أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، عالم مسلم اختلف حول جنسيته، إن كان عربيًا أو فارسيًا، لُقِّبَ بن الهيثم بألقاب عديدة، منها رائد علم الضوء، ونعتَهُ البيهقي بـ بطليموس الثاني، ولُقِّبَ بلقب أبو علم البصريات، وكُنِيَ بأبي علي، وقد ذَكَرت بعض الكُتُب صفات إبن الهيثم الخَلقية، حيث أنه كان قصير القامة ضئيل الجسم واسع العينين عالي الجبهة وجهُهُ أسمر داكن.. قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات عالم والطب والفزياء والفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة.
صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة حول بطليموس وأرسطو واقليدس في ذلك الوقت اعتمادًا على نظريات أن الضوء ياتي من ألاجسام الي العين وليس العكس كما كان يعتقد في تلك الفترة، ويعتبر بذلك صاحب فكره اختراع الكاميرا، وهو أول من شرّح العين تشريحًا كاملًا ووضح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم" والفلسفة العلمية والإدراك البصري مستخدمًا المنهج العلمي، وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.
يعتبر ابن الهيثم المؤسس الأول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي، وهو أيضًا من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في محاولة تفسيرها رياضيًا دون اللجوء لتجارب أخرى.
وجاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملًا يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.» فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل،[25] وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان وبعد أن تفقّد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع[ لضعف الإمكانات المتاحة في ذاك الوقت، وخوفًا من غضب الخليفة، إدعى الجنون، فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ1011م حتى وفاة الحاكم في عام411 هـ1021م وخلال تلك الفترة، كتب كتابه الأشهر المناظر.
قام ابن الهيثم بتأليف أكثر من 200 كتاب، ولكن فقد العديد منها، وتمّت ترجمة الكتب المتبقة إلى العديد من اللغات، حيث يعد كتاب المناظر أحد أهم أعماله، وجاء في سيرته أن أمير البصره قد سمع بِمهارة ابن الهيثم في الهندسة فطلب منه المجيء ليبني له قصرًا جديدًا في البصرة، فقال ابن الهيثم للأمير: " يا أيها الأمير أنا أضع التصاميم ثم يأتي دور البنائين في البناء "، فأصرَّ الأمير على أن يُشرِف ابن الهيثم على البِناء فقال ابن الهيثم: " أيها الأمير ما تريد مني فعله هو من عمل طلبة المال والمنصب، وأنا مهندسٌ عالِم أعيش بعقلي ولست بهما طالب مال أو منصب "، فثار الأمير على ابن الهيثم واتهمه بالغطرسة والزندقة إذ لم يأتي إليه فقال ابن الهيثم للأمير: " أمهلني بعض الوقت لأفكر "، فكَّر ابن الهيثم كثيرًا ووصل إلى قرار وهو أن يهرُب من البصرة ويتجه إلى بغداد، فذهب ابن الهيثم إلى أهله وأطلعهم على نيته في السفر وقام بتوديعهم وأخذ معه خادمته
وتوفي ابن الهيثم وهو يبلغ من العمر 74 عامًا وقد أصابَتِهُ أمراض الشيخوخة فأحس بدنو أجله فقام وتوضأ وتوجه للقبلة وصلى لربه صلاته الأخيرة ثم جلس وبدأ يقرأ بسورة العنكبوت حتى وصل إلى قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) ففاضت روحه الطاهرة إلى مالكها وكان ذلك يوم 6 مارس عام 1039 ميلادي الموافق 430هجري في القاهرة.