أكد فالي نصر الخبير السياسي في شئون الشرق الأوسط وعميد كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، أن الحرب الدائرة في سوريا تأخذ منعطفا خطيرا وغير عادي بنحو قد يصب في صالح طموحات روسيا لاستعادة نفوذها الموسع في الشرق الأوسط.
وقال نصر - في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم " الثلاثاء " على موقعها الإلكتروني - إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ارتكب خطأ أدى إلى شق صف التحالف الإسلامي السني الذي كان من المفترض له أن يقاتل تنظيم داعش في سوريا، مما قرٌب من قطر وتركيا وجعلهما أقرب للتعاون إلى إيران وروسيا من جيرانهما في المنطقة.
ثم عقب ذلك جلس ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألمانيا ليسلم مفاتيح المنطقة إلى خصمه الروسي من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار في سوريا الذي يضمن تواجدا دائما للنفوذ الروسي في ذلك الصراع.
وأضاف نصر – في مقاله الذي جاء تحت عنوان "هدية ترامب إلى روسيا" - أن الدائرة الداخلية لترامب نفسه على خلاف مع بعضها البعض في حين يمضي الرئيس في طريقه الخاص الذي لا يمكن التنبؤ به، بينما لا يبدو أبدا أن بوتين سيهدر أي فرصة لتوسيع تواجد روسيا في المنطقة.
وقد ساعد هذا الأمر على طمس الخطوط الطويلة من الانقسام الطائفي بين الدول السنية والشيعية، وأيضا تعقيد الموقف الاستراتيجي الأمريكي.
واعتبر نصر أن أوضح مثال على تجرؤ روسيا في المنطقة كان في يوم 19 يونيو الماضى عندما ردت موسكو على إسقاط واشنطن لمروحية سورية من خلال إعلان منطقة غرب روسيا منطقة حظر جوي بحكم الأمر الواقع أمام طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ورغم أن هذه القضية نوقشت على وجه سريع، إلا أن هذه المناقشات نتجت عن التوصل إلى اتفاق في ألمانيا بإعلان وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، وهو الاتفاق الذي اعتبره ترامب دلالة على إمكانية تعاون واشنطن وموسكو.
كما تساءل نصر عن أسباب اهتمام روسيا الآن بالمنطقة، واعتبر أن الإجابة تتمثل في ضرورة ملاحظة مدى تدفق كميات النفط في المنطقة بدءا من الخليج إلى الغرب ؛ وبالنسبة إلى روسيا، فإن هذا الأمر وحده يجعل من بلدان المنطقة إما منافسون إلى روسيا أو شركاء لها، علاوة على أن النفط هو المورد الوحيد الذي يمكن أن يعلق عليه بوتن آماله باستعادة وضع روسيا كقوة عالمية يمكنها تحدي الولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك، توقع نصر أنه في حال أصبحت روسيا ضامنه أو مصدرة للسلع العسكرية إلى أنظمة الشرق الأوسط المضطربة كتلك التي تتواجد في تركيا وإيران، فإنها سوف تستطيع وقتها تعزيز وصولها إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط والخليج، وهو الأمر المهم لها ليس فقط لأسباب عسكرية وإنما من أجل تدفق إمدادات الطاقة العالمية.