واصل مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام رحلتهالإيمانية مُتصديًا للأفكار التكفيرية في حلقة جديدة من برنامج "مع المفتي" المذاع على قناة الناس، ومفندًا الشبهات المثارة حول حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَاوَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ".
وأوضح أن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة لقيامكثير من المجموعات الإرهابية أو ذات الفكر المتطرف بفهمهفهمًا خاطئًا.
واستهل المفتي ببيان أهمية الصلاة وقيمتها في الإسلام، فقال: "الصلاة عماد الدين، وهي ركن من أركان الإسلام، وقدأمرنا الله عز وجل بإقامة الصلاة فقال سبحانه: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَوَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقال أيضًا عز وجل: {إِنَّ الصَّلاَةَكَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]. وكذلك فقدقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ،شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ،وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتِ"، وكل هذهالنصوص والأدلة وغيرها تؤكد اعتناء الإسلام بها، كما أنها صلة وثيقة بين العبد وربه، يكون فيها القلب خاشعًا وخاضعًا للهيشعر بالذل أمامه، هذا الذل الذي يجعله عزيزًا عند بنيالإنسان".
وأضاف فضيلته: "إن الصلاة لها عناية خاصة في الإسلام، فقدحُدِّد لها أركان وأوقات وبداية ونهاية، ولا يجوز تأخيرها عنوقتها إلا لعذر شرعي كما أوضحت النصوص الشرعية".
ونبَّه فضيلة المفتي على الفرق بين ما جاء في الحديث من قولهصلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ" وبين من يتركهاكونه كافرًا، فقال: "ولم يُعبِّر صلى الله عليه وسلم بأنه كافر، فلوقال: كافر؛ فهو وصف ثابت على هذا الشخص يلحق به، ولكن "كفَرَ" يفيد الحدوث والاستمرار".
وأشار فضيلته إلى ثلاثة أحوال تتعلق بهذا الحكم، الأول: حالةالنسيان والنوم، فقال: "هذا عذر شرعي لا يوجب تكفير الإنسانمطلقًا، ومن الأدلة التي بيَّنت أنه عذر شرعي قول النبي صلىالله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَاذَكَرَهَا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْأُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".
وعن ثاني حالات حكم تارك الصلاة وهو تركها كسلًا قالفضيلته: "ترك الصلاة كسلًا ليس عذرًا شرعيًّا". وأضاف: "منيتركها كسلًا وهو مؤمن بفرضيتها لا يجوز تكفيره كما هوالمختار من قول العلماء، وهو القول المعتمد في دار الإفتاءالمصرية كذلك هو قول العلماء المعتبرين من قديم الزمان، معمراعاة المداومة على نصح هذا الشخص وتذكير كل من حولهمن أصدقاء له ومقربين بأهمية وقيمة الصلاة".
وحذَّر فضيلته من التساهل في التكفير في هذه الحالة؛ لأنالنبي صلى الله عليه وسلم علَّق أمر هذا الإنسان على مشيئة اللهإن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وتعليق الأمر على المشيئة يعنيوجود الإيمان ووجود الإسلام، والمسلم في هذه الحالة داخلفي دائرة المسلمين، كما في قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْيُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} [ النساء: 48].
وأوضح فضيلة المفتي ثالث حالات ترك الصلاة، وهي: تركهاجحودًا وإنكارًا والاعتقاد بأنها غير مفروضة أو لا قيمة لها، فقالفضيلته: "فهنا يكون هذا الإنسان قد أنكر من الدين ما هو معلومبالضرورة وخالف إجماع الأمة والعلماء، وخالف النصوصالشرعية، فيكون الحكم عليه بالكفر لإنكاره وليس لمجرد الترك".
واختتم فضيلته حديثه مشدِّدًا على أنه ليس من سلطة العلماءتكفير من يترك الصلاة جحودًا وإنكارًا، بل ذلك من سلطةالقضاء وحده بعد التحقيق الدقيق ورفع كل ما يلتبس في الأمر.