من قلب "بودابست".. السيسي يفتح نافذة اقتصادية جديدة مع "المجر".. ويؤكد: "المصريين قد التحدى"

حفاوة واستقبال تاريخي للرئيس "عبدالفتاح السيسي" خلال زيارته لـ"المجر" اليوم الإثنين، ومراسم استقبال رسمية حافلة، وعزفت الفرقة الموسيقية السلامين الوطنيين، واستعرض حرس الشرف بالساحة الرئيسية لمقر البرلمان، وقام الرئيس بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكارى فى ميدان "الأبطال" بالعاصمة بودابست، ثم توجه لمقر البرلمان المجرى، إذ كان فى استقباله رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان.

من جانبه، قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس عقد جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء المجرى، الذى أعرب عن سعادته بزيارة الرئيس للمجر، ومشاركته صباح غد فى القمة الاستثنائية لتجمع دول "فيشجراد ومصر"، مؤكدا اهتمام بلاده وكل دول التجمع بتطوير علاقاتها مع مصر فى ضوء محورية دورها فى الشرق الأوسط.

وأشاد رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، بالعلاقات التاريخية التى طالما ربطت بين البلدين، والتطور الذى شهدته تلك العلاقات خلال العامين الماضيين، مؤكدا دعم المجر لمصر ووقوفها إلى جانبها فى دفع عملية الإصلاح الاقتصادى والتنمية، التى تعد بمثابة استراتيجية وطنية مستقلة تحظى بكل الاحترام والتقدير من الشعب المجرى، مشيدا بالإنجازات التى حققتها مصر على صعيد الاستقرار، فضلًا عن سياستها الخارجية المتوازنة والمستقلة.

السيسى: مصر وشعبها في محاربة الإرهاب

وفى كلمته خلال المؤتمر الصحفى المشترك أكد الرئيس السيسى أن القيادة المصرية لا تحارب الإرهاب بمفردها، ولكن الشعب المصرى بأكمله بعمقه الحضارى والثقافى هو الذى يتصدى لتلك التنظيمات المتطرفة، لأنها تتنافى مع معتقداته ومبادئه، مشيرا إلى أن السبب الرئيسى للنجاح فى تلك المهمة هو وقوف الشعب المصرى صفًا واحدًا فى هذه المواجهة.

وأكد السيسى أن الشعب المصرى يسعى لتغيير واقعه منذ سنوات قليلة ماضية، وعبر إجراءات اقتصادية قاسية، إلا أنه تقبلها رغم صعوبتها إدراكًا منه بأهمية تحمل تكاليف الاستقرار، سواء تلك الخاصة بعملية الإصلاح الاقتصادى أو المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

السيسى: المصريين يد واحدة

وشدد الرئيس على عدم وجود تمييز بين المصريين على أساس دينى، فحق كافة المصريين التمتع بالأمن والحرية، مشيرا أن الإدارة لا تستحق الشكر على ذلك، فهى مسؤولة عن كل المصريين، ولا نميز أو نقبل بالتمييز بينهم.

الرئيس: سبل تعزيز المجال الاقتصادى بين البلدين

واشر رئيس الجمهورية إلى إن العلاقات بين مصر والمجر علاقات تاريخية وممتدة،، وطالما كانت العلاقات السياسية بينهما راسخة وقوية، توفر أساسًا متينًا للارتقاء بمُجمل العلاقات الثنائية التى شهدت تطورات إيجابية خلال السنوات الأخيرة. مؤكدا أنه على ثقة فى أن التنسيق والتشاور المستمرين مع السيد فيكتور أوربان من شأنهما دفع الشراكة القائمة بين البلدين إلى آفاق أرحب لما فيه صالح دولتينا وشعبينا الصديقين.

واستطرد الرئيس أنه تناول مع رئيس وزراء المجر فى مباحثات اليوم اليوم سبل تعزيز العلاقات الثنائية خاصة فى المجال الاقتصادي، مشيرا إلى اجتماع منتدى الأعمال المصرى المجرى، الذى يتيح الفرصة لبحث سبل زيادة الاستثمارات المتبادلة وتنشيط التبادل التجارى بين مجتمعى الأعمال فى البلدين.

وتابع أنه تم مناقشة بعض القضايا الإقليمية والدولية التى تحظى باهتمامنا المشترك، وذلك استمرارًا لما تناولته مباحثاتنا خلال لقاءاتنا فى العامين الماضيين، مشيرا إلى أنه لمس حرصا متبادلًا على استمرار وتفعيل التنسيق بين البلدين، أخذًا فى الاعتبار المكانة الهامة التى تحتلها المجر والدور البارز الذى تقوم به داخل الاتحاد الأوروبى.

الرئيس يشكر المجر على موقفها مع مصر

وأعرب الرئيس عن تقديره للموقف المتوازن للمجر إزاء التطورات فى مصر، آملا أن ينعكس ذلك على مواقف الاتحاد الأوروبى بما يُحقق فهمًا أكبر لحقيقة التحديات الاقتصادية والتنموية فى مصر.

وأوضح الرئيس أنه ناقش اليوم مع رئيس وزراء المجر سبل تعزيز التعاون المشترك لمواجهة ظاهرة الإرهاب المتنامية، وأكد أهمية تضافر الجهود الدولية لوضع حد لها. كما عرض الرؤية المصرية بشأن استراتيجية مكافحة الإرهاب الذى بات يهدد كل دول العالم، بما فى ذلك ضرورة التعامل مع كل الجهات والدول الداعمة والمساندة للإرهاب والمنظمات الإرهابية.

وتطرق كذلك إلى أزمة اللاجئين وأساليب التعامل معها بما يضع حدًا لمعاناة الأبرياء الذين يتعرضون للتشريد جراء الحروب فى منطقة الشرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين فى هذا الإطار.

السيسي: مستجدات الأزمة فى سوريا وليبيا

وأوضح السيسى أنه أكد لرئيس الوزراء المجرى العبء الذى يقع على كاهل مصر فى هذا الملف سواء فيما يتعلق بتأمين حدودنا البحرية أو بمساعينا لتأمين حياة كريمة لمن اضطرتهم الأوضاع فى المنطقة إلى القدوم إلى مصر والاستقرار بها.

وأشار الرئيس إلى تبادل الرؤى حول آخر التطورات فى المنطقة خاصة الأزمات فى سوريا وليبيا والمساعى القائمة لإيجاد حلول سلمية لها، واتفقنا على ضرورة بذل المجتمع الدولى لمزيد من الجهود لوضع حد لتلك الصراعات. كما تم التشاور حول سبل دفع عملية السلام فى الشرق الأوسط بما يحقق تسوية دائمة وعادلة استنادًا إلى القرارات والمرجعيات الدولية ذات الصلة بما يضمن تحقيق حل الدولتين.

عمق العلاقات بين الحكوميتن والشعبيين المصرى والمجرى

أكد الرئيس على علاقات الصداقة الخاصة التى تربط بين الحكومتين والشعبين فى مصر والمجر، وعلى أهمية مواصلة الحوار والتشاور بين البلدين على كافة المستويات من أجل تعزيز التعاون الثنائى لمواجهة التحديات المشتركة.

موضحا ضرورة أن الحفاظ على دورية انعقاد الاجتماعات بيننا من شأنه المساهمة فى تحقيق ما نطمح إليه من ارتقاء فى علاقاتنا وتوفير آلية متابعة لما يتم الاتفاق عليه من مجالات تعاون تحقق مصالح الشعبين الصديقين.

وفى النهاية وجه السيسى التحية والتقدير لرئيس الوزراء والشعب المجرى الصديق، وكذلك التقدير الكبير والاحترام على المستوى الشخصى، قائلا إن الشعب المجرى محظوظ برئيس وزرائه.

أما فى كلمته أمام منتدى الأعمال المصرى المجرى مساء اليوم 3 يوليو الجارى فى بودابست، والتى استهلها سيادته بالإعراب عن كامل التقدير والاحترام لشعب مصر العظيم لدوره فى الحفاظ على أمن واستقرار مصر وتحسين أوضاعها الاقتصادية، فضلًا عن إصراره على تغيير الواقع إلى مستقبل أفضل.

الرئيس: واجهنا تحديات هيكلية عقب ثورة يناير

وأكد إن مصر تعتز بالتطور الملحوظ الذى تشهده العلاقات مع المجر، وتتطلع لدفع هذه العلاقات لآفاق أرحب، وخاصة على صعيد تعزيز التعاون الاقتصادى فى شتى مجالات التجارة والاستثمار وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا وزيادة التعاون الثقافى والعلمي.

وأشار الرئيس إلى أنه كما حدث فى المجر، وغيرها من دول العالم عقب الأزمة المالية عام 2008، واجه الاقتصاد المصرى عددًا من التحديات والمشكلات الهيكلية التى تفاقمت حدتها مع التطورات الداخلية التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011، ومن أبرز هذه التحديات ارتفاع العجز فى ميزان المدفوعات متأثرًا بشكل أساسى بانخفاض جديد فى إيرادات السياحة وتقلص حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وما يرتبط بذلك من تراجع حاد فى الاحتياطى النقدي.

السيسى: مصر تنفذ برنامج إصلاح اقتصاد شامل

وأكد الرئيس أنه سعيًا للتعامل مع تلك الأوضاع الاقتصادية الحرجة، بدأت مصر فى تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى يهدف إلى معالجة التحديات الهيكلية والمالية، حيث تم تحرير سعر الصرف على نحو كامل، وإعادة هيكلة الدعم، والعمل على جذب مزيد من الاستثمار من خلال عدد من الإجراءات الجادة، التى شملت إصدار قانون الاستثمار الموحد، وتقديم المزيد من الحوافز لتنمية ودعم الاستثمار المحلى والأجنبي، والتوسع فى ضمانات الاستثمار وقوانين التراخيص الصناعية، تأكيدًا لحرص الدولة على تعظيم دور القطاع الخاص، بما يسهم فى إحداث تنمية شاملة وحقيقية لرفع معدلات التشغيل، وزيادة معدلات النمو والتصدير.

الرئيس: نفذنا عدد من المشروعات العملاقة ذات العائد الكبير

وأشار الرئيس إلى سعى الدولة إلى تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية الضخمة، وعلى رأسها مشروعات تنمية محور قناة السويس، وتنمية وإنشاء عدد من المناطق الصناعية فى مختلف أنحاء مصر، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن تنفيذ عدد من المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بقدرة مستهدفة 14 ألف ميجاوات.

وتتضمن رؤيتنا كذلك لتطوير الاقتصاد تحويل مصر لمركز اقليمى وعالمى لتوليد ونقل وتوزيع الطاقة، أخذًا فى الاعتبار الاكتشافات الكبيرة التى تمت مؤخرًا لحقول الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط وشمال الدلتا وبدء إنتاج هذه الحقول، ومضى مصر قدمًا على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز والبدء فى التصدير بحلول عام 2020.

السيسى: بلادنا تتمتع بالعديد من المزايا الاستثمارية الضخمة

وأوضح أن مصر، التى يزيد عدد سكانها على 93 مليون نسمة، تتمتع بالعديد من المزايا الاستثمارية وخاصة حجم السوق الكبير والواعد، كما أن مصر تعد بوابة لسوق إقليمى ضخم فى العالم العربى والقارة الإفريقية، من خلال عدد من اتفاقيات التجارة الحرة التى تربط مصر مع العديد من المناطق والأقاليم فى العالم.

ووجه الرئيس الدعوة للشركات والأفراد إلى الاستثمار فى مصر فى كافة المجالات خاصة فى القطاعات الإنتاجية، فضلا عن قطاعى الطاقة والتصنيع اللذين نتوقع أن يشهدا طفرة هائلة خلال المرحلة المقبلة، أخذًا فى الاعتبار أن مصر تعد من أعلى دول العالم تحقيقًا للعائد على الاستثمار. فعلى الرغم من علاقات التعاون والتنسيق والتفاهم بين بلدينا الا أن التعاون التجارى والاستثمارى لم يصلا بعد إلى مستوى توقعاتنا وآمالنا مقارنةً بالفرص المتاحة فى كلا البلدين، ومن هذا المنطلق تتطلع مصر إلى تعزيز التعاون مع المجر فى عدد من المجالات كالزراعة ومعالجة المياه، وتطوير البنية الأساسية وقطاع السكك الحديدية، والتصنيع والطاقة.

وأكد الرئيس أنه يعلق اليوم آمالًا كبيرة على نجاح هذا المنتدى فى نقل صورة أكثر تفصيلًا لطبيعة التطورات الاقتصادية فى مصر، وفتح مجالات جديدة للتعاون بين رجال الأعمال من البلدين، والبناء على ما تشهده علاقاتنا السياسية المتميزة مع المجر لتشجيعكم على دراسة فرص الاستثمار المتاحة فى مصر، مؤكدا على أنهم سيجدون من جانب الحكومة المصرية كل الدعم بما يساهم فى تحقيق الاستفادة المشتركة لبلدينا ولشعبينا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً