حزب النور، أو هكذا يطلق على نفسه، وكما يقولون لا يضير الإسم من يحمله، فالكل مرهون بأفعاله ومواقفه التي تحسب عليه وحده، حتى وإن حاول البعض ارتداء غطاء الدين لكي يحسب مواقفه على الدين، لمحاولة إكسابها العصمة من الخطأ، ولتبرير الكلام في كل شيئ بداية من السياسة وأمور الدولة، ووصولاً إلى أحكام الزواج السري، والتي أفتى فيها الأزهر وهو المرجعية الدينية العليا في مصر والعالم الإسلامي.
وحاول التيار السلفي وعلى رأسه حزب النور، الركوب على تصريحات الأزهر بشأن أن الزواج السرى دون علم ولى الفتاة باطل للمطالبة بتعديل قانون الزواج والمطالبة بألا تتزوج المرأة بدون وليها الشرعي وهو الأمر الذى اعتبرته ناشطة حقوقية انتهاك لحقوق المرأة، فيما قال إمام بوزارة الأوقاف وداعية أزهرى إن هذه المطالبات من السلفيين مزايدة.
فى البداية طالب سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، بتعديل صحة شروط الزواج فى القانون المصرى، بحيث لا يُسمح للفتاة بأن تتزوج بدون ولى، معتبرًا أن تزويج الفتاة لنفسها باطل، بحسب بيان صادر عنه.
وقال "عبد الحميد" فى بيانه: "أطالب بتعديل قانون الزواج المصرى، إذ يُجيز القانون للفتاة أن تتزوج بدون ولى، والصواب أنه لا يجوز للمرأة أن تُزوج نفسها، فإن زوجت نفسها فنكاحها باطل عند جمهور أهل العلم سلفًا وخلفًا، قال النبى صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولى، صحيح الترمذى".
وأضاف الداعية السلفى: "أكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب فى حديثه اليومى الذى يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان، أن الزواج بدون ولى باطل، وذكر حديث النبى: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" والحديث صححه الألبانى، وعلى هذا فأطالب أعضاء مجلس النواب بتعديل قانون الزواج المصرى ليتوافق مع الكلام الشرعى الذى ذكره شيخ الأزهر، وذلك باشتراط موافقة ولى المرأة فى عقد الزواج، وفى هذا حماية للفتاة ولحقوقها الشرعية والقانونية حتى لا يعبث بها أحد".
فى المقابل ردت داليا زيادة، مدير ومؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، قائلة إن السلفيين هذه الأيام مهتمون بقانون الأحوال الشخصية، ونصوص الزواج فيه بشكل مبالغ فيه، منذ بضعة أيام خرج علينا من يطالب بتغيير القانون ليسمح بتعدد الزوجات دون أذن الزوجة الأولى، واليوم تخرج علينا هذه الفتوى الباطلة لتقول إنه ليس من حق المرأة البالغة أن تزوج نفسها، وهو أمر مشروع، إذن الولى واجب وليس فرض ومسألة بطلان الزواج بدونه مسألة غير سليمة.
وأضافت مؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة أن عقود الزواج اليوم يتم تسجيلها وتوثيقها فى الشهر العقاري، بما يضمن حق الزوجة تمامًا، وليس كما كان الحال فى الماضى يتم تزويج الفتيات شفويًا بين رؤساء العائلات.
وأوضحت أن هذا الاهتمام المبالغ فيه من السلفيين بمثل هذه الأمور لا يهدف إلا لأحداث بلبلة لا داعى لها، وربما تكون مثل هذه الفتاوى مدخلا جديدا يبحث عنه السلفيون لكسب قواعد شعبية أو استعادة القواعد الشعبية التى خسروها بسبب الأحداث السياسية فى السنوات الماضية، لأنهم يعرفون أنها ستلقى هوى لدى طبقات معينة خصوصًا فى المجتمعات المتعصبة والأقل تعليمًا.
من جانبه قال الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، إن القانون اشترط لتزويج الفتاة نفسها كونها بالغة عاقلة رشيدة ومتزوجة بمهر المثل وأن يكون الزوج كفؤا لها وهذه شروط معتبرة وموافقة للمذهب الحنفي.
وأضاف الداعية الأزهرى، أن الإمام أبو حنيفة لديه أدلته المعتبرة فى هذه المسألة ولو تخوف البعض من تزويج المرأة نفسها فى ذلك فهناك تخوفات مماثلة من تعنت بعض الآباء أو الأقارب فى تزويج بناتهن والقانون المعمول به اعتاده المصريون ولا يسبب مشكلات إلا فيما ندر، واصفًا مطالبات السلفيين بالمزايدات.
كان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قال إن هناك لبسًا فى الأذهان بين الزواج العرفى، وبين زاوج السر، وبين الزواج العادى، وبسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة فى بعض الأوساط الطلابية انطلاقًا من أن هناك زواجًا عرفيًّا بمعنى الزواج السرى، وبالتالى لابد أن نعرف ماهية الزواج السرى وماهية الزواج العرفى، فالزواج السرى: هو الذى يتم بدون شهود، وهو باطل، أو يتم بشاهدين لكن يُوصى كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفى كل أحواله يغيب الولى، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولى وعدم معرفته.