فاجأت قطر أسواق الطاقة بإعلانها عن خطط لزيادة إنتاج الغاز المسال إلى 100 مليون طن سنويًا، أي ما يعادل ثلث الإمدادات العالمية الحالية خلال فترة تتراوح بين 5 و7 سنوات.
وأكد محللون أن الإعلان عن زيادة الإنتاج يبدو بلا مضمون أو تفاصيل وأن الدوحة ستحتاج إلى استثمارات كبيرة لتنفيذه وهي تواجه أزمات اقتصادية خانقة، إضافة إلى أنها لن تجني ثماره قبل نحو 7 سنوات.
وأشاروا إلى أن ذلك يبدو محاولة لرفع معنويات سكان قطر في ظل غموض مستقبل البلاد وتراجع ثقة الأسواق والمستثمرين بالاقتصاد القطري.
وتحتل شركات المرافق خاصة في اليابان وكوريا الجنوبية، صدارة توريد الغاز في العالم، وقالت مصادر في تلك الشركات إنها فوجئت بالخطوة التي أخذتها قطر.
وقال كيم يونغ كي المتحدث بأسم شركة كوغاس الكورية إنه "علينا أن نفهم لماذا تخطط قطر لزيادة إنتاجها، فليست لدينا خطط لاستيراد شحنات غاز جديدة من قطر".
وتقع ساحة المعركة الرئيسية للتنافس على سوق الغاز المسال في آسيا التي تستهلك 70 في المئة من الوقود الذي يعتبر مصدرا رئيسيا للطاقة لتلبية طلب مرتفع دون التلوث الواسع الذي ينتجه الفحم.
وستؤدي الخطوة القطرية إلى تخمة في المعروض في سوق تعاني بالفعل من زيادة العرض عن الطلب في ما يعد تحديا لمصدرين آخرين يعملون أيضا على رفع إنتاجهم.
ويقول محللون إن قطر التي تواجه عزلة إقليمية في نزاع دبلوماسي مع جيرانها في الخليج، في وضع يسمح لها بالتفوق على غيرها لانخفاض تكلفة الإنتاج لديها ووجود البنية التحتية اللازمة.
وقال نيل بيفريدج محلل النفط والغاز بشركة سانفورد سي. برنستاين للأبحاث والوساطة إن "قطر بدأت تفقد نصيبها في السوق لذلك ربما كان الأمر يتعلق بالعودة إلى احتلال المركز الأول في الغاز الطبيعي المسال".
استثمرت شركات أميركية وأوروبية عملاقة مثل رويال داتش شل وشيفرون مبالغ طائلة، أكبر مما أنفقته على النفط، في محاولة للهيمنة على سوق الغاز خاصة عبر مشاريع عملاقة في أستراليا مثل مشروع جورجون لشركة شيفرون ومشروع بريليود لشركة شل.
وجاء إعلان قطر بعد يوم واحد فقط من توقيع إيران أول اتفاق مع شركة توتال الفرنسية وشركة سي.إن.بي.سي المملوكة للدولة في الصين لإنتاج الغاز من الحقل الذي تشترك فيه مع قطر.
ويرى بيفريدج أن الخطوة القطرية لزيادة الإنتاج قد تكون ردا على استئناف توتال أعمال التطوير في الجانب الإيراني من حقل الغاز.
وفي محاولة لتدعيم نصيبها في السوق قالت شركة غازبروم الروسية، أكبر منتج في العالم للغاز الطبيعي، إنها ستبدأ ضخ الغاز إلى الصين من خلال خط أنابيب جديد بحلول أواخر عام 2019 أي قبل الموعد الذي كان الكثيرون يتوقعونه.
وتأتي الصين في صدارة الدول المستهلكة لمعظم السلع الأولية بما فيها النفط والفحم وهي أيضا في طريقها كي تصبح أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في إطار برنامج استثماري ضخم للتوسع في البنية التحتية للغاز المسال وخطوط الأنابيب.
واستثمرت أستراليا مئات المليارات من الدولارات في محاولة لتخطي قطر وتصدر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول عام 2019 وهو تحد بدأت قطر تتصدى له الآن.
ولقطر التي شاركت مؤسستها المملوكة للدولة قطر للبترول شركة إكسون موبيل الأميركية العملاقة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، مصلحة كبيرة في الدفاع عن مكانتها.
وكان الغاز الطبيعي المسال، بجانب صادرات المكثفات ونوع من الخام الخفيف فائق الجودة يستخرج كمنتج ثانوي مع الغاز، سببا في ثراء قطر رغم انخفاض أسعاره بنسبة 70 بالمئة.
ومن شأن رفع صادرات الغاز القطري المسال أن يزيد إيرادات قطر، بالأسعار الحالية، بنحو 30 مليار دولار بالإضافة إلى 6 مليارات دولار أخرى من المكثفات.
ويعادل ذلك 120 ألف دولار للفرد الواحد من سكان قطر وهو ما يسهم في جعلها أغنى دولة في العالم وفقا لتقديرات البنك الدولي.
وتمثل الخطوة القطرية تحديا للمنتجين الرئيسيين الذين ينتظرون قرارات استثمار نهائية لا سيما في الولايات المتحدة،وحتى الآن تعتبر شركة تشينير إل.إن.جي الأميركية الوحيدة التي تصدر الغاز المسال لكن ثمة مقترحات بطاقة إجمالية تبلغ 150 مليون طن سنويًا.
وقال تشونغ جي شين من شركة وود ماكينزي لاستشارات الطاقة إن "توسعة إنتاج الغاز المسال بكلفة منخفضة في قطر "يدفع بالكثير من المشروعات الجديدة للخروج من السوق".
وتمثل السوق الفورية في آسيا الآن 15 % من الإمدادات الإجمالية إذ يباع المزيد من الكميات غير المتعاقد عليها وفقا للطلب في الأجل القصير.
وقال كيري آن شانكس رئيس أبحاث الغاز والغاز المسال بآسيا في شركة وود ماكينزي إن "زيادة طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسال تترجم إلى أسعار أقل في الآجال الأطول. وهذه أنباء طيبة لمشتري الغاز".