تحولت الصلوات في الشوارع المؤدية إلى بلدة القدس القديمة أو في أزقتها، إلى مشهد معتاد في المدينة التي لطالما غضب سكانها من التدخلات الإسرائيلية المتواصلة في شؤون المسجد الأقصى، والقيود التي فرضتها على دخول المصلين إليه.
فما أن ينطلق نداء "الله أكبر" من مآذن المسجد الأقصى حتى يصطف عشرات، وفي أحيان أخرى مئات من المصلين رجالا وأطفالا ونساء لأداء الصلوات، ولكن هذه المرة في الشوارع القريبة.
ومنذ الأحد الماضي، لا ينضب تدفق المصلين إلى منطقة باب الأسباط في الجدار الشمالي للمسجد الأقصى، أو باب المجلس في الجدار الغربي للمسجد ليلا أو نهارا.وتبدأ الصلوات في ساعات الفجر بمشاركة العشرات، وتزداد شيئا فشيئا في صلوات الظهر والعصر والمغرب، وتكون الذروة في صلاة العشاء حيث يصل مئات من المصلين.
وبموازاة هذا الحراك الذي يكتسب زخما تدريجيا منذ ظهر الأحد، فإن الشرطة الإسرائيلية تدفع مئات من عناصرها إلى محيط المسجد الأقصى وبوابات البلدة القديمة وأزقتها.بدورهم، يصطف أفراد الشرطة وشرطة حرس الحدود المزودون بالهراوات وقنابل الصوت والمسيلة للدموع أمام المصلين في استعراض للقوة.
وكانت مسارعة الشرطة الإسرائيلية إلى تثبيت بوابات فحص إلكترونية على المداخل الخارجية لبوابتي الأسباط والمجلس، وتوسعها لتشمل باب السلسلة في الجدار الغربي للمسجد، قد فجّرت غضبا فلسطينيا جديدا.فبينما أصرت الشرطة على وجوب مرور المصلين من خلال هذه البوابات، رد المصلون بالإصرار على تمسكهم بالدخول إلى المسجد دون قيود.
ووجدت الحكومة الإسرائيلية في هجوم نفذه 3 فلسطينيين عند إحدى بوابات المسجد صباح الجمعة، الماضية، قتل فيه شرطيان قبل مقتل الثلاثة برصاص الشرطة الإسرائيلية، ذريعة لوضع البوابات.تلك الخطوة تعد تقييد لحركة المصلين الذين يتوافدون بالآلاف إلى المسجد الأقصى، ونوع من الإذلال والانتهاك لكرامتهم وحقوقهم الإنسانية في الحركة والعبادة، واخضاعًا للمسلمين، وتفريغًا للمسجد الأقصى.. وهناك أغراض وراء تلك الخطوة التى عزمت عليها قوات الاحتلال.السيطرة الكاملة على الأقصى
وقالت المحللة الفلسطينية، ريهام عودة، لـ وكالة "أمدج" الفلسطينية إن وضع هذه البوابات غير قانوني، وهي بمثابة محاولة إسرائيلية للسيطرة على المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم، مشيرة إلى أن إدارة الأوقاف الإسلامية هي المسئولة عن كل ما يتعلق بالمسجد الأقصى، بما في ذلك الحق في تحديد من يدخل ومن لا يدخل، وبأي طريقة يدخلون.
وأضافت أنها ستعمل على ازدياد العنف في القدس، وتتخذ إسرائيل ذلك مبررًا من أجل السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى تحت ذريعة الحفاظ على الأمن.
البحث عن شعبية رخيصة
عضو الكنيست عن القائمة العربية المشتركة جمال زحالقة، أكد أن قرار وضع البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى قرار سياسي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ولا علاقة له بالأمن، مبينًا أن شرطة الاحتلال تعارض القرار وتخشى اندلاع انتفاضة وتظاهرات ضده.
وأوضح زحالقة، أن نتنياهو يريد كسب "شعبية رخيصة" من خلال اتخاذ خطوات ضد الفلسطينيين والمسلمين ويصرف الأنظار عن التحقيقات معه ضد الفساد، محذرًا من أن الخطوة تعتبر تقسيم مكاني للمسجد والسيطرة على البوابات هو أول خطوة في تنفيذ التقسيم وتقنين عدد المصلين.تغيير سياسات 1967
الخطوة التي اتخذتها إسرائيل بحق المسجد الأقصى إشارة من الاحتلال إلى أن المسجد جزء خاضع للسيادة الإسرائيلية وهو تغيير للوضع القائم في القدس منذ عام 1967م، وفرض أمر واقع على العرب والمسلمين
جس نبض
ويرى الفلسطينيون أن البوابات هي جس نبض للواقع الفلسطيني لقياس ردود أفعالهم، ليبني عليها أي إجراءات قادمة، مؤكدًا أن إسرائيل ستزيل البوابات لكنها تنتظر ثمنًا سياسيًا من الولايات المتحدة الأمريكية، متخوفًا من أن يتم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأن يكون مفتاح القدس في البيت الأبيض.
وكان الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية والشيخ عبد العظيم سلهب رئيس المجلس الأعلى للأوقاف في القدس والشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وواصف البكري القائم بأعمال قاضي القضاة في القدس وجهوا دعوة للحشد اليوم الجمعة لمناهضة قرار الاحتلال الغاشم.
كما أعلنت المرجعيات الدينية والوطنية في اجتماع طارئ لها اليوم الجمعة، عدم الدخول عبر البوابات الإلكترونية نهائيًا وذلك للصلاة في المسجد الأقصى من خلالها.
وعقب انتهاء الاجتماع توجه وفد من المرجعيات الدينية والوطنية يتقدمهم مدير المسجد الأقصى عمر كسواني، ورئيس مجلس الأوقاف عبد العظيم مسلم، والعضو العربي في الكنيست حنين زعبي، ومفتي الديار المقدسة محمد حسين، إلى باب الأسباط لأداء صلاة الجمعة أمام البوابات الإلكترونية.