مما لا شك فيه أن الوضع العالمى يصنع مفرداته مخرجون بارعون، فهم الذين أشاروا على الشعب العراقى بأن يتذوق طعم الديمقراطية الجديد إذا ما أزيح رئيسهم صدام من السلطة، وهم أيضا من أوهموا الليبيين بأن الخير الكثير سيعم كل مناحى ليبيا إذا ما أصبح القذافى فى خبر كان، وهم نفس المخرجين العظماء الذين كتبوا سيناريو اليمن وسوريا وإن استعصت عليهم بعض المشاهد، إلا أنهم لن يفقدوا الأمل فى استكمال فيلمهم الكبير والذى يحمل عنوان "شرق أوسط جديد".
أصحاب السيناريو بالطبع يتحركون كالماريونت بأصابع دولية وبأموال عربية ومتابعة تركية لمجريات الأحداث ولا يمنع أن تعبث أنقره هنا وهناك لحماية مصالحها وأيضا لإرهاب دول بعينها.
السيناريو الذي بدأ إعداده وتنفيذ أولى حلقاته فى أحداث الحادى عشر من سبتمبر تواصلت حبكته وامتدت حلقاته وحصدت آثارها بلدان عربية.
ولأن علم التأليف ليس بهين ولابد أن تتعلم فيه ما يسمى بالحبكة والعقدة كان لزاما على أصحاب السيناريو أن يبحثوا عن حبكة وكانت هي ما أطلقوا عليه "الربيع العربى". وهنا كان لابد أن تتكون رابطة من المخرجين العالميين لإخراج هذه الحلقة الممتدة التأثير وربما الوقت أيضا، وكان لزاما على المخرجين أن يستخدموا ما يعرف باسم "الجان" أو فتى الشباك، ولم يتعبوا فى البحث عنه فى منطقة الشرق الأوسط، فما أكثر الباحثين عن المال أو الشهرة أو السلطة.
وبذلك اجتمعت كل عوامل نجاح المسلسل. وقال المخرج الأول القابع فى بلاتوه البيت الأبيض "أكشن" لتبدأ المشاهد تتوالى دون توقف ولو حتى لعرض إعلان يهدىء من روع المشاهدين المغلوب على أمرهم المجبرين على متابعة المباراة مهما كانت نسب ضحاياها.
وحصد المخرجون العالميون ما حصدوه من آثار وتأثير ما أعده لهم أصحاب السيناريوهات الخارقة، وتواصلت المشاهد وترابطت وأصبح من السهل على المشاهدين معرفة المتورطين. هنا قال المخرج الأعظم وبلهجة حاسمة "الحقونا عايزين ساسبينس يعمل لغوشة على الحقائق ويتوه المشاهدين".
وبما أن للأموال سطوة، فعلى الفور كان المؤلف مستعدًا وأحضر فيلقًا مدربًا ومنزوع القلب والمشاعر وبلا دين طبعا، ولكن من أجل اكتمال المشهد وحصد الكراهية وتزايد الدعم كان عليهم أن يعطوا الفيلق صبغة دينية. وبما أن الشعوب العربية يثبت التاريخ دائما أنهم ينخدعون بالدين والطعام فاستقر الرأى على أن يكون الفيلق مسلم متشدد ويكون اسمه فيلق "داعش".
دارت الكاميرا مرة أخرى، وأعطى المخرج أوامره من داخل أروقة البيت الأبيض، مدعومًا من أروقة أخرى أوروبية وعربية، ليتوغل داعش وينتشر ويتجبر ولا تأخذه هوادة بكل من يقع فى يده.
تمضى الحلقات قوية مخيفة وينظر إليها أهل منطقة الشرق الأوسط بذل وانكسار، ولكن ما باليد حيلة فالكل ينتظر لفظة "النهاية" من المخرج، ولكن المخرج الأمريكى ومساعديه الغربيين ومموليه القطريين وداعميه الأتراك يغير مجرى تحكمهم فى المشهد الدب الروسى الذى يدخل على الساحة وبضربة يد واحدة يحطم أكذوبة داعش ويبرهن على أنها أوهن من بيت العنكبوت.
يتذبذب المشهد ويطلب المخرج الأمريكى وقت مستقطع يجتمع فيه مع مساعديه وداعميه ومموليه ويتشاورون لكي يواجهون ما جد ويحسمون الموقف، فيقول الذيل البريطانى نكتفى بهذا القدر وخاصة أننا حققنا الكثير والكثير من أهدافنا ولم يقف أمامنا إلا مصر فالكل سقط فى فوضى الربيع العربى إلا هى فنحن نرى أن قاهرة المعز هدف بعيد المدى وعليه نعلن دعمنا لها مع مداومة سياسة تقليب الماء العكر من حين لآخر.
وصدّق الجميع على حديث "ذيل أمريكا" إلا أمريكا نفسها، التى قالت "لابد أن نبحث ونعمل على تكوين كيان جديد على غرار داعش مع تغيير الاسم وثبات الأهداف وصولا لما نريد ونصبوا". وأعطى المخرج الواشنطنى أوامره لجيش المؤلفين والسيناريست بأن يعملوا على ما طلبه منهم وأعطى إشارة إسدال الستار مؤقتا، كاتبا تحتها: يتبع..