في الوقت الذي انهالت فيه إعلانات نجوم الفن والرياضة والطرب لحث المواطنين على التبرع لمستشفيات بعينها، وبالتحديد مستشفى57357 لعلاج سرطان الأطفال ومستشفى القلب بأسوان الذي يشرف عليه الطبيب مجدي يعقوب ومستشفى بهية لعلاج سرطان الثدي، تبقى مستشفيات أخرى يعاني مرضاها من الموت البطيء، ولم تأت هذه المستشفيات على أذهان القائمين على حملات التبرعات، وكأنها نسيًا منسيًا، ما يثير التساؤلات حول مصير الملايين من تبرعات المواطنين والمؤسسات لهذه المستشفيات بالتحديد.
يقول الدكتور محمود فؤاد مدير مركز الحق في الدواء: إن تجاهل مستشفيات ومراكز طبية كبيرة تعاني من نقص الإمكانات هو جريمة مكتملة الأركان، في الوقت الذي تركز فيه حملات التبرعات على مستشفيات أخرى.
ويضيف فؤاد أن هناك أكثر من 15 مستشفى وصرحًا طبيًا في أمس الحاجة لتلك الأموال، ومنها على سبيل المثال المعهد القومي للأورام ومستشفي الدمرداش، ومستشفي الجذام، ومستشفي أبوالريش الياباني والمنيرة ومعهد دمنهور، بالإضافة إلى معهد أورام أسيوط ومعهد أورام سوهاج ومستشفي الأمراض النفسية والعصبية.
ولفت مدير الحق في الدواء إلى أن تلك المستشفيات تستقبل عشرات الآلاف من المرضى سنويًا وتعاني نقصًا حادًا في التمويل، لافتًا إلى أنه لا أحد يهتم بها من نجوم الرياضة والفن والقنوات الفضائية.
ويشير مدير المركز إلى أنه على مدار سنوات طويلة كان للمؤسسات الكبرى والأشهر نصيب الأسد من التبرعات التي يوجهها المواطنون لصالح المنشآت الطبية، خاصة خلال شهر رمضان الذي قد يذاع خلال يومه إعلان التبرع أكثر من مرة، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه مستشفيات أخرى من قلة وعجز الإمكانات، دون أن يلتفت إليها أحد، وبالأحرى لعدم قدرتها على الانتشار والظهور وحجز إعلانات كما تفعل مثيلاتها المشهورة.
كما استنكر مطالبة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال في طلب التبرعات حتى الآن، على الرغم من أن عدد الأسرة المخصصة لعلاج المرضى لم يزد، وهو 312 سريرًا، ظل كما هو منذ وفاة علا غبور فى ديسمبر 2013 صاحبة فكرة إنشاء المستشفى.
وانتقد محمود فؤاد ما أسماه الاختيار على أساس التمييز الذي تتعامل به مؤسسة 57357 مع المرضى، مضيفًا أن المستشفى يختار علاج المرضى وفقًا لأعلى نسب شفاء، أي أنه يختار المرضى الذين سيحققون نسبة شفاء عالية، ولكنه يرفض الحالات المتأخرة.
وقال "فؤاد" إن المركز رصد أكثر من 18 شكوى من مرضى تم رفض قبولهم للعلاج بمستشفى 57357 خلال العام الماضي 2016، مشيرًا إلى أن الحالات كان من ضمنها أطفال توفى من بينهم اثنان، وذلك ضمن حالات عديدة يرفضها المستشفى كل عام، يرصدها المركز أيضًا.
وفي المقابل ظهرت في الأونة الأخيرة طرق جديدة لإعانة المستشفيات والمؤسسات الطبية الصغيرة والمنسية للحصول على تبرعات، حيث استطاع رواد صفحات التواصل الاجتماعي أن يتداولوا فيما بينهم رسائل للتبرع لهذه المستشفيات، و منها أبو الريش لعلاج الأطفال، والذي عانى خلال السنتين الماضيتين من نقص حاد في الإمكانات، ولكن لعدم قدرة المستشفى على توفير سعر الإعلان لم يستطع المنافسة في السباق الرمضاني للتبرعات، فضلا عن معاهد الأورام في الصعيد والمستشفيات النفسية، ومراكز القلب في المنصورة.
ولفت أن مركز الحق في الدواء رصد ٨ مستشفيات أورام تطلب تبرعات ٧٠٪ منهما مستشفيات أطفال، ومن بينها المعهد القومي للأورام الذي يزوره ٢٠٠ ألف مريض سنويًا وهو ما يظهر وجود زيادة في أعداد مرضى السرطان في مصر.
وأكد أن المعهد القومي للأورام لا يمانع في استقبال أي مريض على مدار ٢٤ ساعة، ولديه رقم حساب خاص به في جميع البنوك ويحتاج للتبرع، نظرا لأنه لا يضع شروطًا لاستقبال أي من فئات المرضى.
في السياق نفسه قال الدكتور شريف أبو النجا، مدير عام مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال: إن المستشفى لا يقبل مبدأ الواسطة ويتعامل بالحجز والأسبقية من خلال نظام ثابت لا يتم تغييره من أجل أحد.
وأضاف "أبو النجا" في تصريحات خاصة أن المريض الذي يتم رفضه في المستشفى هو فقط من سبق وتلقى العلاج في الخارج، ولكن ما دون ذلك لا يتم رفضه ويدخل ضمن قائمة الانتظار بالمستشفى حتى إذا كان لديه واسطة.
كما أكد على أن للمستشفى طاقة استيعابية، لأنه ملزم بعدد محدد ولا يمكن أن يستقبل جميع المرضى، مضيفًا أن المستشفى يراعي جيدا عدم التمييز بأي نوع من الوساطة أو المحسوبية، وهو النظام المعهود للمستشفى منذ سنوات.
نقلا عن العدد الورقي.