علي الرغم من كونها فتاة في العقد الثاني من العمر، إلا أنها تخلت عن أنوثتها منذ نعومة أظافرها، وقررت أن تمتهن مهنة غريبة، وأن تعمل جزارة في أحد المدن الجنوبية بمحافظات الصعيد، وسط العادات والتقاليد التي تحرم عمل المراة، خاصةً إن عملت في مهن غريبة.
شهيرة اسمًا ومعرفةً وسط المئات من المواطنين، فهي شهيرة جمال، البالغه من العمر 23 عامًا، والمقيمة بمركز "إسنا" جنوب محافظة الأقصر، لم تخُض أي مرحلة دراسية منذ ولادتها، وامتهنت الجزارة منذ أن كانت تبلع من العمر 7 سنوات.
قررت الفتاة العشرينية أن تحمل لواء الكفاح عن أسرتها بعد مرض والدها الشديد الذي أقعده الفراش، فقامت بفتح محل اللحوم الذي يملكه أبيها الكائن في وسط مدينة "إسنا"، حتى تستطيع أن تنفق على والديها وأشقاؤها الـ9، "شهيرة" الوحيدة بين أخواتها وإخوانها التي لم تلتحق بالمدرسة تنفيذًا لرغبة أبيها، وإصراره على عملها في محل الجزارة بجانبه، حتى دخل والدها في وعكة صحية، فقررت على إثرها أن تستكمل رحلة عملها داخل مهنة الجزارة بمفردها.
تبدأ أول جزارة في الصعيد، عملها اليومي في السابعة من صباح كل يوم وحتى الثالثة عصرًا، وتعود إلى منزلها بملابس ممتلئة بالدماء ورائحة اللحوم، لتطهر جسدها وتعود إلى طبيعتها كبنات حواء بطبيعة وشخصية حساسة.
تقول "شهيرة" في حديثها لـ"أهل مصر"، إنها تتعرض للعديد من المضايقات سواء من السيدات أو الرجال، وذلك بسبب عملها في مهنة الجزارة، خاصةً أن تلك المهنة لا تعمل بها النساء في محافظات الصعيد المختلفة، وإنها أول سيدة تعمل جزارة في الصعيد قائلةً: "أنا بحب الجزارة ومقتنعة بيها وميهمنيش كلام الناس وعندي ثقة في نفسي ومقتنعة إني مش بعمل أي حاجه غلط".
وأضافت الجزارة الأولى في الصعيد، أن سيدات المدينة والقرى المجاورة، كانوا يأتين إليها ويقومن بالحديث معها حول سبب عملها جزارة، وما السبب أو الداعي لذلك، إلا انها كانت ترفض الرد عليهم أو النقاش حول ذلك معهم، مشيرةً إلى أن الرجال أيضًا كانوا يتعرضون إليها ويحاولون استفزازها ويكتبون أرقام هواتفهم المحمولة في أوراق ويعطوها إليها.
وأوضحت "شهيرة"، أن قصة حياتها بدأت مع والدها، في السابعة من عمرها عندما كانت تساعده في العمل، ثم استمرت في العمل عقب مرضه، واستمرت بالعمل في المحل، عقب توظيف أشقاؤها، الذين حصلوا على العديد من الوظائف الحكومية المختلفة، لافتتًة إلى أن هناك العديد من الأشخاص تقدموا للزواج منها، لكنهم كانوا يرفضون بعد ذلك إتمام الزواج بسبب عملها في الجزارة.