بعد الانتهاء من معركة الموصل في العراق تتكشف فداحة الانتهاكات التي طالت الأهالي، لأهداف قد تصل إلى التطهير العرقي وإعادة تشكيل تركيبة السكان.
ومن بين تلك الانتهاكات ما أشارت إليه تقارير عن وجود ما يسمى بموقع للإعدام في غرب الموصل، كان يتم فيه قتل الفارين من المدينة من وجه تنظيم داعش، ربما لضمان عدم عودتهم مرة أخرى.
وطالبت النائبة عن محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) فرح السراج، الخميس، بالتحقيق بشأن اكتشاف موقع للإعدام في غرب الموصل، مشيرة إلى أن بعض تلك الانتهاكات تم توثيقها من قبل منفذيها بالصوت والصورة وتم عرضها بوسائل الإعلام المختلفة.
وقالت السراج إنه "على رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أن يحقق بالتقارير الخاصة بالمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وآخرها تقرير منظمة هيومن رايس ووتش الذي أشار إلى أن مراقبين دوليين اكتشفوا موقعا للإعدام في غرب الموصل يقترن بشهادات جديدة حول إعدامات في مدينة الموصل القديمة وما حولها".
وأضافت أن "عمليات التوثيق المستمرة لقتل القوات العراقية رجالا يفرون من الموصل في المرحلة الأخيرة من المعركة ضد تنظيم داعش".
وتابعت السراج أن "القوات المسلحة بذلت تضحيات كبيرة ودماء عزيزة وهي محل تقدير لنا ولأبناء مدينة الموصل، ولكن هناك بعض السيئين المنتمين للمؤسسة العسكرية يسيئون لتلك التضحيات بأفعالهم المشينة تلك ويزعزعون ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية".
من جانبه، كان العبادي دعا المنظمات الدولية إلى التحقق من صحة مصادر معلوماتها في العراق، مؤكدا عدم تنفيذ "عقوبة جماعية" ضد المدنيين.
وتشير أصابع الاتهام في استهداف المدنيين بالقتل في الموصل إلى تنظيم داعش الإرهابي، وجهات في القوات العراقية، وخاصة مليشيا الحشد الشعبي الطائفية الموالية لإيران والتي يعتبرها القانون "جزءا" من القوات المسلحة.
ورغم الإعلان عما يوصف بـ"تحرير" الموصل من تنظيم داعش، إلا أنه ينتظرها معركة أكبر من معركة داعش، وهي معركة بين الموالين لإيران والموالين لتركيا على بسط النفوذ فيها.
والموصل لها أهمية استراتيجية للبلدين كونها قريبة من الحدود مع تركيا، كما أنها قريبة من الحدود مع سوريا.
وبالنسبة لإيران فإن الموصل تقع على طريق الممر البري الاستراتيجي الإيراني الذي يمده إيران من طهران ليمر بشمال العراق فشمال سوريا وصولا إلى اللاذقية على ساحل البحر المتوسط، ومنه ينحدر جنوبا إلى دمشق ولبنان.
وبما أن معظم سكان الموصل ينتمون لأهل السنة فإن من مصلحة إيران لتغيير التركيبة السكانية تأمين هذا الممر البري الاستراتيجي.
وبالإضافة إلى فرق الإعدام أو الموت التي طاردت النازحين خلال فرارهم من المدينة، فإن التدمير شبه الشامل الذي أصاب منازلهم ومؤسسات الدولة بها يعيق عودة مئات الآلاف إليها.
ومنذ بدء القوات العراقية معركتها تحت اسم "تحرير" المدينة من داعش في أكتوبر 2016 وحتى إعلان "التحرير" يونيو الماضي نزح أكثر من مليون مدني هربا من المعارك، لا يزال 825 ألفا منهم في عداد النازحين، وفق ما أعلنت منظمة الهجرة الدولية.
وسبق أن صرح نائب مليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في لقاء مع صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تدمير المدن التي يشارك الحشد فيما وصفها بـ"تحريرها" من داعش يعد من أساليب الحشد تحت حجة حمايتها من عودة داعش إليها إذا ما وجد منازل يأوي إليها.