مثل البشر والقرود، الغربان قادرة على توقع المستقبل، إذ كشفت تجربة معرفية معقدة خبرات جديدة لدى الغربان عرضت في المجلة الأمريكية Science.
وكانت دراسات سابقة أجريت على مدى السنوات الـ 15الماضية أثبتت بالفعل قدرة هذه الطيور على استخدام أدوات معينة لكي تتغذى، بل وتبتكر أدوات أخرى أيضًا.
وأظهرت هذه الأعمال الأخيرة -أيضًا- أن الغربان على استعداد للتخلي عن مكافأة فورية من أجل الحصول على أفضل منها في وقت لاحق.
ولما كانت الغربان والقرود ليس لديها سلف مشترك منذ أكثر من300 مليون سنة، فإن هذه النتائج قد تشير إلى أن القدرات المعرفية لـ “استباق” الأشياء وتوقعها قد تطورت بشكل منفصل لدى الطيور.
يقول كان كابادايي، وهو باحث في جامعة لوند في السويد، والمؤلف الرئيس للدراسة: “إن التمرين الذهني المعقد المتمثل في توقع الأشياء أو حدسها لوحظ بشكل رئيس في البشر والقردة العليا، مثل الشمبانزي والبابون، لكن بعض الغرابيات، وهي عائلة من الطيور التي تضم الغربان، أظهرت أيضًا القدرة على التخطيط وراء اللحظة الحاضرة، ولكن مثل هذا السلوك مقتصر على إخفاء الغذاء”.
وتمثلت التجربة الأولى في إطار هذه الدراسة الجديدة في تدريب 5 غربان، 2 من الذكور و3 إناث، لاستخدام أداة ضرورية لفتح علبة معينة والوصول إلى قطعة حلوى بداخلها.
بعد ذلك عرض الباحثون هذه العلبة على الطيور، ولكنهم لم يظهروا لها الأداة قبل أن يخفوها لمدة ساعة كاملة، ثم أعطوا الغربان الأداة وأشياء أخرى كثيرة.
وكل الغربان تقريبًا اختارت الأداة المناسبة عندما عرضت عليها العلبة بعد 15 دقيقًة، وتمكنت من فتحها بنسبة نجاح 86٪.
وقد أظهرت تجارب مماثلة، وكانت هذه المرة باستعمال قطع مدورة تشبه القطع النقدية للحصول على الغذاء في وقت لاحق، نسبة نجاح بلغت 78٪.
بل وكانت الغربان أفضل تنبؤا من القردة عندما يتعلق الأمر باستخدام القطع المدورة المعطاة لها من أجل الحصول على الغذاء في وقت لاحق.
في التجربة الأخيرة وفر العلماء للغربان قطعة حلوى والأداة المناسبة للوصول إلى العلبة التي تحتوي على قطعة من الطعام أكثر إغراء.
وكان على الطيور أن تختار بين الأداة وقطعة الحلوى، فاختارت الأولى، وخلص الباحثون إلى أن هذا الاختيار يدل على أن هذه الطيور قادرة على تحقيق مستوى معين من ضبط النفس والتحكم فيها على غرار ما لوحظ عند القردة.