لم تأت صدارة مصر فى التسليح لتصل إلى المرتبة العاشرة بين أقوى 10 جيوش فى العالم من فراغ، ورغم تيقن الرئيس عبدالفتاح السيسى من أن ألمانيا تدعم الإخوان، ومؤخرًا دعمت قطر، فإنه بحنكته وضع خطة للتسليح من البلد الذى يدعم أعداءه بصفقة متكاملة الأركان، ففى زيارة المستشارة أنجيلا ميركل للقاهرة منذ عدة أشهر عرضت على مصر قرضًا بـ 500 مليون يورو، وحينها صدقت ألمانيا على قرار بيع 330 صاروخًا "جو- جو" للمسافات القصيرة من طراز "سايد ويندر" لمصر.
وقالت حينها صحف ألمانية موالية للإخوان: إن المستشارة إنجيلا ميركل عقدت صفقة استهزأت فيها بمصر.
لكن الحقيقة التى كشفتها مصادر ألمانية هى أن الصفقة التى عقدها الرئيس مع "ميركل" كانت بمثابة هدية لمصر، ولكنها بالفعل "خدعة" كما وصفتها صحف صديقة وفقًا للمصادر الألمانية، و لكن لم تخدع "ميركل" مصر بل خدعها "السيسى".
وقالت المصادر لصحيفة "بوسيندر" الألمانية: إن مصر عندما تعاقدت على القرض من ألمانيا اشترطت أن يكون بدون فوائد، وأن يسدد على فترات مريحة مقابل شراء أسلحة من ألمانيا، فضربت "عصفورين بحجر و احد"، أخذت القرض بشروطها، وسلحت نفسها حتى وصلت للمرتبة العاشرة وفقًا لـ"جوبال فاير باور".
وتقدر قيمة الأسلحة التى حصلت عليها مصر من ألمانيا بـ400 مليون يورو، وبالتالى استفادت القاهرة من الأسلحة ومليون يورو دعمًا للاقتصاد.
الصواريخ، تنتجها شركة "ديهل" للصناعات العسكرية، وتستخدم فى الهجوم من طائرات مقاتلة على أخرى، وتنضم إلى قائمة جعلت مصر رابع أكبر مشتر للسلاح الألمانى عام 2015.
* لماذا تشتريها مصر؟
على الرغم من الغرض التجارى الواضح فى الصفقة، فإن ثمة أسباب أخرى عملية ربما دفعت مصر لاقتناء المزيد من تلك الصواريخ.
الصاروخ صمم ليناسب تسليح عدد من المقاتلات الجوية، خاصة طائرات "إف 15، 16، 18، 22"، ونسخته المطورة يمكن استخدامها فى تسليح طائرات "إف 35"، بالإضافة لإمكانية تزويد طائرات "التايفون" و"التورندو" و"الهارير" به.
وبالرجوع لقائمة الطائرات التى تتسلح بهذا الصاروخ، ومطابقتها مع الطائرات الموجودة لدى القوات الجوية المصرية، يمكن القول بأن مصر ستسلح به على الأرجح طائرات "إف 16" التى حصلت عليها من الولايات المتحدة.
تلك الطائرة التى تملك مصر نحو 240 واحدة منها، تشكل العمود الفقرى لقدرات القوات الجوية المصرية.
وبحسب المعلومات المتاحة عن تسليح الـ "إف 16"، فإنه يمكن تسليح الطائرة الواحدة منها بـ 9 صواريخ من طراز "سايد ويندر".
ويبلغ طول الصاروخ حوالى 3 أمتار، وقطره 12.7 سنتيمترًا وطول زعنفته الخلفية حوالى 44.4 سنتيمترًا، بينما يبلغ طول جناحه 35.3 سنتيمترًا، كما يبلغ وزنه حوالى 85 كيلو جرامًا، ويمكنه حمل رأس متفجر يصل وزنه إلى 9.36 كيلو جرامًا، لمسافة 9.36 ميلًا.
يعمل الصاروخ بالتوجيه الحرارى، أى يمكنه تعقّب الطائرات المعادية بالأشعة تحت الحمراء، اعتمادًا على الحرارة التى تُصدرها محركات هذه الطائرات.
كما يمكن توجيهه عبر "خوذة" الرأس التى يرتديها الطيار، لسهولة وسرعة الإطلاق فى حالات الاشتباك، ويمكنه إصابة الأهداف داخل وخارج مجال الرؤية البصرية للطيار.
* وأين تستخدمها؟
بطبيعة الحال فإن سباق التسلح الذى انطلق فى المنطقة، دفع مصر إلى إنفاق أكثر من 10 مليارات دولار على صفقات متنوعة خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم اقتصادها المتعثر فإنها استطاعت أن تسبق إسرائيل فى تسلحها بدهاء "السيسى".
وبالنظر إلى وضع إقليمى متقلب فى مناطق الصراع فى الشرق الأوسط، نستطيع أن نحدد أين يمكن أن تستخدم مصر تلك الصواريخ.
بداية فإن العقيدة العسكرية المصرية، تجعل التسلح فى حد ذاته هدفًا استراتيجيًا، حتى لو لم تُستخدم تلك الأسلحة، كما كانت تنظر إلى الاحتلال الإسرائيلى بأنه العدو رقم واحد، تلك النظرة اختلفت كثيرًا على مدى عقود وحتى الآن، وأضيف إليه عدة دول كالسودان والإخوان وقطر، وفقًا للمصادر الألمانية.
وعلى الحدود المصرية الليبية ثمة موضع ملتهب آخر، قد يُشكل مجالًا لاستخدام تلك الصواريخ عن طريق القوات الجوية المصرية نفسها، أو حتى دعم قوات خليفة حفتر المتقاتلة مع أطراف أخرى هناك.
والمفاجآة التى لم يعلن عنها الرئيس المصرى حتى الآن، ونوه لها فى أحد خطاباته فى السابق، والتى تؤكد اكتمال تسليح مصر، حيث كانت تنقصها طائرات تصلح لتلك الصواريخ الألمانية لاستخدامها فى سيناء.
وقالت المصادر الألمانية إن الرئيس تعاقد على شراء طائرات تستخدم لتلك الصواريخ بشكل خاص من أمريكا فى القمة التى عقدت فى السعودية، قبل اتخاذ القرارات بشأن قطر، فى صفقة لم يتم الإعلان عنها ككارت مفاجئ للتنظيمات الإرهابية، وسيتم استخدامها خلال الأيام المقبلة، وسيتم الإعلان عن صفقة الطائرات خلال الشهر المقبل.
البؤرة الساخنة الأخرى، التى تتردد أنباء عن نية مصرية لحسمها عسكريًا، هى سد النهضة الإثيوبى، لتظل كل الاحتمالات واردة.