حالة من الجدل يشهدها مجلس النواب خلال الفترة الأخيرة حول مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.
بدأت اللجنة عملها اليوم الإثنين، بحديث الدكتور على عبد العال الجلسة؛ قائلا: إن فرض الأمر بالقوة أمر غير مقبول، مشيرا إلى أنه الطريق مفتوح للتعبير عن الرأى أمس خلال اجتماع اللجنة لمناقشة اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية.
ووجه الشكر للمتخصصين الذين تحدثوا أمس، بجلسة اللجنة التشريعية، وطالب بالالتزام بقواعد الحوار، لافتا إلى أن ما حدث بالأمس أمر غير مقبول، وقال "أنا لا انظر للصحافة الوطنية ولكن انظر للصحافة العالمية والتقارير التى تصلنى والتقرير الذى وصل أمس مؤلم".
وأضاف عبد العال، أنه لا يمكن أن يكون هناك اتفاق على الإطلاق فى أى قضية ولكننا يجب أن نحترم كل هذه الأراء وفى النهاية يحسم الأمر بالتصويت الجميع من حقه يتكلم ويوجه النقد فى إطار اللائحة وفوق هذا هناك أدب للحوار والحديث.
شد وجذب
وشهدت اللجنة مشادات كلامية بين النواب المعارضين للاتفاقية وبين النواب المؤيدين لها وتوقفت أعمال اللجنة أكثر من مرة واضطر الدكتور على عبد العال إلى إنهاء الاجتماع، على أن تعقد اللجنة اجتماعها الثالث مساء اليوم الاثنين، فى تمام الساعة التاسعة والنصف، على أن يكون الاجتماع قاصر على أعضاء اللجنة التشريعية فقط، دون السماح لأى عضو من الأعضاء الآخرين للحضور.
تكنل "25 _ 30"
وطالب النائب صلاح حسب الله، من الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب تطبيق اللائحة على النواب الذين يخالفوا اللائحة الداخليه ويحاولون تعطيل الاجتماع، ورد عليه النائب محمد عبد الغنى من التكتل "٢٥-٣٠": "يعنى احنا اللى بتعطل ليكم الجلسة".
وثار النائب حمدى بخيت قائلا: "أيوة أنتم بتعطلوا الاجتماع..فهاج نواب بعض النواب قائلين: "ما تشوفوا مين اللى بيعطل الاجتماع دلوقتى"، وقال النائب خالد يوسف موجها كلامه للدكتور على عبد العال: "ما تشوف يا دكتور مين اللى بيعطل الجلسه إحنا ولا هما ولا هى اللائحة بس بتطبق علينا، وتدخل الدكتور"عبد العال" محاولا التهدئة.
وشهدت أيضا اللجنة مشادة بين النائبة غادة عجمى والنائب أحمد الطنطاوى بسبب اعتراض النائبة على مقاطعة طنطاوى لها، قائلة: "أنتم مش عايزين نسمع ونعرف الحقيقة اللى بتقول إن الجزيرتين سعوديتين".
رئيس المجلس
وقال عبد العال، رصدت وكالات الأنباء هذه الصور وتحت الصورة كتب هذا ما يحدث فى برلمان عريق هو البرلمان المصرى صورة لنائب يمشى الهوينة تحت المنصة، وأضاف هذا أمر غير مقبول وعلى من يعترض يرجع للبرلمان قبل ثورة 52 ويستعرض أدب الحديث والحوار.
وتابع عبد العال، أن من يرتدى الزى العسكرى عليه أن يحظى بالتقدير والاحترام لا بالمقاطعة والتلويح هؤلاء العظام من قدموا الشهداء وارتوت أرض يناء بدمائهم على كل من يقترب عليه أن يقدم الاحترام لا أن يلوح بالأيدى، مضيفا: "من حارب وقدم الشهداء وبذل الدماء لا يعرف البيع والتفريط"، لافتا إلى أن الذين يعرفون البيع والتفريط معروفين ومرصدوين.
اعتراضات
وتدخل النائب مصطفى كمال الدين حسين، برفض ما قاله الدكتور على عبد العال، مؤكدا أن هذه إساءة للنواب، ليتدخل النائب سعيد شبايك موجها كلامه لمصطفى حسين، قائلا انت قليل الأدب.
واحتد خالد يوسف، عضو مجلس النواب، على الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس، بسبب تلميح الأخير بتلقى بعض النواب تمويلات من الخارج قائلا: اللى بتقوله ده لازم تعتذر عنه، احنا ملتزمين بأدب الحوار، وأنت السبب فى عدم انضباط الجلسة.
وتابع يوسف، موجها كلامه لرئيس المجلس: إنت السبب فى عدم انضباط الجلسة، واللى بتعمله ده إرهاب، احنا مش واخدين حقنا فى الكلمة.
الحكومة تودع صور اتفاقية "ترسيم الحدود"
من جانبه قال المستشار عمر مروان وزير الشؤون القانونية والنيابية، أن الحكومة تشرفت بأيداع صور من محاضر ١١ اجتماعا للجنة القومية التى كانت منوطة بالتفاوض مع الطرف السعودى على ترسيم للحدود بمجلس النواب لنرد على ما أثير أنه كانت هناك ثمة اعتراضات من الجانب المصرى فى المفاوضات مع الطرف السعودى، مشيرا أى أنه يوجد فريق من الحكومة للرد على هذه الأمور، وذلك لتكون الأمور أكثر شفافية.
وقال السفير محمود سامى مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية الدولية والمعاهدات إن ما تردد حول تقديم مصر تحفظات على خطوط الأساس الخاصة بالسعودية فى المناطق البحرية فى البحر الأحمر إلى الأمم المتحدة غير صحيح، مضيفا مصر قدمت إعلانا وليس تحفظا بأنها ستتعامل مع خطوط الأساس الوارد إحداثياتها الجغرافية فى الجدول المرافق بالمرسوم الملكى السعودى بما لا يمس الموقف المصرى فى المفاوضات ذات الصلة.
وأضاف سامى، أن اللجنة الفنية المصرية لترسيم الحدود هى لجنة فنية تضم خبراء فنيين وإن ما يحكم عملها هو نقاط الأساس واتفاقية قانون البحار، لافتا إلى أن اللجنة ليس لها أى بعد سياسى وإنما تمارس عملا فنيا بحتا.
وتابع سامى، فى معرض رده على ما أثاره النواب خلال اجتماع أمس الأحد للجنة بشأن محاضر جلسات المفاوضات الـ11 بين الجانبين المصرى والسعودى، إن جميع المحاضر ذات الصلة ليست سرية وتم تقديمها ضمن ملف الحافظات للمحكمة أثناء نظر القضية.
وردا على تساؤل "هل تخضع إتفاقيه تيران وصنافير لاستفتاء شعبى"، قال الدكتور صلاح فوزى رئيس قسم القانون الدستورى بجامعة المنصورة: طبقا للمادة 151 من الدستور فإن الاتفاقيه ليس لها علاقة بهذا الموضوع، وهذه المادة استبعدت هذه النوعيه من الاتفاقيات من الامور الواجب الاستفتاء عليها.
وأضاف الدكتور صلاح فوزى موجهًا حديثة للنواب، أنه لا يجوز إدخال تعديلات على الاتفاقية.
وكشف فوزى، أنه حين التصويت فإن من يصوت بالرفض عليه أن يوضح الأسباب.
وأكد الدكتور السيد الحسينى رئيس الجمعية الجغرافية المصرية، أن مسألة وجود أعداد كبيرة من الوثائق والخرائط يجب ألا يتم معاملتها "على قدم المساواة"، حيث إن هناك جهات كثيرة تعد وتطبع خرائط دون مرجعيات سليمة، ما يصل بنا إلى نتيجة أنه "ليس كل أطلس يمكن الاعتداد به كوثيقة".
وأوضح الحسينى، أنه تم اللجوء فى نظر خطوط الأساس لتعيين الحدود البحرية إلى الأطلس الدولى عن مصر الذى تم إعداده عام 1928 بتكليف من السلطات المصرية وصدر بمناسبة انعقاد المؤتمر الجغرافى الدولى فى القاهرة عام 1925.
وأشار الحسينى، إلى أن المتعارف عليه أن أراض وجزر كل دولة يتم تظليلها بنفس اللون، وأن الخريطة المتواجدة فى هذا الأطلس تظهر أن الجزيرتين ليستا ضمن الأراضى المصرية وتأخذ لون الأراضى السعودية.
وعما تردد عن عدم وجود المملكة العربية السعودية عام 1928، قال الحسينى إنه فى هذه الفترة كانت هناك مملكة الحجاز التى أصبحت فيما بعد المملكة العربية السعودية.
وحول اللوحة رقم 6 من خريطة مصر وأن الجزيرتين مظللتان بلون الأراضى المصرية، قال الحسينى: "هناك خريطتان بالفعل للوحة رقم 6، إحداهما صدرت عام 1937 وبالفعل تم تظليل الجزيرتين بلون الأراضى المصرية، والأخرى عام 1943 ولكن لم يتم تظليلهما بنفس اللون.. ما يطرح تساؤلا: أى الخريطتان يتم الاعتداد بها؟".
من جانبه، حذر النائب إبراهيم القصاص من أن الصورة التى يتم تصديرها للمناقشات التى تتم بشأن "تيران وصنافير" منحت "ملعبا خصبا" لجماعة الإخوان الإرهابية التى خرج متحدثها ليوجه اتهامات للجميع بالخيانة.
وطالب القصاص، بضرورة الاستناد إلى الخرائط والاطلاع على كافة المستندات، حتى لا يحكم الشباب على المجلس ويكون فريسة لاتهامات غير صحيحة.
وعادت المشادات مرة أخرى للقاعة عقب حديث الدكتور السيد الحسينى رئيس الجمعية المصرية الجغرافية الذى تحدث من قبل فى اجتماع الأحد، حيث اعترض بعض النواب المعارضين مثل ضياء دواد وخالد يوسف ومصطفى كما الدين حسين على الاستماع لوجهة نظر واحدة من الخبراء مؤيدة لسعودية جزيرتى تيران وصنافير وطالب النواب بالاستماع لخبراء اخرين من مؤيدى أن الجزيتين مصريين.
وانتقد طنطاوى، خبراء الحكومة والفنيين، مؤكدا أنهم على غير ذات المسؤلية، وكأنهم سعوديين، مشيرا إلى أن ما يسردونه به العديد من المعلومات الغير دقيقة، مطالبا بضرورة إتاحة الفرصة للأضعاء للتعبير عن آرائهم بكل حرية.
وهدد الدكتور على عبد العال برفع الجلسة، وتطبيق اللائحة على الأعضاء غير الملتزمين، فى الوقت الذى طالب النائب محمد مدينة، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، بضرورة تطبيق اللائحة.
وأكد عبد العال أنه سيقوم بالتصويت على خروج أى نائب يعمل على الحصول على الكلمة بدون إذن، لأن هذه الفوضى أمر غير مقبولة.
هتافات وفوضى
وعقب ذلك عاد الهدوء نوعا ما حتى ضجت القاعة مرة أخرى بالفوضى والهتاف "مصرية مصرية.. باطل باطل" بعدما أكد النائب بدوى عبد اللطيف، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أكد أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان، وهو ما اعترض عليه أعضاء المجلس، مما دفع النائب خالد يوسف لمغادرة مقعده والتوجه نحو النائب وكاد يشتبك معه، لولا تدخل النواب ومنعه من الوصول إليه.
وبعدها شهدت الجلسة حالة من الهرج والمرج، فشل الدكتور على عبد العال، فى السيطرة عليها، مما دفعه لرفع الاجتماع.