مرسي جميل عزيز.. "تاجر الفاكهة" الذي سبّ "محمد عبد الوهاب" و"العندليب" بسبب أغنية

نشأته الريفية الممزوجة بحسه الفني مكنته من ترجمة معالم تلك البيئة الصافية في أغانيه، فكتب على سبيل المثال “أما براوة براوة.. أما براوة دوار حبيبي طراوة.. آخر طراوة”، التي غنتها المطربة نجاة الصغيرة، وكتب أيضًا “رمش عينه اللى جرحنى رمش عينه”، من أروع ما غنى محرم فؤاد، ومن بعدها “الحلوة داير شباكها شجرة فاكهة”، وغيرها من الأغانى التي كانت كلماتها نتاجًا لموهبة ودراسة ونشأة فى أحضان الريف، جعلت منه بحق “جواهرجى الكلمة العربية”.

تاجر الفاكهة

ولد مرسى جميل عزيز فى 9 يونيو 1921 بمحافظة الشرقية مدينة الزقازيق، لأب كان من كبار تجار الفاكهة، فلم يكن يعرف شيئًا عن الحياة سوى أقفاص الفاكهة التى كان يبيعها والده، لكنه استفاد من مشاركته له في عملية البيع والشراء، بتأثره بنداءات الباعة وبالأغاني الشعبية التي كانوا يرددونها أثناء العمل.

أرسله والده لحفظ القرآن الكريم، ولكنه سرعان ما اكتشف موهبته في كتابة الشعر عندما رثى أستاذه في المدرسة بأول قصيدة، ولم يكن عمره تجاوز الثانية عشرة، فسمح له بالذهاب إلى مكتبة مدينة الزقازيق للاطلاع على الشعر العربي الحديث والقديم، كما حفظ المعلقات السبع كاملة وقرأ لكثير من الشعراء يتقدمهم بيرم التونسى.

حصل جميل على شهادة البكالوريا "الثانوية العامة"، ثم التحق بكلية الحقوق في عام 1940، وفور إنشاء معهد السينما في عام 1963، التحق به الشاعر ليحصل على دبلوم فى كتابة السيناريو، بجانب دراسته للمسرح وأصول الدراما.

الفن

قدم "عزيز" أول أغنياته للإذاعة في عام 1939 بعنوان "الفراشة" من تلحين رياض السنباطي، ولكن الجماهير تعرفت عليه بعد إذاعة أغنية "يامزوق ياورد فى عود" التى تغنى بها المطرب عبدالعزيز محمود.

وتعاون الشاعر الراحل طوال مسيرته الفنية مع كبار المطربين مثل: محمد قنديل في أغنية "يا حلو صبح"، وشادية في أغنية "على عش الحب"، و"وحياة عينيك وفداها عينيا"، كما غنت له عفاف راضي "أيام زمان"، و"عوج الطاقية الولا وبص ليا"، وكذلك العندليب عبد الحليم حافظ، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، إلى جانب الكثير من المطربين العرب أمثال المطربة الجزائرية وردة التي كتب لها عددًا من الأغنيات أشهرها "لولا الملامة" و"لعبة الأيام"، كما كتب لفايزة أحمد أغنية "ياما القمر ع الباب"، فضلًا عن تعاونه مع المطربة اللبنانية فيروز في رائعته الفصحى "سوف أحيا"، وكذلك مع المطرب السوري فريد الأطرش في أغنيات منها "ما انحرمش العمر من عطفك عليا"، و"اسمع لما أقولك".

ربما لا يصدق البعض أن النقاد طالبوا بمنع إذاعة أغنيته "يامه القمر ع الباب" التي غنتها فايزة، بحجة أنها تحمل خطورة على البنات الصغيرات والمراهقات لما تتضمنه من معانٍ تفتح عيون البنات وربما تخدش الحياء العام بما تحمله من جرأة فى التعبير، وفق ما نشرته مجلة "صباح الخير".

وعن تلك الأزمة كتب عباس العقاد قائلًا: "عندما أذيعت أغنية مرسى جميل عزيز الشهيرة يامه القمر على الباب حققت نجاحًا وانتشارًا كبيرين، ولكنها تعرضت للهجوم من البعض بدعوى أنها تحمل بعض الجرأة.. ولكن الحقيقة أن فيها من البلاغة أضعاف المئات من قصائد الشعر العربى.. وإذا لم تفتح الأبواب لهذا الصوت الجديد بتلك الكلمات فبأى كلمات ستفتح؟!"، قاصدًا بالصوت الجديد المطربة فايزة أحمد.

شاعر الألف أغنية

أما عن أسباب تسميته بشاعر الألف الأغنية، فيتضح أنها جاءت بعد غزارة إنتاجه الفني الذي تخطى الألف أغنية، ولعل كان ذلك سببًا في تسمية آخر أغانيه لأم كلثوم بـ "ألف ليلة وليلة"، حيث كانت تلك الأغنية رقم 1001 في حياته الفنية.

سبّه لموسيقار الأجيال والعندليب

اشتهر "عزيز" بتلك الواقعة في الصحافة بعدما نشر تفاصيلها عدد من الحاضرين لذلك اللقاء الذي لا ينسى، بحضور موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.

الحكاية بدأت حينما كتب مرسي جميل أطول أغاني عبد الحليم بعنوان "من غير ليه"، وتقرر أن يلحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي طالما رغب "مرسي" في التعاون معه، ولكن تخوفه من طباع الموسيقار الصعبة حال دون ذلك في مرات كثيرة، حيث كان من المعروف عن عبد الوهاب طريقته الخاصة في العمل التي ترهق أي مؤلف، إذ كان يضع اللحن أولاً، ثم يطلب من الشاعر أن يكتب كلمات تُركب على هذا اللحن، على عكس ما تعود عليه الشاعر "مرسي"، ومع ذلك وافق على كتابة الكلمات.

استمع عبد الحليم وعبد الوهاب لكلمات الأغنية، ولكنهما طلبا تغيير بعض الكلمات، وتكرر ذلك الأمر في كل جلسة جمعتهما، حتى إن التعديل في كلمات الأغنية ظل يحدث على مدار عامين من 1974 وحتى 1976، وفور أن اتفق الرجلان على الكلمات النهائية في إحدى الجلسات قام "عزيز" وقال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدًا رسول الله".

ما إن تقدم الشاعر نحو الباب حتى ناديا عليه: "لحظة واحدة يا مرسي..من فضلك يا مرسي انتظر أصل فيه كلمة كده يعني .."، وهنا طالبه مجدي العمروسي – أحد الحاضرين للجلسة – بالانصراف، لكن الشاعر التفت إليه في غضب وقال: "ملعون أبوك على أبو فلان على أبو فلان"، وسمى الموسيقار والعندليب باسميهما، ثم انصرف، على حد قول مجدي العمروسي.

المفارقة أن عبد الحليم لم يغنِ تلك الأغنية لوفاته، وإنما غناها محمد عبد الوهاب بعدما استغرق عامًا في تلحينها، رافضًا أن يعطيها لأى مطرب آخر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة ليفربول أمام ساوثاهمبتون في الدوري الإنجليزي - لحظة بلحظة