"استخدام كميات مكثفة من الأكسجين يسهم فى شفاء الأمراض".. اتخذ الكيميائي المصري مخلوف محمود مخلوف، من نظرية الدكتور أوتو بورج، الألماني الحاصل على جائزة نوبل عام 1930 في الكيمياء الطبية، بابًا لابتكار دواء يقهر به السرطان، الذي خطف منه شقيقته قبل نحو 20 عامًا.
وروى "مخلوف" كيف اجتاز جميع العقبات، واستطاع إتمام ابتكاره الذي نال من عمره سنوات طويلة، وما الصعوبات التي واجهته في مصر، وأهم من ساعدوه، ودور شيخ الأزهر في إتمام ونجاح مشروع العقار، حتى سافر إلى كندا وأظهر من هناك "حلم حياته" إلى النور، قبل أن يعود إلى وطنه من جديد.. وإلى نص الحوار..
ـــ كيف كانت البداية، وكيف توصلت لفكرة الدواء؟
بدأت الفكرة بوفاة شقيقتى عام 1996 بمرض السرطان واستوقفنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء"، فأصبحت قضية السرطان قضيتى الشخصية بالمقام الأول بعدما عانيت الألم الشديد بوفاة شقيقتى، وما عانته من آلام، وعجز الأطباء عن التوصل لعلاج لتخفيف آلامها، ومن هنا بدأت بالقراءة والبحث فى تركيب الخلية البشرية، وذلك بعمل مقارنة بين الخلية السرطانية والخلية الطبيعية من ناحية التركيب الكيميائي، وتوصلت لاختلاف جذري بين تركيب جزيئات الماء فى تركيب الخلية السرطانية عنه فى الخلية الطبيعية، ويرجع ذلك الاختلاف نتيجة الملوثات العامة، مثل أول أكسيد الكربون الناتج عن عوادم السيارات والمصانع، حيث يمنع أول أكسيد الكربون دخول الأكسجين للخلية الطبيعية، مما يقلل من الأكسجين داخلها، فيتحول الوسط المحيط بالخلية لوسط حامضى، وذلك لزيادة نسبة الهيدروجين على الأكسجين، وبطبيعتها الخلية السرطانية اللاهوائية تنشط وتعمل مع نقض الأكسجين، وتتكاثر فى الوسط الحامضى، وبذلك يتحول الجسد لبيئة خصبة لانتشار الخلايا السرطانية، وحينها توصلت إلى إمكانية محاربة الخلية السرطانية، وذلك بزيادة معدلات الأكسجين فى الخلايا، مما يوفر المحيط القلوي ويجعل الوسط غير مناسب لنمو الخلايا السرطانية، وبالتالى يتم تدميرها.
ـــ هل توجهت ببحثك لأى من الجهات الرسمية؟
لقد توجهت فى بادئ الأمر لمناقشة الفكرة فى كلية الطب، جامعة الإسكندرية، واختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لفكرة بحثى، وتمت مناقشته بعد ذلك فى المركز القومى للبحوث، وبعدما تأكدت أهمية البحث من خلال علماء المركز ومؤيدى الفكرة من أساتذة طب الإسكندرية، توجهت لأكاديمية البحث العلمى وتم تسجيل براءة الاختراع فى 26 إبريل لعام 2000 وتحت رقم 537/ 2000 .
ـــ من المتعارف عليه فى صناعة الأدوية إجراء التجارب العلمية.. كيف تم ذلك؟
لقد تم إجراء التجارب المختلفة على حيوانات التجارب المسرطنة، وعلى خلايا بشرية مصابة بالسرطان، وقد ثبتت فاعلية العقار فى القضاء على الخلايا السرطانية داخل أجسام الحيوانات وخارجها.
ـــ لقد تحدثت عن مواجهتك ضغوطًا نفسية وحياتية خلال إجراء أبحاثك، فما تلك الضغوط، وكيف تغلبت عليها؟
بعد نجاح الفكرة علميًا قام أحد أساتذة كلية الطب بجامعة الإسكندرية بسرقة فكرة البحث ونسبها لنفسه، مما حدا بى للجوء للطرق القانونية داخل الجامعة، وبالفعل تم تحويله لمجلس التأديب بالجامعة، مما أدى لفصله من عمله بالجامعة، وتبع ذلك حكم القضاء الإداري بالفصل وعدم الرجوع نهائيًا بعد تداول القضية فى أروقة القضاء الإدارى لمدة أربع سنوات، وتم استئناف البحث بعد حصولى على الحكم مباشرة، وذلك تحت رعاية الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
ـــ كيف تكونت حلقة الوصل بينك وبين الأمام الأكبر، وكيف اقتنع بأبحاثك؟
لكن تكونت حلقة الوصل بينى وبين فضيلة الأمام الأكبر بعد لقائي بالشيخ على عبدالباقى، أمين مجمع البحوث الإسلامية، عام 2010، وقمت بتقديم مذكرة مفصلة له، وذلك لعرضها على فضيلة الإمام الأكبر، وبعدها فوجئت باستجابة سريعة من الدكتور أحمد الطيب، وتحديد موعد لمقابلتى لعرض بحثى بشكل أكثر تفصيلًا على فضيلته، وبالفعل أعجب الإمام بالبحث، وطالبنى بإعداد ملف كامل حول البحث، وماهية التجارب التى تمت، وتم العرض على الدكتور إبراهيم بدران، وزير الصحة الأسبق، عضو مجمع البحوث، الذى أشاد بدوره بأهمية البحث، مما حدا بفضيلة الإمام بإجراء ندب كلى لعملى من قطاع المعاهد الأزهرية لكلية طب الأزهر.
ـــ كيف واجهت تكلفة أبحاثك المرتفعة وكونك معلمًا بإدارة المعاهد الأزهرية؟
لقد تواصلت مع الجمعيات الأهلية الخيرية، ومنظمات المجتمع المدنى بالقاهرة والبحيرة والإسكندرية، وجميعها رفضت مساعدتى، بحجة أنه لم يكن فى ميزانياتها مخصص للبحث العلمى، ولم أتلقَ أى عون سوى من جمعية وحيدة بالإسكندرية، قامت بمساندة بحثى لمدة أربع سنوات .
ـــ كيف تطورت أبحاثك، وما أثر ندبك لطب الأزهر على تطور البحث؟
لقد قمت بتوسيع التجارب العملية، وذلك بالتنسيق بين جامعة الأزهر والمركز القومى للبحوث، وبرعاية مادية ومعنوية من الدكتور أحمد الطيب بشكل شخصي، ومن حسابه الخاص، وتم تكوين فريق عمل ضم نخبة من أساتذة طب الأزهر، والمركز القومى للبحوث، وانتقلنا لخطوة تأسيس كيان قوى لرعاية البحث والعمل على خروج المستحضر للنور، برئاسة لواء متقاعد مدحت أبوحسين، وبرعاية ومساندة القوات المسلحة .
ـــ لقد ذكرت رعاية القوات المسلحة لبحثك، فكيف تمت هذه الخطوة؟
بعد التأكد من فاعلية العقار، وعدم وجود آثار جانبية، وذلك وفقًا لتقارير رسمية من معامل المركز القومى للبحوث وجامعة الأزهر، قدمنا الملف للقوات المسلحة عام 2012، وتم عرض البحث على الجهات المعنية بها، وعقدت عدة لجان تضم نخبة من أساتذة الطب بإدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، وصفوة علماء الأورام بالجامعات المصرية، وحظى بحثى بتأييد كامل من كل أعضاء تلك اللجان، وقد تم تداول البحث لمدة أربع سنوات أخرى للتأكد من مدى فاعلية العقار، وللمزيد من التجارب، وتم اعتماده رسميًا عام 2016.
ـــ من المتعارف عليه أن وزارة الصحة المصرية هى الجهة المنوط بها تقديم بحثك، فلماذا توجهت للقوات المسلحة؟
لقد توجهت بالفعل لوزارة الصحة عدة مرات، وفى كل مرة أجد معوقات روتينية شديدة، مع وضع عراقيل كبيرة أمام تقديم البحث، بحجة أنه يحتاج لمزيد من التجارب والدراسات، فى الوقت الذى قوبل فيه بحثى من خلال جهاز الخدمات الطبية بالقوات المسلحة بالترحاب الشديد، مما دفعنى إلى اللجوء لترخيص المستحضر بكندا.
ـــ وكيف تم التواصل مع الجانب الكندى لتسجيل المستحضر؟
بعد علم إحدى شركات الأدوية المصرية، التى تسمى " بلدر فارما " بمدى أهمية البحث، قاموا بالاتصال بنا للتعاون من أجل خروج المستحضر للنور، وعرض إمكانية ترخيصه بدولة كندا، خاصة أن الشركة لها تعامل وشراكة مع الجانب الكندى، وبالفعل لم يستغرق ترخيص المستحضر أكثر من شهرين، مع تسجيله فى منظمة الصحة العالمية، شريطة أن تكون مصر هى الدولة الوحيدة التى تمتلك حق الملكية الفكرية، وبعدها تم تسجيل المستحضر فى 151 دولة على مستوى العالم تحت رقم 62/2017 بمكتب براءة الاختراع الدولى pct بأكادمية البحث العلمى .
ـــ إلى أى مدى ثبتت فاعلية المستحضر، وكم بلغت نسبة الشفاء فى أثناء التجارب؟
لقد تفاوتت نسبة الشفاء، ففى المرحلتين الأولى والثانية وصلت نسبة الشفاء لأكثر من 90%، وفى المرحلتين الثالثة والرابعة بلغت 50%، وذلك يعد إنجازًا لم يحدث من قبل فى علاج السرطان، وجدير بالذكر أن كل الحالات التى تم علاجها على استعداد لحضور المؤتمر، وعرض تجربتهم مع المستحضر ورحلة الشفاء .
ـــ ما الخطوات المقبلة التى ستؤدى لانتشار الدواء وتداوله ووصوله لمرضى السرطان؟
نحن الآن بصدد الإعداد لتجهيز مؤتمر عالمى تحضره وفود من مختلف أساتذة الطب بمصر وخارجها، وذلك برعاية القوات المسلحة، وطب الأزهر، وبرعاية خاصة من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر .
نقلا عن العدد الورقي.