابته.
محاولة هروب خط الصعيد
وتمكنت إدارة سجن قنا العمومي الساعة الثالثة عصرًا من إحباط محاولة ياسر الحمبولي، الشهير خُط الصعيد الشهير الذي وقع في قبضة الأمن مؤخرًا في مدينة الأقصر الهرب من سجن قنا العمومي بعد افتعاله مشاجرة وتحريض السجناء علي الهرب أثناء فترة التريض التي يخرج فيها السجناء من عنابر السجن.
وكان اللواء الدكتور محمد حليمة، مساعد وزير الداخلية مدير أمن قنا تلقي بلاغًا من إدارة السجن بمحاولة هروب الحمبولي، وتوجهت قوة أمنية لتأمين السجن وتم إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريق السجناء وعودتهم إلي محبسهم مرة ثانية.
الهروب الكبير من سجن وادي النطرون
في اليوم الثالث لثورة 25 يناير عام 2011 بمصر شهد سجن وادي النطرون شديد الحراسة أكبر عملية هروب جماعي للمساجين، وكان من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي وأكثر من 45 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، حيث استخدم المقتحمون اللوادر والكراكات والبلدوزرات الضخمة في هدم أسوار السجن وإطلاق سراح آلاف السجناء، وهي القضية التي حوكم فيها مرسي ورفاقه تحت اسم "الهروب الكبير من وادي النطرون" وصدرت فيها أحكام بالإعدام والمؤبد على المتهمين.
جاء ذلك عقب إعلان وسائل الإعلام عن مقتل اللواء البطران، رئيس مباحث السجون، وهروب السجناء بسجنى الفيوم وأبوزعبل- اشتدت حالة العصيان داخل السجون، حيث قام المساجين في الـ4 سجون بإحداث تلفيات في الغرف والعنابر، مستخدمين أجهزة الإطفاء الموجودة بكل غرفة، وتمكن بعضهم من التسلل إلى خارج تلك الغرف والوجود في ساحات التريض من خلال فتحات التهوية، التي نزع سياجها، وعلى الرغم من محاولة إدارة كل سجن السيطرة على هؤلاء المساجين، فإن الأمر تزايد سوءًا عند قيام بعض المساجين بمحاولة كسر الأقفال الخارجية، الخاصة بالعنابر.
وداهمت مجموعة من الأفراد يرتدون جلابيب بيضاء وملثمين الأسوار الخارجية للسجون، حيث تمكنوا من هدم البوابة الرئيسية للسجون باستخدام "لودر"، كما أطلقوا النيران بكثافة على الأبراج الأمامية لمنطقة السجون الـ3.
وانطلقت تلك المجموعات المهاجمة لتلك السجون، متجهة إلى سجن ملحق ليمان وادى النطرون، المعتقل بداخله عدد من المساجين السياسيين من ذوى التوجه السلفى، حيث تبادلوا إطلاق النار مع الأبراج المحيطة بذلك السجن، مستخدمين أسلحة آلية ومدافع جرينوف محملة على سيارات نصف نقل، وتمكنوا من السيطرة على ذلك السجن وإخراج من به من معتقلين، بعد نشر السياج الحديدى والأبواب المصفحة بالمناشير الكهربائية.
محاولة هروب عادل حبارة
أحبطت الأجهزة الأمنية بالقاهرة، محاولة هروب عادل حبارة، المتهم الرئيسي في مجزرة رفح، والذي تم إعدامه لاحقا، و9 متهمين آخرين، أثناء ترحيلهم من أكاديمية الشرطة إلى سجن طرة، بعد انتهاء جلسة محاكمتهم في قضية "قتل مجندي رفح" وذلك في عام 2014.
وكشف مصدر أمني بمديرية أمن القاهرة، إن السيارة التابعة لإدارة الترحيلات والتي كان مودعًا بها المتهم حبارة وآخرون، اصطدمت بسيارة أخرى بعد خروجها من أكاديمية الشرطة بالطريق الدائري، وأن حارسي السيارة تركا أماكنهما ليستكشفا الأمر، وفوجئوا بالمتهمين يهربون من الباب الخلفي للسيارة وتمكنت القوات من السيطرة عليهم وضبطهم، وإيداعهم داخل السيارة مرة أخرى، وأن حبارة ومتهمًا آخر تمكنا من الهرب.
وقال المصدر إن المتهمين تمكنوا من كسر المفصلات الخاصة بباب عربة الترحيلات، وبعد اصطدام العربة بأخرى استغلوا ترك الحراس لأماكنهم، وهرب عادل حبارة، بصحبة آخر، فيما أُحبطت محاولة 8 آخرين قبل أن تمشط القوات المنطقة المحيطة والقبض عليهم بأحد جانبي الطريق الدائري.
وأوضح أن القوات مشطت المنطقة المحيطة وفرضت كردونًا، وتمكنت من القبض عليهما، ووضعهما تحت حراسة أمنية مشددة، وترحيل جميع المتهمين إلى محبسهم بسجن العقرب.
وكشفت التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية، حول محاولة هروب عادل حبارة، المتهم في قضية "مذبحة رفح الثانية"، التي راح ضحيتها 25 جنديًا من جنود الأمن المركزي، عن وجود قصور واضح فى تأمين سيارة الترحيلات، أثناء ترحيل المتهم من أكاديمية الشرطة إلى منطقة سجون طرة، عقب انتهاء جلسة محاكمته، يوم 28 يونيو الماضي، وتورط الضابط "ص. ه" في منع أفراد الترحيلات من وضع القيود الحديدية فى أيدى المتهم الأول حبارة.
وأوضحت التحقيقات والتحريات، أن ضابطًا كان يخطط لمساعدة "حبارة" على الهرب، وأن هناك معلومات أشارت إلى أن نفس الضابط لم يصحب سيارة أخرى كانت من المفترض أن تكون في تأمين سيارة الترحيلات، وهى مسلحة، وفحص التحقيق ما تردد عن منح بعض المتهمين للأفراد أموالًا مقابل تهريبهم، في حين طلب اللواء محمد إبراهيم من مساعد الوزير لقطاع التفتيش والرقابة سرعة الانتهاء من التحقيقات بصورة عاجلة، وتم التأكيد على ضرورة تطبيق لوائح وتعليمات الترحيلات على جميع المتهمين، وتشديد الحراسة على المتهمين شديدي الخطورة.
وقالت مصادر في مديرية أمن القاهرة، إنه أثناء ترحيل المتهمين من أكاديمية الشرطة إلى منطقة سجون طرة، منذ 4 أيام، عقب انتهاء جلسة محاكمة "حبارة" وباقي المتهمين فى القضية، بالطريق الدائرى بالقرب من طريق الأوتوستراد، فوجئ أفراد طاقم الخدمة بحالة هياج داخل سيارة الترحيلات، أثناء العودة إلى سجن طرة لإيداع المتهمين به.
وأضاف المصدر أن السيارة توقفت وبدأ أفراد الحراسة فى استطلاع الأمر، ليكتشفوا قيام المتهمين بمحاولة فتح الباب الخلفى للسيارة، وتبين عدم تواجد الكلابشات بيد "حبارة"، مؤكدًا أن القوات تمكنت من السيطرة عليهم وإيداعهم داخل السيارة مرة أخرى.
وأشار إلى أن إدارة الترحيلات بقوات أمن القاهرة اتخذت كل الإجراءات القانونية حيال الواقعة، واتخذت جميع الاستعدادات الأمنية اللازمة لتأمين المتهمين أثناء عمليات الترحيل، وكثفت من أعداد أفراد الحراسة بسيارات الترحيلات، للسيطرة على أي محاولات من شأنها هروب أو تهريب متهمين.
أشهر حالات الهروب
ثبت في أقوال ضابط القوات المسلحة، المكلف بتأمين سجن القطا، أن السجن تعرض لهجوم خارجى وتعاملت معه القوات المسلحة، ونجحت في صده، كما شهد 3 من أصحاب المزارع المجاورة للسجن أنهم نجحوا في رد مجموعات مسلحة حاولت التوجه للهجوم على السجن واقتحامه لتهريب أبنائهم.
يذكر أن الوضع الذي شهدته اللجنة من حالة الانفلات الأمنى بسجن القطا، وهياج المساجين وعدم انصياعهم للتعليمات الأمنية، يتنافى مع وجود مخطط لتهريب المساجين في هذا السجن، لاسيما أن الثابت عدم هروب أي مسجون منه، بل وفاة قيادة أمنية بداخله أثناء أحداث تمرد المساجين، وهو اللواء محمد البطران رئيس مباحث السجون، الذي شهد زملاؤه وممثلان عن السجناء أنه توفى أثناء محاولة خروج سجين وراءه للهرب، فتم إطلاق النار نحوهم فقتل عدد منهم، كان من بينهم اللواء محمد البطران.
ونجحت الشرطة في إجهاض محاولات هروب السجناء في 15 سجنًا، (القطا، دمنهور، طرة، الزقازيق، شبين الكوم).
ومن أهم وقائع الهروب التى حدثت فى السجون المصرية هروب مسجل خطر من داخل السجن المركزى التابع لمصلحة السجون الكائن بجوار مركز شرطة طوخ، حيث غافل حراس السجن أثناء الزيارة ولم تتمكن قوات الشرطة بالقليوبية من العثور عليه حتى الآن.
بالإضافة لهروب سجنين عام 2010 من سجن أبو زعبل بمحافظة القليوبية وهم منيفى سلامة، وسليمان سليم ابنا عم قاتل اللواء إبراهيم عبد المعبود، مدير مباحث السويس، من الهرب، وكانت عملية الهروب عن طريق سيارة نقل الأغذية بمساعدة فرد الشرطة المكلف بحراستهما، وعلى إثرها تم إحالة مأمور سجن أبو زعبل وقتها للتقاعد.
كما أن واقعة هروب محمد الأسواني، عام 1981 كانت الأشهر فى وقتها بعد أن حكم عليه بالسجن المؤبد خمسة وعشرين عامًا في قضية الجهاد وقتها.
وقام الأسواني، هو وبعض رفاق السجن بالإعداد والتخطيط للهروب، ونجحت المحاولة في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ السجون المصرية ليخرج محمد الأسواني وخميس مسلم وعصام القمري من السجن ليعيشوا في الحرية 21 يومًا ويتم تصفية عصام القمري وخميس مسلم، ويلقي القبض علي الأسواني، ويتم القبض علي أسرة الأسواني بأكملها.