"احتجاجات الحرم القدسي يمكن أن تتحول لانتفاضة في غمضة عين".. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم الجمعة تحليلاً حول التصعيد الأخير الذي يشهده حرم المسجد الأقصى بالقدس المحتلة، على خلفية إغلاق قوات الاحتلال لمحيطه وفرض قيود صارمة لمنع وصول المصلين.
وقالت الصحيفة إن احتجاج الفلسطينيين عند بوابة القبائل المدخل الرئيسي خادع، فخلال لحظات يوم أمس الخميس بدا الوضع وكأنه انتفاضة بالحجارة والزجاجات التي تطايرت من جانب، في مقابل القنابل والرصاص المطاط من الجانب الآخر، ولكن في معظم اليوم كانت الأمور تشبه احتجاجات العدالة الاجتماعية في تل أبيب عام 2011".
وأضافت الصحيفة" مئات المواطنين كانوا يصلون في الموقع على مدار الساعة بينهم نساء يبدو أنهن قدمن من أنحاء البلاد، فيوم الخميس جاءوا حاملين حقائب الظهر استعداداً للنوم في شوارع المدينة القديمة بالقدس للتأكد من دخولهم هناك لصلاة الجمعة، بعد أن انتشرت الشائعات بين الفلسطينيين أن قوات الشرطة ستمنعهم من دخول الأقصى يوم الجمعة ".
توافرت للمتواجدين في المكان، فهناك مجموعة تسلم الطعام وأخرى توزع الماء، وبينما أقام الهلال الأحمر مقرات لعلاج الجرحى، تواجد متطوعون للحفاظ على النظام.
ورغم ذلك لم يتضح من المسئول عن تنظيم هذا الوضع، فحراس الوقف الذين كانوا بارزين في احتجاجات الأيام الماضية كانوا بالكاد مرئيين.
وفي المقابل، حاصرت قوات الشرطة -التي بدا على وجوه أفرادها، والسلوك العدواني تجاه السكان والصحفيين أيضاً، جميع المتواجدين.
وواصلت الصحيفة وصف الأوضاع بقولها: "قبل كل صلاة بقليل وخاصة الظهر والعشاء المئات من المحتجين يتحولون لآلاف، هذه الصلوات الجماعية أصبحت حلقات لا نهاية لها من هتافات الاحتجاج، و عهود الولاء للمسجد الأقصى".
"تكبير" شخص يصرخ بهذه الكلمة والحشود تجيب "الله أكبر"، النداء والإجابة ظلا يسمعان مرارًا وتكرارًا، وتخللهما هتافات مثل :" بالروح والدم نفديك يا أقصى"، وعادة بعد ساعة أو ساعتين من الهتافات والخطب يهدأ الغضب حتى الصلاة التالية.
الأربعاء كان هادئا طوال اليوم بالكاد تم إلقاء حجر في المدينة القديمة والضواحي الفلسطينية في شرق القدس، الخميس أيضا – بحسب الصحيفة- ظل هادئا حتى المساء ولكن في غمضة عين واحدة من حلقات الهتاف وحماس المشاعر التي تلت صلاة العشاء انحرفت للعنف.
وتضيف الصحيفة " وحتى على بعد أمتار قليلة كان من المستحيل معرفة من بدأ العنف. هل كان حجرا أو زجاجة ألقيت على الشرطة؟ أم هل تخيل شخص إلقاء حجر أو زجاجة. في كلتا الحالتين الأمور انفجرت في لحظة واندفعت الشرطة وأطلقت عشرات القنابل الصوتية ورد الفلسطينيون بالحجارة وسقط فلسطينيان على الأقل على الأرض فاقدين الوعي".
واعتبرت الصحيفة في التحليل الذي نُشر قبل صلاة الجمعة أن سرعة وشدة انهيار الأوضاع هو ما يثير القلق مما يمكن أن يحدث في صلاة الجمعة، رئيس شرطة القدس يورام هيلفي قال أمس الشرطة قادرة على مواجهة العنف المتوقع يوم الجمعة، لكن السؤال هو ما هي التكلفة المتوقعة؟ وماذا سيحدث بعد صلاة الجمعة؟".
وتابعت "هذا أيضا يستحق استرجاع بداية الأسبوع عندما توقع هيلفي أن الفلسطينيين سيقبلون أجهزة كشف المعادن على بوابات الحرم القدسي وسينهون مقاطعتهم ولكن حتى الآن لا يوجد أي إشارة أن هذا يحدث".
يذكر أن 3 فلسطينيين استشهدوا وأصيب العشرات في مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقدس والضفة الغربية اليوم بعد أن مُنِع آلاف الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة وأغلقت كل الطرق المؤدية إليه وأعلنت البلدة القديمة منطقة عسكرية مغلقة.
وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز على الفلسطينيين عند حاجز قلنديا، ما أدى إلى إصابة أكثر من 15 فلسطينيا بالرصاص أو بالاختناق.
وشهد الحاجز -الذي يفصل القدس عن رام الله- مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين غاضبين توافدوا لتأدية صلاة الجمعة والتضامن مع المقدسيين المرابطين في ضواحي المسجد الأقصى.
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) كلف الشرطة الإسرائيلية باتخاذ القرار بشأن ترتيبات الصلاة في القدس بعد قرار المجلس فجر اليوم الإبقاء على بوابات كشف المعادن.
وكانت المرجعيات الإسلامية في القدس دعت إلى إغلاق المساجد الفرعية في القدس الشرقية كي تكون صلاة الجمعة اليوم في المسجد الأقصى فقط. وأشارت المرجعيات إلى أنه في حال عدم تمكن المصلين من الوصول إلى الأقصى بدون بوابات إسرائيلية فستؤدى الصلاة في الشوارع القريبة من البلدة القديمة.
وتحت شعار "اغضب للأقصى"، دعت فعاليات شعبية سياسية ودينية الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية وداخل الخط الأخضر لإغلاق المساجد في مدنهم وقراهم وأداء صلاة الجمعة في المناطق القريبة من نقاط التماس مع قوات الاحتلال الإسرائيلية نصرة للمسجد الأقصى المبارك والاحتجاج على سياسات الاحتلال بحق المسجد الأقصى.
كما دعت الفصائل الفلسطينية الشعب الفلسطيني لشد الرحال إلى المسجد الأقصى واقتحام البوابات والمرابطة داخله للتأكيد على الحق الثابت في القدس والأقصى.
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس واشنطن بالتدخل العاجل لإلزام إسرائيل بالتراجع عن خطواتها في المسجد الأقصى، ودعا عباس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح لاجتماع عاجـل اليوم.
من جهته، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى التظاهر على طول حدود قطاع غزة احتجاجا على الإجراءات الإسرائيلية.
وعلى صعيد متصل، تعقد الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي اجتماعا طارئا للجنة المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في المنظمة لبحث التطورات الأخيرة في القدس، وذلك في مقرها بجدة الاثنين المقبل.