قصة مصريين ابتلعتهم رمال ليبيا.. الوسطاء مصريون والسماسرة أتراك.. و40 ألف جنيه ثمن الرحلة.. تفاصيل تهريب الشباب المصري

في الصحراء القاحلة تحت درجة حرارة تقترب من الستين غاصت أرجلهم في الرمال بعدما خارت قواهم، ونفد منهم الطعام والشراب.. شباب في عمر الزهور قصد الغربة، هربًا، للبحث عن لقمة عيش أكثر وفرة في بلاد الحرب والموت والرصاص، حيث ليبيا المجاروة، لتنتهي حياة العشرات منهم وسط بحور من الرمال الساخنة، وعلت تعابير وجوههم علامات الندم والحسرة وربما الرعب، ولولا بطاقات تحمل أسماءهم لما ظهر لهم دليل.. فاجعة العثور على أكثر من 40 جثة لشباب مصريين- بحسب الهلال الأحمر الليبي- كشفت عنها الصدفة في الصحراء، وأطلقت وكالات الأنباء صورًا للجثث وقد علاها التراب، وبينت حجم الإرهاق والتعب الذي لاقاه أصحابها، ورجحت السلطات الليبية وفاة المصريين وآخرين كانوا معهم نتيجة العطش، واستبعدت العمل الإرهابي.. وهنا يطرح التساؤل الأخطر: كيف وصل الضحايا إلى الصحراء الليبية في ظل حظر السلطات المصرية السفر إليها؟.. التفاصيل في صدر التقرير التالي..

- أردوغان السفاح

رغم الإجراءات التى فرضتها وزارة الداخلية المصرية على المسافرين إلى ليبيا، فإن العصابات التى تقوم بتسفير الشباب ابتكرت حيلًا أخرى، هى تسفيرهم عن طريق إحدى الدول العربية، ومنها إلى تركيا، لإنهاء إجراءات السفر إلى ليبيا.

وبحسب المعلومات، فإن العصابات تقوم بتسفير المصريين إلى ليبيا منذ ما يقارب العام ونصف العام، بتوفير تأشيرة السفر للراغبين، حيث يتم ذلك عبر رحلتين أسبوعيًا، بإيصالهم إلى ليبيا وفق المبلغ المتفق عليه، الذى يتراوح بين 1500 و2000 دولار، دون أن يكون لدى الوسطاء عبء توفير فرص العمل.

ووفقًا لصحيفة "زمان" التركية، فإن عدد من تم تسفيرهم من المصريين إلى ليبيا بلغ حوالى 8 آلاف مصرى خلال عام ونصف العام، بالطريقة التى تتم عبر وسطاء مصريين، بالتنسيق مع وكالة سفر تركية، حيث يسافرون إلى الإمارات أولًا ومنها إلي تركيا قبل شد الرحال إلى ليبيا.

- طرق خلفية

للسماسرة طرق خلفية لضمان التحايل على قرار الحظر، ولتأمين أرباحهم من نشاط تهريب الشباب المصري، فلجأوا إلى تسفيرهم عبر طرق ودروب بديلة، من خلال الحدود الجنوبية بالسودان، وذلك مقابل مبالغ مالية تتخطى الـ10 آلاف جنيه للفرد الواحد.

محمد السيد، أحد أبناء محافظة الدقهلية،المقيم حاليًا في ليبيا، يروى تجربة سفره عن طريق السودان إلي ليبيا منذ عام.

ويقول:" بعد الظروف الاقتصادية قررت السفر إلي ليبيا من أجل تأمين مستقبلي، بالرغم من علمي بعدم وجود أمان بهذه الدولة، ولكنني أعلم أن الماديات هي التي تحقق الأحلام".

وأضاف:" توجهت إلى أحد السماسرة وطلب منى أن ادفع له مبلغ 11 ألف جنيه، وبعد ذلك أتوجه للحصول على موافقة أمنية من مصر، ثم أتجه للسفر إلى السودان عن طريق أحد المكاتب الموجودة في القاهرة".

وتابع: "سافرت إلي السودان عن طريق البر، وتم تسليمنا إلي سمسار آخر هناك، الذي قام بإنهاء إجراءاتنا، وبعدها سافرنا إلى ليبيا مباشرة، وقام سمسار آخر ليبي يعمل في المطار الليبي بإنهاء الإجراءات لدخولنا إلى الأراضي الليبية، وهذه الطريقة غير شرعية".

وتابع: " تقابلنا مع عدد كبير من جميع الجنسيات في السودان، للسفر عن طريق البحر لإيطاليا، ومن يقوم بعدم تنفيذ التعليمات لا يتمكن من السفر، ولا يحصل على الأموال الذي دفعها للمسار في مصر".

وبعد أن أغلق طريق سفر المصريين للسودان بعد تمكن السماسرة من جمع ملايين الأموال بسفر آلاف الشباب إلى ليبيا، تمكنوا أيضًا من ابتكار طرق أخرى.

وروى أحد السماسرة تفاصيل سفر الشباب إلى ليبيا، وقال: بعد أن أغلق طريق السفر إلي السودان، تمكنا من فتح باب آخر، وذلك بسبب المكاسب التي تأتى إلينا من كثرة أعداد المسافرين.

وأضاف: السلطات المصرية منعت سفر المصريين إلي ليبيا مباشرة، وأصبحت دولتا الإمارات وتركيا هما الحل الأمثل لنا، بعمل دعوة زيارة للسفر إلى الإمارات، وبعد ذلك يتم السفر إلي تركيا، ومنها إلي ليبيا مباشرة، ولكن كل ذلك يحتاج إلي شروط كثيرة،

موضحًا أن هذه العملية تتكلف مبلغًا ماليًا من 20 إلي 25 ألف جنيه للفرد الواحد، كما أوضح أنه يتم التنبيه على المسافر بعمل جواز سفر جديد ليس به أختام دخول وخروج من قبل، وبعد السفر إلي الإمارات يتم تسليمه إلي أحد السمسارة أيضًا، إلي أن يقوم بإنهاء الإجراءات للسفر إلى تركيا من أجل السياحة أيضًا، ومن تركيا إلي ليبيا مباشرة.

كما أوضح أنه عند وصول المسافر إلى ليبيا يتم دفع مبالغ مالية لأحد الموظفين في مطار معيتيقة بطرابلس نظير تسهيل إجراءات الدخول إلي الأراضي الليبية.

كما أكد أنه يأتي له عشرات الشباب يوميًا من أجل السفر، بالرغم من علمهم بعدم استقرار الوضع الأمني بالأراضي الليبية، ولكن الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر هي ما أجربتهم علي ذلك.

يشار إلي أن السلطات الليبية أعلنت عثورها على جثامين 48 من المصريين خلال دخلوهم الأراضي الليبية عن طريق صحراء طبرق فى هجرة غير شرعية، وكان عدد كبير منهم من محافظات المنيا، وأسيوط، وكفر الشيخ.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً