انتشرت حوادث الدهس والقتل ضد مسلمين، وغيرهم من الأقليات، في الدول الغربية، على يد يمينيين متطرفين، يتبنون أفكاراً عنصرية، ويرون في أنفسهم الجنس الأفضل والأسمى مقارنة ببقية البشر.
أحدث تلك الهجمات كانت دهس مصلين في مسجد فينسبري بلندن، بشاحنة أثناء الصلاة ومقتل فتاة مسلمة بعد خروجها من أحد مساجد فيرفاكس بولاية فيرجينيا الأمريكية ضربا حتى الموت.
منفذ هجوم مسجد لندن: سأقتل جميع المسلمين
وبالرغم من أن التحقيقات أظهرت أنه لا صلة لكلا المعتدين بجماعات متطرفة، إلا أن هجومهما يُظهر توغل الفكر اليميني المتطرف داخل قطاعات واسعة من المجتمع الغربي.
وقامت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية بإجراء تحقيق موسع حول الهجمات ضد المسلمين خصوصاً والأقليات بشكل عام في الغرب تحت عنوان "من الذي ساعد في تطرف مهاجم فانزبيري".
وذهبت فيه إلى أن خطاب الكراهية المستمر، الذي تقوم به منظمات يمينية متطرفة مثل "بريطانيا أولا"، أسهم في تأصيل الكراهية الشديدة للأقليات، بناء على نشر مخاوف ومعلومات لا صحة لها، مثل "أن المهاجرين سيأخذون الوظائف من أيدي البريطانيين العاملين، وأن المسلمين يشكلون خطرا في المجتمعات، كيف أن البولنديين المهاجرين يريدون العبث بالاقتصاد البريطاني".
وغيرها من العبارات المزيفة التي تحملها تلك التيارات إما عن جهل أو تزييف مقصود لدعم الحركات سياسيا وعلى الأرض.
التيارات اليمينية مشهورة باستعمال "تكتيكات الخوف"، والتي تُظهر العداء والكراهية لكل من لا يتبع العرق أو الديانة أو الفكر أو جميع ما سبق، الخاص بتلك المجموعات.
وتتباين استعمال "تكتيكات الخوف"، على حسب ما تريده تلك التنظيمات، إما كسب مقاعد في الانتخابات أو محاولة طرد الأقليات من مناطق نفوذها أو القيام بعمليات تطهير عرقي، حيث يزرعون الخوف من الأقليات بشكل هستيري وغير مبرر ويقومون بتزييف الحقائق بشكل ممنهج وفعال للاستفادة من خوف العامة وتوجيهه نحو استعمال العنف والعنصرية ضد الأقليات.
ومن أبرز التنظيمات اليمينية التي تنتهج العنف ضد الأقليات والمهاجرين في الغرب.
النازيون الجدد
وهي أكثر التنظيمات اليمينية المتطرفة عنفا ودموية، حيث يعتنقون الفكر النازي الذي أسسه أدولف هتلر قبل بداية الحرب العالمية الثانية، وهو توجه يمجد العرق الأري (الأبيض) ويضعه في مرتبة إلهية فوق الأعراق الأخرى، وأن تلك الأعراق وجُدت لخدمة العرق الأري.
وينتهج هذا التنظيم العنف بشكل أساسي في توجهه، سواء كان لفرض رأيه أو لطرد من لا يراهم مستحقون للعيش بجوارهم باستعمال "تكتيكات الخوف" مثل تأجيج السكان المحليين ضدهم وضرب، وأحيانا قتل، أفراد من الأقليات في رسالة واضحة لهم بالخروج من المجتمعات التي يقطنونها.
وأبرز المنظمات التابعة لهذا الفكر هي الحزب النازي الأمريكي في الولايات المتحدة، وتنظيم "الجبهة الوطنية البريطانية" في المملكة المتحدة.
وتعد العديد من تلك التنظيمات محظورة في عدد من دول الغرب نظرا لاستعمالها العنف والتطرف بشكل ممنهج ومستمر والذي يقوّض الأمن والسلم المحليين في تلك الدول.
اليمين المتطرف
وهي تنظيمات وأحزاب تتبع النهج المحافظ والمتدين كله بشكل مبالغ فيه، حيث يقومون بتفسير النصوص الدينية في الإنجيل بشكل يخدم من يتبع ديانتهم أو فكرهم دون غيرهم، وعادة ما يكونون مرتابين وغير مرحبين بأي ثقافات أو أقليات تتواجد بينهم، بالإضافة إلى معاملتها بشكل دوني نظرا لأنهم يرون أنفسهم الأفضل بين البشر.
وهذا الفكر هو الأكثر انتشارًا في الدول الغربية حيث ينتشر في صورة جمعيات ومؤسسات مجتمعية وأحزاب تناهض التعددية المجتمعية وتشدد على ضرورة الإبقاء على القيم "البيضاء" للمجتمع.
ويعارضون بشكل شرس قدوم المهاجرين واللاجئين إلى أوطانهم، بالإضافة إلى التوجس من الديانات الأخرى، خصوصا الإسلام، واتهامها بالتطرف أو التخلف أو إعاقة الحضارة الغربية، ويلجأ بعضها الى استعمال العنف لتنفيذ أجنداته.
وأبرز تلك المنظمات هي المنظمة الأمريكية للحماية، وتنظيم "كلو كلاتس كلان" العنصري المتطرف الأمريكي والحزب الأمريكي الاستقلالي، وفي أوروبا منظمات مثل حزب الشعب السويسري والجبهة الوطنية الفرنسية وحزب الاستقلال البريطاني.
وبالرغم من أن عددا كبيرا من تلك المنظمات والأحزاب ذات توجه سياسي واجتماعي، إلا أنها لا تعتبر العنف ضد الأقليات جريمة يعاقب عليها القانون، بل وثبت تورطها مع تنظيمات يمينية متطرفة تنتهج العنف تابعة للنازيين الجدد.
المليشيات الدستورية والحركات الوطنية المسلحة
نموذج متطور من يمين الراديكالي لكن بنزعة عسكرية، فهي حركات مسلحة تناشد بحق حمل السلاح دستوريا للدفاع عن "الديموقراطية" و"الحرية الدستورية"، وعادة ما تنتهج تلك الجماعات المسلحة الفكر اليميني الراديكالي.
وتتواجد تلك المنظمات بشكل أساسي في الولايات المتحدة تحت مسمى "المليشيات الدستورية"، ولا يوجد تواجد رسمي لها في أوروبا نظرا قوانين الحمل السلاح الصارمة في القارة العجوز، وتقوم تلك المليشيات باستعراض قوتها العسكرية على الملاء، حيث يسيرون في مجموعات مسلحة ببنادق أوتوماتيكية وبنادق قنص، مع ارتدائهم للزي العسكري، حيث إن العديد منهم قد خدم في قطاعات القوات المسلحة الأمريكية المختلفة خصوصا الجيش والمارينز.
وتناهض تلك الجماعات الأقليات بشكل واضح، وتقوم برفع شعارات مستفزة للأقليات بشكل عام وللمسلمين بشكل خاص، ويختلف التعامل القانوني معهم بحسب الولايات التي ينشكون بها، إلا أن إحصائية لمعهد بيو الأمريكي للإحصاء أشار الى قفزة كبيرة في نشاط تلك المليشيات في عدد من الولايات الوسطى والجنوبية الأمريكية منذ عام 2015 حتى اليوم.