دور قطر التخريبي في ليبيا كان مبكراً للغاية، حيث عملت الدوحة لسنوات علي زعزعة الاستقرار ودعم الميليشيات الإرهابية في ليبيا.
حيث كانت على توافق مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي في علاقاتها مع بلدان الخليج، وهو ما كشفت عنه المكالمات الهاتفية التي سربت أخيراً بين أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني والقذافي.
وبدأ بقوة بعد انهيار نظام القذافي وتشكيل المجلس الانتقالي، حيث قدم ستة أشخاص من قطر يمثلون تيار الإخوان وأصبحوا أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي، وشكلوا لاحقاً حلقة الوصل بين المجلس والحكومة القطرية وعلى رأسها الأمير حمد.
وقالت صحيفة نيوزويك الأمريكية أن قطر في هذا الوقت المبكر بدأت في حشد المجموعات المسلحة التي تنتمي غالبيتها إلى الإسلام السياسي وعلى رأسها الجماعة الليبية المقاتلة وبقايا تنظيم القاعدة والمجموعات التي ترتبط بتنظيم الإخوان، وفي مقدمتها ما سمي بعد ذلك بالدروع.
وأكدت أن قطر بدأت تمد هذه المجموعات بالسلاح عبر هبوط طائرات لا تخضع لمراقبة السلطات الليبية، بل لمن كانوا يسمون أنفسهم بأنهم ثوار، ويخزنون هذه الأسلحة في مزارع معروفة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وضمت أسلحة ثقيلة كالمدافع والراجمات.
إغراءات مالية
كما بدأت قطر بتقديم إغراءات مالية لكثير من أعضاء المجلس الانتقالي خلال الزيارات التي قاموا بها إلى الدوحة، سواء من المنتمين لحركة الإخوان أو المتعاطفين معهم، أو ممن لم يكن لديهم موقف وطني واضح وخضعوا لهذه الإغراءات المالية.
وثبت في محاضر اجتماعات المجلس كل الزيارات التي قام بها هؤلاء إلى الدوحة، والأموال التي قدمت لهم هناك، حيث عقد أكثر من اجتماع لبحث هذا الملف، رغم اعتراض أعضاء المجلس من المنتمين لحركة الإخوان، ووثقت كل وقائع استلام هؤلاء للأموال القطرية بالتواريخ والأسماء.
وأكدت أن هؤلاء عادوا بأموال محددة من قطر تبدأ من 250 ألف دولار إلى نصف مليون دولار للشخص الواحد، وقد طلب منهم إعادتها إلى خزينة الدولة وتقديم بيانات بذلك إلى المراقب المالي للمجلس، كون ذلك يشكل مساساً بشرف عضوية المجلس.
وفيما يتعلق بالجماعات المتشددة قالت الصحيفة أن مسؤوليها كانوا يتحركون إلى قطر متى وكيفما رغبوا، وكانوا يجلبون الأموال والسلاح والذخائر، وأن المحاضر الرسمية لاجتماعات المجلس وثقت تورط أعضاء في المجلس من المنتمين لحركة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم في السفر إلى قطر لهذا الهدف وعلى متن طائرات خاصة كانت تقلهم بالعشرات من مطار بنينا إلى مطار الدوحة في قطر.
منعطف
واشارت إلى أن المنعطف الخطير التالي في مسلسل التدخلات القطرية في الشأن الداخلي الليبي تمثل في اغتيال رئيس الأركان الليبي الأسبق عبدالفتاح يونس، عندما بدا جدياً في بناء قوات مسلحة، وكان على تناقض مع المجموعات والميليشيات المسلحة، مؤكداً أن قطر ليست ببعيدة عن تصفيته، لأن من اغتاله يأتمر بأوامر قطر ويتلقى منها الأموال والسلاح.
وأضافت أن أبرز ما يمكن أن يقال إن قطر كانت وراء تنصيب وتأييد محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير الذي أعطى تعليماته ببيع حصة ليبيا في المصرف الليبي القطري للقطريين، إضافة لذلك وبدعم من الإخوان وتحديداً محمد الحريزي وعبدالرزاق العرابي، تم طرح مشروع الحرس الوطني في المجلس الانتقالي، الذي كاد أن يمر لولا وقفة قوية من الوطنيين الذين أدركوا مبكراً نوايا قطر المبيتة في تفتيت القوات المسلحة وتشكيل الحرس الوطني.
تحرك أخير
وكشف سياسي ليبي أن إدارة التوجيه المعنوي وإعلام القوات المسلحة العربية الليبية قدما عددا من الملفات لوزارة العدل في الحكومة المؤقتة، وطالبتها بتشكيل لجنة قانونية لفحص الأدلة والمستندات التي تثبت علاقة قطر بالميليشيات المسلحة، وخاصة السرايا التي حاولت الاستيلاء على الموانئ النفطية والعودة إلى بنغازي، لكنه أسف لما وصفه بـ"التحرك البطيء للحكومة المؤقتة".
لكنه أشار إلى أن التحرك الأخير الذي تبنته بلدان الخليج ومصر بشأن قطر ساهم في إعادة العمل على كثير من الملفات والوثائق الموجودة لدى ليبيا لمواجهة تدخلات الدوحة في الشأن الليبي.