يصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم إلى باريس، في أول زيارة له لفرنسا، بعد تقلده منصب رئيس الولايات المتحدة الأمركية، أوائل العام الجاري، وتأتي هذه الزيارة تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في إطار احتفالات فرنسا بعيدها الوطني الموافق 14 يوليو والمعروف بــ "يوم الباستيل".
ومن المقرر أن يعقد الرئيسان اليوم اجتماعًا في قصر "الأليزيه"، لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والأوضاع فى سورية وليبيا والعراق، بالإضافة إلى مناقشة بعض القضايا الخلافية مثل التغير المناخي والتجارة.
كما يشارك "ترامب وماكرون" غدًا الجمعة، في العرض العسكري التقليدي ليوم 14 يوليو، في "الشانزليزيه"، الذي يشارك فيه جنود فرنسيون وأمركيون جنبا إلى جنب.
ويبدو أن الرئيس "ماكرون" يهتم كثيرًا بربط زيارات ضيوفه بمناسبات لها دلالات تاريخية ورمزية، فقد استقبل في مايو الماضي، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في قصر "فرساي" بمناسبة افتتاح معرض عن زيارة القيصر "بطرس الأكبر" لفرنسا في 1717 وها هو الآن يستقبل الرئيس "ترامب" في العيد الوطني لفرنسا والذي يوافق ذكرى مرور مائة عام على دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى.
وتأتي زيارة "ترامب" لباريس في أعقاب قمة العشرين التي أنهت أعمالها في الثامن من يوليو الحالي، بـ"هامبورج"، والتي أكد خلالها "ترامب" مجددًا قراره بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، وعلى الرغم من رفض "ماكرون" لهذا القرار غير أنه حرص على إظهار إشارات الصداقة والود لنظيره الأميريكي على خلاف معظم القادة الأوروبيين وخصوصًا المستشارة الألمانية، آنجيلا ميركل، التي كانت شديدة الانتقاد لـ"ترامب".
في ضوء ماسبق يرى المراقبون أن "ماكرون" يحرص على تبني نهجًا دبلوماسيًا هادئًا إزاء "ترامب"، فهو لا يلجأ إلى لغة التشدد والشجب والاستنكار التي تتبناها المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وغيرها من القادة الأوروبيين ولكنه يحرص على حفظ روح الود مع الرئيس الأميركي وعدم إحداث "قطيعة مع الولايات المتحدة" قد تؤدي إلى عزلها دوليًا، وظهر ذلك بوضوح خلال قمة العشرين عندما أكد الرئيس الفرنسي "أن فرنسا والولايات المتحدة لديهما علاقات قديمة وهذا يعني أنه يمكن اليوم في بعض الموضوعات أن نتفق أو نختلف.. وهناك الكثير من القواسم المشتركة بين البلدين في محاربة الإرهاب، بصورة دولية، وفي الكثير من مسارح العمليات، سواء في أفريقيا أو الشرق الأدنى أو الأوسط.. نعمل مع الولايات المتحدة.. نحتاجهم في المجال العسكري تماما كما نتعاون في القضايا الأمنية".
ويرى فريق من المراقبين أن النهج الدبلوماسي الهادئ الذي يتنباه الرئيس "ماكرون" قد يصبح مجديًا وينجح في إقناع الرئيس الأمريكي بالعودة إلى اتفاق باريس حتى لو لم يحدث ذلك في وقت قصير، فحينما أعلن "ترامب" انسحابه من اتفاق باريس للمناخ في يونيو الماضي، علق "ماكرون" على ذلك بعبارته الشهيرة "لنجعل كوكبنا عظيمًا من جديد"، مقتبسا الشعار الذي استخدمه "ترامب" أثناء حملته الانتخابية، وهو ما اعتبره البعض أسلوبًا جاذبا لإثارة اهتمام الطرف الآخر، كما يرى أصحاب هذا الفريق أن دعوة "ماكرون" لـ"ترامب" لحضور احتفالات الباستيل كان تصرفًا ذكيًا له بالغ الأثرعلى الرئيس الأمريكي لأنه يتناسب مع شخصية "ترامب" الذي يظهر دائما حماسة تجاه الاحتفالات العسكرية.
في المقابل يستبعد فريق آخر من المراقبين أن تؤدي استراتيجية "ماكرون" إلى أي تغير ملموس في تصرفات "ترامب"، حيث أنه من المستحيل التنبؤ بأفكاره أو تصرفاته كما يصعب إقناعه بتغيير أرائه.
في هذا السياق أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "بي اف ام تي في" الفرنسية يومي 11 و12 يوليو أن 59% من الفرنسيين يرحبون بدعوة الرئيس الأميركي إلى باريس لحضور احتفالات العيد الوطني كما كشف الاستطلاع أن فئة الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما هم الأقل تحمسًا لزيارة "ترامب"، حيث عبر 52% منهم فقط عن تأييده للدعوة بينما تبدو فئة كبار السن ممن تتجاوز أعمارهم 65 عاما هم الأكثر تاييدا حيث عبر 63% منهم عن تحمسه للزيارة.