يتتبع الدكتور وليد محمود عبد الناصر في كتابه "تاريخ التطور السياسي في أمريكا اللاتينية بين الثورة والديمقراطية"، مدى عمق وثراء وتنوع تاريخ وتطور تجارب شخصيات وتيارات اليسار في كثير من بلدان أمريكا اللاتينية على مدار فترات متتالية ومراحل متعاقبة خصوصا في فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا الكتاب الصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يذهب وليد عبد الناصر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إلى أن ما قدمه هنا ليس حديثا في التاريخ المعاصر لدول بعينها، كما أنه ليس مجرد تحليق مجرد ومنقطع الصلة بالواقع في سماء العقائد والفلسفات والأيديولوجيات والأفكار على إطلاقها، حتى في ما يتصل باليسار ذاته.
ويضيف في الخاتمة أن هذا الكتاب يعكس جهدا متعمقا يمثل محاولة صادقة للجمع بين ما تقدم وتحديد موقع اليسار ما بين خيار الثورة وخيار الديمقراطية بمعناها التعددي.
وفي مقدمة الكتاب يؤكد المؤلف أن الإرث اليساري في أمريكا اللاتينية غير مقصور على السياسة، بل إنه يمتد إلى مختلف مجالات الحياة، فلا يجب أن ننسى مثلا أن "لاهوت التحرير" الذي نشأ في إطار الكنيسة الرومانية الكاثوليكية قد بدأ في أمريكا اللاتينية في سبعينيات القرن الماضي، وأوجد الكثير من الحراك والجدل العقائدي داخل الكنيسة الكاثوليكية عموما.
وعلى صعيد آخر، يضيف المؤلف، كانت أمريكا اللاتينية هي القارة التي انطلق منها في الأساس فكر "مدرسة التبعية" في الاقتصاد السياسي في حقبة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم هناك تراث فني وثقافي عريض لليسار في القارة من أدب وشعر وموسيقى وغناء ونحت ومسرح وسينما ويكفي أن نذكر اسمي الشاعر التشيلي بابلو نيرودا والأديب البيرواني جابرييل هربرت ماركيز في هذا الصدد.
يتألف الكتاب من 23 فصلا في 188 صفحة يمثل إضافة جديدة للمكتبة المصرية والعربية حول موضوع عنوانه على وجه الخصوص وحول موضوع اليسار والتحديات التي يواجهها بشكل عام، وحول أمريكا اللاتينية وقضاياها في إطارها العريض وسياقها العام.
والدكتور وليد محمود عبد الناصر حاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة جنيف، كما أنه ترأس جمعية المصريين في سويسرا ما بين عامي 1994 و1999، وأصدر ورأس تحرير دوريتها "شروق"، كما قام بالتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومن كتبه السابقة "إيران الثورة"، "دبلوماسية الثقافة"، "من بوش إلى أوباما"، "اليسار والعولمة"، "التيارات الدينية في مصر ومواقفها تجاه العالم".