عُرف فندقه باسم "قلعة الموت"، فقد كان بيت الرعب الذي بناه إتش إتش هولمز، عبارة عن متاهة كبيرة، تحتوي عددا كبيرا من الغرف السرية، والممرات المختبئة، حيث عذب أكثر من 200 شخص، وقتلهم إما شنقًا أو خنقًا أو باستخدام الغاز.
يعد إتش إتش هولمز واحدًا من أوائل السفاحين، الذين عرفتهم أمريكا، والذي اشتهرت قصته على نطاق واسع، واستوحى من جرائمه المسلسل البريطاني الشهير «شيرلوك»، كما انتشرت قصته على نطاق أوسع عندما لعب دور «ليوناردو دي كابريو» في فيلم «الشيطان في المدينة البيضاء»، حسبما ذكر موقع «ميرور».
وقد أقدم «هولمز» على بناء فندقه، خصيصًا بهدف الإيقاع بالضحايا، وقتلهم داخله، لذا فقد تم بناؤه بشكل مختلف، لم يشبه أي فندق آخر، فقد كان أقرب لقلعة من الداخل، وليس فندقًا.
وأثناء اعتراف «هولمز» بجرائمه في شيكاغو في عام 1896، قال إن جرائمه كانت خارج سيطرته، وإنه ولد والشيطان بداخله، وإنه لم يستطع إغفال حقيقته بأنه قاتل وسفاح.
وفي شيكاغو في عام 1889، بنى هولمز أول فندق ملحق به مركز للتسوق، وكان عمره آنذاك 27 عامًا، وعُرف الفندق محليًا باسم «القلعة»، بسبب مساحته الكبيرة، وضخامة حجمه، وكان قد أنشئ وقتها لاستضافة زوار المعرض الدولي في شيكاغو، الذين توافدوا لحضور الحدث الضخم، والذي تم افتتاحه في عام 1893.
وصُمم الفندق بطريقة مختلفة وغريبة، فقد كان يحتوي على 100 غرفة، وممرات مختبئة، وجدران معلقة، ومقصورات بدون نوافذ، وسلالم مفخخة.
وعلى مدار 7 سنوات قتل هولمز رجال ونساء وأطفالا، وقد اعترف خلال التحقيق معه بارتكاب 27 جريمة قتل فقط، ولكن يعتقد أن الحصيلة الحقيقية للقتلى بلغت أكثر من 200 شخص.
وكانت غالبية ضحاياه نساء كن على علاقة غرامية به، وبعضهن كن نزيلات الفندق، كما كان هناك بينهن بعض العاملات في المكان، وقد اتبع أساليب مختلفة في قتل ضحاياه، فبعضهم قُتل مشنوقًا، وبعضهم مخنوقًا، وبعضهم ضُرب حتى الموت، كما استخدم إحدى طرق القتل في القرون الوسطى، وهي لوح الشد، حيث تربط الضحية من اليدين والقدمين في اتجاهات مختلفة، ويُشد قدما ويدا الضحيّة باتجاهين متعاكسين ممّا يسبب خلع العضلات والعظام والتحوّل إلى أشلاء.
وكان يتخلص من الجثث من خلال إرسالها عبر ممر يتصل مباشرة بالقبو، حيث كان يضع الجثث في حمامات الجير والحمض، كي تذوب وتتحلل تمامًا، ولكنه قبل أن يقوم بذلك، كان يترك الجثث بعض الوقت، كي يشاهدها ويرضي رغبته الانتقامية، فلم يكن يشعر بالذنب بعد القيام بذلك، ولم يكن يتعاطف مع أي من الضحايا.
وقد كان يمثل بالجثث بعد عملية القتل، فقد كانت لديه أدوات جراحية، وطاولة تشريح، حيث كان يضع الجثث، ويقوم بفصل الجلد عن الجسم، ثم يفصل الأعضاء، والجماجم، وكان يقوم أحيانًا ببيع الأعضاء لكليات الطب، ولم يتم التأكد من أن تلك العمليات كانت تجري بعد قتل الضحية، أم قبل قتلها، ما كان يؤدي بالوفاة في النهاية، لذا فقد قال عنه جون بارتلو مارتن، الذي كتب سيرته الذاتية، إنه يستحق لقب أبشع المجرمين في التاريخ.
ولم يكن هولمز شخصا سويا، بل كان مريضًا نفسيًا، وقد ولد في نيو هامبشاير باسم هيرمان وبستر مدجيت، ثم غير اسمه إلى هنري هوارد هولمز بعد أن انتقل إلى شيكاغو في عام 1886، كي لا تلحقه الشرطة، بعد ارتكابه عدة جرائم.
وقد كان والده مدمن كحول وشخصا عنيفا، وكان يعتدي عليه زملاؤه ويعذبونه أثناء دراسته في كلية الطب، حيث كان يدرس، وقد تعرض لموقف وحشي وعنيف، عندما قامت مجموعة من زملائه بحبسه في دولاب مظلم، وبجانبه هيكل عظمي، ووضعوا يديه على وجه هولمز.
وقد حصل على شهادته الجامعية من كلية الطب بجامعة ميتشجان في عام 1884، وبعدها انتقل إلى شيكاغو، حيث لا يعرفه أحد، وقد استغل ذلك في الإيقاع بضحاياه، والذين كانت غالبيتهم من النساء، القادمات من مدن أخرى، فلا أحد يعرف عنهن شيئًا، ولا أحد يبحث عنهن عند اختفائهن، فيما كان ذلك الشاب الوسيم الذي يملك فندقًا، يعرض عليهن المساعدة، والمأوى.
ولم يظل هولمز طويلًا في ارتكاب جرائمه، ففي عام 1894، بدأت الشرطة في إجراء تحقيقات عنه، باستجواب عمال الفندق، وبعدها تم اكتشاف الغرف السرية، والممرات المختبئة، والمكان الذي يشبه المتاهة، كما عثروا على آثار ملابس، وعظام، وشعر آدمي في أماكن متفرقة في الفندق.
ولكنه قبل محاكمته بتلك الجرائم، كان قد تم القبض عليه لقتله مساعده بنيامين بيتزل، الذي قتله مع أطفاله الثلاثة، كي يحصل على تأمين بمقدار 100 ألف دولار.
وقد اعترف هولمز بارتكاب 30 جريمة قتل، ولكن يُعتقد أن تلك الحصيلة ليست الحقيقية، وأن العدد أكبر من ذلك بكثير.
وفي 7 مايو 1896، أُعدم هولمز شنقًا في سجن مويامنسنج، وقبل تنفيذ الإعدام فيه، طلب أن يوضع أسمنت في نعشه، وأن يُدفن على عمق 10 أقدام، كي لا ينال منه سارقو القبور.