بالتزامن مع بدء العديد من دول العالم في وضع خطط التنمية الشاملة بحلول
عام (2030)، شرعت مراكز الأبحاث في دراسة ما ستؤول له الأحوال المائية في كل هذه
البلدان، لاسيما مع التغييرات المناخية التي يشهدها العالم العام تلو الآخر،
بالإضافة إلى لاتفاقيات الجديدة المتعلقة بتنظيم حصص المياه كالتي أبرمت بين مصر
وأثيوبيا، والتي من شأنها أدت إلى قلة حصة مصر من المياه.
كشف تقرير صدر مؤخرًا، عن البنك الدولي، أن العالم
سيواجه نقصًا نسبته 40% بين الطلب المتوقع على المياه والإمدادات المتاحة منها،
بحلول عام 2030، مشيرًا إلى أن الأمن المائي مازال يمثل تحديًا لكثير من البلدان
اليوم، وهى تحاول معالجة مشاكل المياه المعقدة التي تغطى مختلف القطاعات
الاقتصادية، نتيجة النمو السكاني والاقتصادي، الذى سبب ضغوطًا غير مسبوقة على
الموارد المائية.
"أهل مصر" ترصد خلال هذه التقرير مصير المياه في مصر بحلول 2030.
أزمة في المياه قبل 2030
عقب جدل أُثير على ضوء سد النهضة الأثيوبي الذي شرعت
أثيوبيا في بنائه، والذي من شأنه أن يقلل حصة مصر من المياه، بدأ العديد من
الخبراء في بحث تأثير هذه السد على المواطنين والزراعة في مصر.
في هذا الصدد، قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن مصر
ستواجه أزمة مياه بحلول العام 2025، فهي مسجلة حاليا في تقارير منظمة الأمم
المتحدة ضمن البلدان المهددة بشحة المياه التي ستتحول إلى أزمة قائمة بعد عقد
نتيجة للزيادة السكانية السريعة واستمرار إهدار المياه.
أوضحت الصحيفة أن معدل المياه المخصصة للفرد سنويا شهد
تراجعا كبيرا في مصر من 2500 متر مكعب في عام 1947 إلى 660 متر مكعب في العام 2013،
مما ينذر بالتناقص الكبير في المياه العذبة الصالحة بمصر.
أضافت الصحيفة البريطانية، أن مشاكل شحة المياه تضخمت
بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير، حيث استغل الكثيرون ضعف الرقابة الحكومية لتشييد
الآلاف من المباني، وإدخال المياه إليها بالسرقة من شبكة أنابيب المياه المخصصة
لأحياء مجاورة، لافتة إلى أن سرقة المياه من شبكات الأنابيب التي تعانى من القدم
وتسرب ما يصل إلى 35% من المياه أضحت أزمة متجددة، فشبكات المياه لا تكفى الأحياء
المخصصة، لذا لا يمكن استخدامها في تغذية مباني غير قانونية، وزيادة الأعباء عليها،
نظرا لقدمها الذى يسبب تسريب مياه عذبة يمكن أن تكفى 11 مليون فرد.
الزراعة في خطر
تعتمد الزراعة في مصر الري من مياه الميل بنسبة كبيرة للغاية، الأمر الذي
يجعل شح الماء بمثابة كارثة كبيرة تهدد الأمن الغذائي في مصر برمتها.
في هذا السياق قال الدكتور محمود أبو زيد، وزير الموارد المائية
والري الأسبق، ورئيس المجلس العربي للمياه، إن 14% من المياه في مصر تخصص لقطاع
الزراعة، فيما تستهلك الصناعة 30%، والخدمات الأخرى 56%.
لفت أبوزيد، لـ"أهل مصر"، إلى أن مصر تحت حد
الفقر المائي بنحو 650 متر مكعب لكل فرد، بينما الحد العالمي ألف متر مكعب للفرد
الواحد.
أشار وزير
الموارد المائية والري الأسبق، إلى أن نهر النيل يعاني من التلوث، سواء الصناعي أو
الصرف الصحي، وخاصة مصرف "الرهاوي" بالجيزة، والذي أدى إلى أثر سلبي على
الثروة السمكية، موضحا أن مياه الصرف الصحي تتم معالجتها واستخدامها كمياه للشرب
في بعض البلاد مثل سنغافورة، كما أن الزراعة في إسرائيل تعتمد بالكامل على مياه
الصرف الصحي المعاد معالجتها، والتي تصل إلى نحو 2 مليار متر مكعب.
قلة التمويل السبب
أزمات نقص المياه لم تتوقف على المستقبل القريب فقط، فهناك العديد من القرى
والنجوع تعاني من نقص المياه، فيما توجد أخرى لم تصل إليها من الأساس، الأمر الذي يشكل
خطرًا كبيرًا على حياة هؤلاء المواطنون في المستقبل.
على هذا المنوال، أرجع المتحدث باسم وزارة الري والمياه، خالد
واصف، سبب أزمة المياه الحالية إلى أن قطاع المياه يعانى من قلة التمويل الذى
يجعلها قادرة على تحديث شبكات الأنابيب، وإقامة المشاريع التي تهدف إلى الحفاظ على
المياه وتقليص نسبة إهدارها، فميزانية الحكومة تخصص قدر ضئيل لمشاريع المياه، مما
يزيد من تفاقم المشكلة.