البحر فى سيناء له معانى أخرى منذ ثورة 25 يناير، فبدلًا من أن تنعم مصر بخيراته التى لا تعد ولا تحصى، تحولت شواطئه إلى مرسى سرى جديد لعمليات تهريب السلاح على اختلاف أنواعه، بداية من الآلى أو "السلحة" -كما يسميها أهل سيناء- وصولًا إلى قذائف الهاون والآر بى جى والصواريخ ومضادات الطائرات وغيرها من الأسلحة الثقيلة المختلفة، خاصة فى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو وفض اعتصامى رابعة والنهضة، لتفتح منفذًا جديدًا للشر.
الجبال لا تُخبئهم، فأمواج البحر هى مسكنهم الحقيقى، وما بين موجة وأخرى تحمل قواربهم الصغيرة أو الحسكة كما يطلقون عليها أطنانًا من المواد المتفجرة والأسلحة لترسو على شواطئ شمال سيناء فى أماكن خاصة لا يعرفها سواهم، بعيدًا عن أعين قوات حرس الحدود، وعلى الرغم من خطورتها مقارنة بعمليات التهريب التى تتم عبر الأنفاق تحت الأرض، فإن لها متخصصين لأن المقابل المادى لعمليات التهريب فيها أكبر بكثير من الأنفاق.
ورغم جهود القوات المسلحة والداخلية للقضاء على الإرهاب، فالطبيعة الوعرة تقف عائقًا أمام القضاء على عمليات التهريب المستمرة.
ولعل آخر هذه الضربات، كانت أمس، في محاولة القوات المسلحة إحباط هجوم إرهابى للعناصر التكفيرية، على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، وأسفر عن مقتل أكثر من 40 فردًا تكفيريًا، وتدمير 6 عربات.
وذكر المتحدث، أن قوات إحدى النقاط تعرضت لانفجار عربات مفخخة، نتج عنها استشهاد وإصابة 26 فردًا من أبطال القوات المسلحة، وجارٍ تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية.
من جانبه، قال اللواء "جمال مظلوم" الخبير العسكري، أن تهريب الأسلحة الى سيناء ليس مقتصرًا فقط علي الدروب الجبلية، فمساحتها حوالي 60088 كيلو متر مربع، تمثل نسبة 6% من مساحة مصر الإجمالية، يحدها شمالًا البحر الأبيض المتوسط وغربا خليج السويس وقناة السويس، وشرقًا قطاع غزة، فلسطين المحتلة، وخليج العقبة، وجنوبًا البحر الأحمر، وهي تعتبر حلقة الوصل بين قارتي أفريقيا وآسيا، يبلغ عدد سكان شبه جزيرة سيناء ما يقارب مليون وأربعمائة ألف نسمة حسب إحصائيات عام 2013.
وأضاف، الخبير العسكري، في تصريحات لـ"أهل مصر" تقسم شبه جزيرة سيناء إداريًا إلى محافظة شمال سيناء، محافظة جنوب سيناء، مدينة بورفؤاد التابعة لمحافظة بورسعيد، مركز ومدينة القنطرة شرق التابع لمحافظة الإسماعيلية، وحي الجناين التابع لمحافظة السويس، وتضم بين طياتها الكثير من المعالم المميزة إذ يوجد بها العديد من المنتجعات السياحية والمحميات الطبيعية والمزارات الدينية أبرزها شرم الشيخ، دهب، رأس سدر، طابا، نويبع، محمية رأس محمد، محمية نبق، محمية طابا، دير سانت كاترين، حمام موسى، حمام فرعون، وجبل موسى وهو الجبل الذي كلم عليه النبي موسى ربه وتلقي الوصايا العشر وذلك وفقا للديانات الإبراهيمية.
وأوضح "مظلوم"، أن الأحداث الأرهابية التى تستهدف الجيش المصري، في الوقت الحالي، من ضمن أسبابها، المخازن الموجودة في سيناء منذ فترة حكم الإخوان استعدادًا لهذا اليوم، لشن ضرباتهم الإرهابية ضد الجيش المصري.
وأشار الخبير العسكري، خلال فترة حكم الإخوان دخل الي البلاد مجموعات من التكفيريين، والهاربين من السجون استوطنوا في سيناء جميعًا للقيام بعمليات إرهابية، ومنهم من يحملون جنسيات عربية، ليسوا فقط مصريين.
كما أن أرض سيناء تسهل عمليات التهريب، نظرًا لكثرة شواظئها البحرية التى تمثل أكثر من 30% من مساحتها، وتنقل الأسلحة عبر الزوارق والمراكب الى سيناء.
وقال "الخبير العسكري" لانستبعد أن يكون لـ"قطر" يد في الحادث الارهابي الأخير الذي إستهدف جنودنا، حتي تبرز قوتها وتبرهن لمصر على مقدرتها، خاصة في ظل الحصار الذي تقوده مصر ضدها، ويجب على حماس أن تصدق في وعهودها بالتأمين الشامل مع مصر.
وعلى جانب آخر استبعد العميد أركان حرب "صفوت الزيات"، أن تكون لـ"قطر" صلة بالعمليات الارهابية، خاصة أن الموقف الدولي ضدها إيجابي.
وأشار الى أن يجب يكون هناك نوع من التهدئة خاصة في نلك الأزمات والصراعات الحالية، مرجحأ ان دخول الأسلحة الي سيناء، ليس بالأمر الصعب خاصة أن مساحة أرضها كبيرة للغاية وحدودها تطل على عدة منافذ بحرية، لاتأمن بالشكل القوي، وأغلبية التأمين يكون في المناطق المأهولة بالسكان، وبعض المعابر.
وأضاف "الزيات"، لا يمكننا أن نوجه أصابع الإتهام الى "حماس" خاصة أن هناك نوع من التقارب في الفترة الأخير.
وبحسب مصادر مطلعة فإن التنظيمات الإرهابية حصلت على هذه الأسلحة المتطورة والصواريخ عبر وسطاء من قطاع غزة، وقال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة ورئيس لجنة الشئون العسكرية الإسرائيلية الأسبق، في تصريحات صحفية، إن سيناء كانت مخزنا لسلاح وذخيرة الفصائل الفلسطينية جميعها خصوصا حماس، نتيجة لأن قطاع غزة كان به عدد من المتعاونين مع إسرائيل والذين كانوا يدلون الجيش الإسرائيلى على أماكن هذا السلاح فتقوم إسرائيل بقصفها على الفور.
وأوضح "رشاد" أنه نتيجة للتضييق على حركة حماس بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان فى ٢٠١٣ بدأت حماس فى نقل هذه المخازن مجددًا إلى داخل القطاع، متابعا: «أعتقد أن حماس تركت بعض المخازن فى سيناء».
وذكر رشاد أن السلاح الإيرانى كان يأتى لغزة عن طريق السودان، ثم يدخل إلى غزة عبر طرق وممرات سرية فى سيناء.
وتوضح هذه المعلومات إذن كيفية وصول السلاح الذى يوصف بأنه كابوس المدرعات إلى سيناء، واستخدامه فى العمليات الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة.
وبعد إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس بيعته لـ«داعش» بدأ التنظيم فى استعراض عدد من الأسلحة التى يستخدمها فى الحرب ضد قوات الجيش والشرطة، وبرزت عدد من الأسلحة التى لم تكن متواجدة من قبل فى أيدى المجموعات الإرهابية التى ظهرت فى سيناء فى أوقات متعددة، ومن هذه الأسلحة المنظومات المضادة للدروع من نوع «كورنيت» وصواريخ الكتف المحمولة المضادة للطائرات التى تحمل على الكتف من طراز «سام ٧» التى توجه بالليزر، وأيضا سلاح القنص الجديد الذى استخدمه التنظيم الإرهابى فى استهداف رجال الجيش والشرطة ويطلق عليه «بندقية الموت».
وخلال إصداره الشهير المسمى «لهيب الصحراء» استعرض تنظيم ولاية سيناء خلال الصيف الماضى للمرة الأولى منظومة «كورنيت» المضادة للمدرعات، وهى منظومة صاروخية روسية متطورة توجه بالليزر عن بعد، ويحتاج صاروخ «الكورنيت» إلى رام واحد لإطلاقه، وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد ٢٠ ألف دولار، بحسب المعلومات المتوافرة عن الصاروخ من بيانات وزارة الدفاع الروسية.
وقامت إيران فى عام ٢٠١٢ باستنساخ الصاروخ الروسى عن طريق الهندسة العكسية، ودشنت خط إنتاج فى يوليو من نفس العام باسم «دهيليفيه»، كما هربت عددا من تلك الصواريخ إلى فلسطين عبر السودان.
إسماعيل هنية "حماس"
في خطوة استباقية قبل توجية الاتهامات الى حركة "حماس" في تورطها حول الحادث الارهابي، الذي راح ضحيته 21جنديًا مصريًا، أعلن اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس السبت، أن الحركة ستتخذ إجراءات مكثفة على حدود قطاع غزة مع مصر لضمان عدم "اختراق" الحدود بعد الهجوم الذى أسفر أمس الجمعة عن استشهاد 21 من عناصر الجيش المصرى بشمال سيناء.
وقال هنية خلال زيارته خيمة عزاء أقامتها الجالية المصرية فى غزة لضحايا الهجوم الذى تبناه تنظيم داعش الإرهابى "اليوم كان هناك اجتماع للمؤسسات السياسية والأمنية لمتابعة تداعيات هذه الجريمة، سنتخذ الكثير من الإجراءات على منطقة الحدود ومنطقة الضبط بحيث تبقى غزة عصية على الاختراقات الأمنية من أى جانب".
وتابع: "هذا الوفد القيادى الذى يمثل حركة حماس جاء لتقديم التعازى لمصر بشهداء الجيش المصرى الذين راحوا ضحية هذا العمل الإجرامى".
ودانت حماس الجمعة الهجوم "الإرهابى الجبان" معتبرة أنه يستهدف "أمن واستقرار الأمة العربية".
وبدأت حركة حماس مؤخرا بإقامة منطقة أمنية عازلة على طول حدود قطاع غزة مع مصر فى إطار سعيها إلى تحسين علاقاتها مع القاهرة فى خطوة متقدمة هى نتيجة تفاهمات مع المسؤولين الأمنيين المصريين.
وشيَّعت مصر السبت جثامين 21 من عناصر الجيش المصرى استشهدوا فى هجوم بسيارات مفخخة تبناه تنظيم داعش الإرهابى على إحدى نقاط تمركزه بشمال سيناء.. وكان الجيش أكد أنه قتل أربعين مهاجما فى "إحباط هجوم إرهابى للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز".
وأعلن تنظيم أنصار بيت المقدس مسئوليته عن عدد من العمليات الإرهابية، قبل أن يبايع فى نوفمبر من العام ٢٠١٤ تنظيم داعش، لينضوى تحت لواء أبوبكر البغدادى الذى اعتبره التنظيم «خليفة للمسلمين» فى رمضان من نفس العام.
وأصدر تنظيم داعش عدة إصدارات تحث على النفير إلى الأراضى التى يسيطر عليها التنظيم والتوجه نحو أرض الفيروز، ومنذ ذلك الحين تصاعدت العمليات الإرهابية أكثر وأكثر، وظهرت عدة أنواع متطورة من الأسلحة داخل شبه الجزيرة.
ووجهت القوات المسلحة بالتعاون مع وزارة الداخلية عددًا من الضربات الناجحة للأوكار الإرهابية، أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم أبودعاء الأنصارى، و٢٠٠٠ آخرين، بحسب بيانات للمتحدث العسكرى المصرى.