منذ إجبار الرئيس الأسبق محمد نجيب على الإقامة الجبرية في قصر زينب الوكيل، الذي يقع في منطقة المرج حاليًا، من قبل مجلس قيادة الثورة في نوفمبر عام 1954، لم يذكر اسمه في الوسط السياسي إلا صدفة.
ويعتبر محمد نجيب من أكثر الشخصيات السياسية التي تعرضت لأقصى أنواع التهميش، بالرغم من أنه كان ذات يوم رئيسًا للدولة وقائدًا عامًا للجيش، ولكن بعد الإطاحة به من الرئاسة، مسح اسمه من الوثائق وكافة السجلات والكتب، وكان يذكر في الوثائق والكتب أن عبد الناصر هو أول رئيس لمصر، كما منع ظهور نجيب أو ظهور اسمه تمامًا طوال 30 عامًا.
ولكن بدأ اسمه في الظهور على استحياء في عهد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، حيث ظهر اسمه في الكتب المدرسية، كما أطلق اسمه على إحدى الميادين في مدينة كفر الزيات بالغربية، بالإضافة إلى وضع اسمه على مدرستان بالإسكندرية، وأطلق اسمه على محطة مترو، وهي محطة مترو "محمد نجيب".
كما تم افتتاح متحف خاص بمحمد نجيب في القرية الفرعونية تضم مقتنياته وعدد كبير من الصور، عام 2007، وأثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ظهرت دعوات لإنصافه وإعطائه حقه تاريخيًا، من خلال تعديل بعض كتب التاريخ الدراسية واثبات أنه أول رئيس لجمهورية مصر العربية وليس الراحل عبد الناصر.
واليوم السبت رفع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اسم الرئيس الراحل محمد نجيب، عنان السماء، من خلال افتتاح أقوي قاعدة عسكرية تحمل اسم الراحل محمد نجيب، وسط حضور عربى من أمراء الدول العربية وسفراء عدد من دول المنطقة والعالم.
يعد محمد نجيب سياسي وعسكري مصري، وهو أول رئيس لجمهورية مصر بعد إنهاء الملكية وإعلان الجمهورية الذي تم في الثامن عشر من يونيو عام 1953.
كما يعد نجيب قائد ثورة 23 يوليو 1952 التي انتهت بعزل الملك فاروق ورحيله عن مصر، وتدرج محمد نجيب في المناصب الحكومية، فتولى منصب رئيس الوزراء خلال الفترة من الثامن من مارس 1954 إلى الثامن عشر من أبريل 1954، ومن ثم تولي منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، ثم وصل به التدرج إلى أن أصبح وزير الحربية عام 1952.
ولد محمد مجيب بالسودان، والتحق بـكلية "غردون" ثم بالمدرسة الحربية وتخرج منها عام 1918، ثم التحق بالحرس الملكي عام 1923، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1927.
كان نجيب أول ضابط في الجيش المصري يحصل علي ليسانس الحقوق، ومن ثم استطاع الحصول على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1929 ودبلوم آخر في الدراسات العليا.
في ديسمبر من عام 1931، ترقي إلى رتبة اليوزباشي "نقيب"، ونقل إلى سلاح الحدود عام 1934 في العريش، ثم أصبح ضمن اللجنة التي أشرفت على تنظيم الجيش المصري في الخرطوم بعد معاهدة 1936، وقد أسس مجلة الجيش المصري عام 1937 ورقي لرتبة الصاغ "رائد" في السادس من مايو 1938.
وفي الرابع من فبراير عان 1942، قدم محمد نجيب استقالته، وكان ذلك بعد الحادث الذي حاصرت فيه الدبابات البريطانية قصر الملك فاروق لإجباره على إعادة مصطفى النحاس إلى رئاسة الوزراء، وقد جاءت استقالته احتجاجًا لانه لم يتمكن من حماية ملكه الذي أقسم له يمين الولاء، إلا أن المسؤولين في قصر عابدين شكروه بإمتنان ورفضوا قبول استقالته.
ترقي قاعد قائد ثورة 23 يوليو إلى رتبة عقيد، في يونيو عام 1944، وفي تلك السنة عين حاكمًا إقليميًا لسيناء، وفي عام 1947 كان مسؤولا عن مدافع الماكينة في العريش، وحصل على ترقية لرتبة عميد عام 1948.
كما كان لمحمد نجيب مشاركة في حرب فلسطين، عام 1948، وأصيب أثناء تلك الحرب 7 مرات، وتقديرًا لجهوده، منح نجمة فؤاد العسكرية الأولى تقديرًا لشجاعته بالإضافة إلى رتبة البكوية، وعقب الحرب عين مديرًا لمدرسة الضباط، وتعرف على تنظيم الضباط الأحرار من خلال الصاغ عبد الحكيم عامر.
وفي 23 يوليو عام 1952 نفذت الحركة خطة يوليو والتي سميت بـ"الحركة التصحيحة" وانتهت بتنازل الملك فاروق عن العرش لوريثه ومغادرة البلاد، وفي عام 1953 أصبح نجيب أول رئيس للبلاد بعد إنهاء الملكية وإعلان الجمهورية.
وعقب توليه الحكم، أعلن نجيب مبادىء الثورة الستة، وحدد الملكية الزراعية، لكنه كان على خلاف مع ضباط مجلس قيادة الثورة بسبب رغبته في إرجاع الجيش لثكناته وعودة الحياة النيابية المدنية، ونتيجة لذلك قدم استقالته في فبراير، ثم عاد مرة ثانية بعد أزمة مارس.
لكن في الرابع عشر من نوفمبر1954، أجبره مجلس قيادة الثورة على الاستقالة، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية مع أسرته في قصر زينب الوكيل بعيدًا عن الحياة السياسية ومنع أي زيارات له، حتى عام 1971 حينما قرر الرئيس السادات إنهاء الإقامة الجبرية المفروضة عليه، لكنه ظل ممنوعًا من الظهور الاعلامي حتى وفاته في 28 أغسطس 1984.