في مدينة أريحا بالضفة الغربية، يبرز جبل شامخ بارتفاع 350 مترا يعرف بأسماء عديدة أشيعها "جبل قرنطل" لأنه يرتبط باسم الدير المحفور بين صخوره، ويحمل دلالات تاريخية ودينية تؤهله للظهور بوضوح على خريطة السياحة الدولية.
يعود تاريخ الدير الذي يطلق عليه أيضا "جبل التجربة" و"جبل الأربعين" إلى عام 325 ميلاديا في عصر الملكة هيلانة وتدور حوله قصص عديدة أهمها أن السيد المسيح لجأ إليه بعد تعميده في نهر الأردن وصام فيه 40 يوما.
وتستعد وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لتسجيل المكان ضمن مجموعة أخرى من المواقع الأثرية في مدينة أريحا، أو كما يسميها البعض "مدينة القمر"، على لائحة التراث العالمي.
وقال إياد حمدان مدير عام دائرة السياحة والآثار في محافظة أريحا في مقابلة مع وكالة "رويترز" ان "وزارة السياحة منذ زمن تهتم بالأديرة في فلسطين لإدراكها لأهمية هذه الأديرة سواء من الناحية الدينية والسياحية لاستجلابها عددا كبيرا من الزوار الذين يأتون لغايات دينية وسياحية".
وأضاف "وزارة السياحة سجلت عددا من الأديرة على القائمة التمهيدية للأونيسكو لترشيحها لقائمة التراث العالمي ضمن ما يسمي البرية والأديرة الصحراوية تمهيدا لتسجيلها في أوقات لاحقة على قائمة التراث العالمي".
وأصبحت فلسطين عضوا في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (أونيسكو) في 2011 ونجحت خلال السنة الماضية في تسجيل المدرجات المائية في قرية بتير على لائحة التراث العالمي.
ويأمل حمدان أن يساهم تسجيل دير قرنطل على لائحة التراث العالمي في الترويج له عالميا. وقال "لا شك أن تسجيل أي موقع فلسطيني على لائحة التراث العالمي سيساهم في تروجيه. وهذا الدير هو أحد الأعمدة الرئيسية لتسجيل أريحا على لائحة التراث العالمي".
ويتيح الصعود إلى الجبل سيرا على الأقدام تخيل تجربة من عاشوا في المكان منذ نشأته عندما كان السير عبر ممرات ضيقة متعرجة هو السبيل الوحيد للوصول إليه.
ويبدو أن الرحلة تستحق العناء. فالوصول إلى سفح الجبل يقود إلى العديد من الكهوف المنحوتة في الصخر إضافة إلى عدد من الغرف التي تشير المعلومات التاريخية إلى بنائها في القرن الثامن عشر مما يشكل تحفة معمارية.
ويمكن للصاعدين إلى الجبل من خلال التلفريك الذي يمتد خط سيره 1330 مترا بارتفاع 177 مترا عن نقطة البداية مشاهدة العديد من المعالم الأثرية التي يمر فوقها ومنها طواحين السكر التي اشتهرت بها مدينة أريحا وكذلك تل أريحا القديم.
ويمكن أيضا الوصول إلى عشرات الكهوف الموزعة على أنحاء الجبل قيل إن رهبانا عاشوا فيها بينما يكتفي زوار الجبل بالنظر إلى كهوف أخرى لصعوبة بلوغها.
ويأتي الجبل زوار منهم تلاميذ وطلبة في رحلات مدرسية من أنحاء الضفة الغربية ومنهم سياح أجانب يزورون المكان لقدسيته الدينية، وإلى جانب قدوم الأجانب لجبل قرنطل بغرض السياحة الدينية يأتي أيضا سياح من دول إسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا.