حملات إعلامية لتشجيع المصريين بالخارج لتحويل أموالهم.. وإلزام شركات الاستيراد بفتح حسابات دولارية خلال 90 يومًا
مطاردة ومصادرة أرباب السوق السوداء.. وطرح أذون وسندات خزانة دولارية لوفرة المعروض
قبيل اتخاذ الحكومة قرارها بتقليل حجم الدعم المقدم لكل من المحروقات والكهرباء، اجتمع وزراء المجموعة الاقتصادية، وطارق عامر محافظ البنك المركزى، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لبحث الإعلان عن القرار، وما سوف يترتب عليه من نتائج، وذلك تنفيذًا لجملة الإصلاحات الاقتصادية والنقدية، التى تعهدت الحكومة بتطبيقها، لضمان الحصول على باقى أقساط صندوق النقد الدولى البالغ إجماليه 12 مليار دولار، بشكل منتظم.
وخلص الاجتماع إلى ضرورة إصدار القرار على مرحلتين، أولاها: كان رفع أسعار البنزين والسولار والغاز "المحروقات"، وهو ما اختصت وزارة البترول بتجهيزه والإعلان عنه، ثانيها: كان الخميس الماضى، برفع جزء كبير من الدعم عن أسعار الكهرباء عبر تقسيمها إلى شرائح، وتزامن مع ذلك إسناد مسؤولية ضبط أسعار صرف العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكى، لمحافظ البنك المركزى، منسقا ذلك الأمر مع بنكى الأهلى ومصر "أكبر البنوك العامة"، فضلا عن إصدار توجيهاته للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، برفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس، لتقليص الآثار الناجمة عن الموجة التضخمية التى سوف تزداد وترتفع عقب الإعلان عن تلك القرارات.
-اجتماع أزمة
سريعًا عقد طارق عامر محافظ البنك المركزى، اجتماعًا الأحد الموافق 2 يوليو، بنوابه ومستشاريه ومساعديه بالبنك، إضافة إلى رؤساء مجالس إدارات، البنك الأهلى، ومصر، والقاهرة، لتدارس قرارات الحكومة، عقب إعلانها الأول عن رفع الدعم بشكل كبير على أسعار البنزين والسولار والغاز، وأوضح لهم أن هناك قرارًا آخر نهاية الأسبوع سوف تعلن عنه الحكومة، برفعها جزءًا كبيرًا من الدعم عن أسعار الكهرباء، وسوف يعلن خلاله الوزير المختص الدكتور محمد شاكر، بأن الأسعار من الممكن أن تعود إلى ما كانت عليه وأقل إذا ما انخفضت أسعار الصرف.
وأفادت مصادر رفيعة المستوى، داخل البنك المركزى، أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع المطول الذى جمع مقررى السياسة النقدية وصناع القرار فى القطاع المصرفى بمحافظ البنك المركزى، على شن حملة ممنهجة على العملة الأمريكية، تظهر للشعب وللمراقبين في الداخل والخارج، أنه لا تدخل مطلقًا من قبل صناع القرار النقدى، فى تحديد أسعار الصرف، وأن الموضوع جاء بمحض "عرض وطلب" جمهور المتعاملين على الدولار.
"أهل مصر" كانت على دراية بتفاصيل الخطة التى وضعها صناع القرار وسربتها لنا مصادرنا الخاصة بالبنك المركزى، والتى تهدف إلى اقتراب الدولار من حدود سعره الاسترشادى 10.80 قرشًا، الذى كان قد أعلن عنه طارق عامر، فى نوفمبر الماضى، بعد قراره بتحرير سعر الصرف.. وإلى تفاصيل الخطة:
أولا: اتفق الحضور على إعلان بنكى الأهلى ومصر، أكبر بنكين فى البلاد، على تخفيض الدولار بمعدل قرشين، وذلك الانخفاض كان الأول منذ ثلاثة شهور، وتم إسناد تلك المهمة لهما باعتبارهما المتحكميّن الرئيسييّن فى مؤشرات بيع أغلب العملات الأجنبية طبقا لانتشارهما الكبير والواسع فى جميع أنحاء البلاد وحجم أعمالهما وعملائهما.
ثانيا: إمداد وسائل الإعلام بتصريحات متفائلة بشأن الانتصار الجديد الذى تحقق بخفض الدولار قرشين، مع توقعات بموجة انخفاض كبيرة خلال الفترة المقبلة، وهو ما تحقق بالفعل بعدما أغلق تعامل 5 أيام على الدولار تحديدًا، بانخفاضه بواقع 20 قرشًا.
ثالثا: إفادة وسائل الإعلام بأن ما تحقق جاء نتيجة تدفقات نقدية من قبل المصريين بالخارج، والذين اطمأنوا مؤخرًا بموجة الإصلاحات الاقتصادية والنقدية الأخيرة، المتسمة بالحكمة والرزانة، ليصل إجمالى التدفقات من الخارج خلال خمسة أيام فقط إلى مليارى دولار، وهو ما لم يحدث فى أكثر أيام البلاد ازدهارًا، الأمر الذى تحقق من خلاله زيادة المعروض من الدولار، وبالتالى فقد انخفضت أسعار العملة الأمريكية إلى هذا الحد، مع توقعات بمزيد من الانخفاض.
رابعًا: حال وصول الدولار فى السوق الرسمية لحدود 17 جنيهًا، سوف يصاحب ذلك إجراءات خانقة على شركات الصرافة، ليتمم بذلك محافظ البنك المركزى، طموحاته السابقة، بإغلاق جميع الأبواب أمام منافذ بيع وشراء الدولار غير الرسمية لصالح البنوك، وبذلك فسوف يتحكم القطاع المصرفى أكثر فى سعر صرف العملة الأمريكية تحديدًا.
خامسا: شن حملات ممنهجة من قبل الأجهزة الأمنية المعنية بالحفاظ على أمن مصر الاقتصادى، على منافذ بيع الدولار وشرائه، فى السوق السوداء، والتى تمكنت "وزارة الداخلية" مؤخرًا من رصد أربابها والتابعين لهم، فى أغلب أرجاء البلاد، ليتم بذلك التحفظ على ما فى حوزتهم من العملة الصعبة، وبإتمام تلك المرحلة فإن المستهدف أن يقترب الدولار من حدود 16 جنيهًا.
سادسا: بالتزامن مع ذلك، سوف ينسق البنك المركزى، مع وزارة المالية، لطرحه أذون وسندات خزانة دولارية "وسائل استدانة حكومية من الخارج - قصيرة وطويلة الأجل"، نيابة عن وزارة المالية، وهو ما يزيد من وفرة المعروض من الدولار في السوق الرسمية له، بما يعنى انخفاضه أكثر ليقترب من حدود 15 جنيهًا، خلال فترة وجيزة.
سابعًا: إلزام شركات التصدير والاستيراد، بفتح حساب بنكى دولارى، على عمليات التصدير والاستيراد من وإلى الخارج، بحدود 2000 دولار عن كل عملية، بعدما كانت وزارة الصناعة والتجارة تلزم الشركات فى السابق بفتح حساب بنكى للشركات بحد أدنى 5000 آلاف دولار للعملية الواحدة، وهو ما يضمن ورود مئات الملايين من الدولارات شهريًا إلى البنوك المحلية، ومن ثم ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى، بشكل منتظم شهريًا، الأمر الذى يساهم فى تقليل أسعار الدولار أكثر.
- الرئيس يوافق
أطلع طارق عامر محافظ البنك المركزى، تفاصيل خطته لخفض سعر الدولار ومعاونته للحكومة بتقليل نسبة التضخم عبر قراره الأخير برفع سعر الفائدة 200 نقطة أساس، على الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال الاجتماع العاجل والهام الذى جمعهما وكبار رجال الدولة، السبت الماضى، مستعرضًا خلاله المستجدات على صعيد سوق النقد والأوضاع الاقتصادية والمالية، حيث عرض عامر التطورات المرتبطة بقرار رفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض مشيرًا إلى أن تلك الخطوة تأتى لضبط الأسواق وللتخفيف على المواطنين من آثار ارتفاع الأسعار والعمل على استقرارها والحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المصرى.
وقالت المصادر إن الرئيس منح عامر مهلة 3 أشهر لإعادة تعديل سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
من جانبه أكد المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس استعرض آخر التطورات الخاصة بانخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه، حيث تم التأكيد على أن الانخفاض جاء نتيجة لآليات العرض والطلب، دون تدخل فى السعر أو تحديده من جانب البنك المركزى، وهو ما يعد مؤشرًا جيدًا لتزايد الثقة فى الاقتصاد المصرى والنجاح فى سياسة الإصلاح النقدى والاقتصادى التى تبنتها الحكومة خلال الفترة الماضية، والتى ساهمت كذلك فى رفع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية لمستويات غير مسبوقة منذ عام 2011، وهو ما يمثل ركيزة قوية لتوفير السلع الأساسية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية.